يقرأون الآن.. "الأبنودى" يعود لـ"الجزء الرابع" من شخصية مصر

السبت، 12 يوليو 2014 04:02 م
يقرأون الآن.. "الأبنودى" يعود لـ"الجزء الرابع" من شخصية مصر الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كمن ينتظر زيارة الأحبة، اعتاد الخال عبد الرحمن الأبنودى، أن يعود فى شهر رمضان الكريم إلى أحب الناس إلى قلبه. فيحضر قلمه وأوراقه ويجلس على كرسيه المفضل، مصطحبًا فى يديه أحد الكتاب التاريخية أو المراجع المهمة، سواءً أكان يكمل قراءة موسوعة أو يعيد قراءة أحد الكتب المفضلة إليه.

وفى مثل هذه الأيام، يقرأ شاعرنا الكبير الجزء الرابع من كتاب "شخصية مصر" لجمال حمدان (4 فبراير 1928م - 17 أبريل 1993م) أحد أعلام الجغرافيا المصريين.

لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يقرأ فيها الخال الجزء الرابع من "شخصية مصر" وليست من محض مصادفة، فقد سبق وأن قرأ الكتاب بأجزائه الأربعة، ولكن لا حيلة فى العشق، فلهذا الجزء تحديدًا غرام لم يذوب مع الأيام، استولى على قلب الخال وأثره، فتجده يقول عنه: هذا الجزء تحديدًا شديد الصلة بى، فمن عاش فى الصعيد يستطيع أن يترجم رؤى جمال حمدان جيدًا، ويعرف قيمة إلهامه المصرى والتصاقه بكل صغيرة وكبيرة فى حياة الشخصية المصرية، من حيث مكوناتها، وسلوكياتها، وطبيعة الأرض المصرية بما فيها، من جيولوجيا وجغرافيا وإلى ما غير ذلك.


فى كل رمضان يعود الخال إلى قراءة جمال حمدان، فــ"الأبنودى" كما يقول يسمى شهر الصيام بشهر "الصناعة الثقيلة" وذلك لأن الإقبال عليه من الأصدقاء يكون قليلا، وبالتالى يكون لديه متسع من الوقت والفراغ، وهنا يعود إلى هوايته المفضلة، حيث القراءة بالورقة والقلم، كما يصفها قراءة منهجية، يعود فها إلى قرءة تاريخ ابن إلياس أو قصة الحضارة واستكملها، والمقريزى، وابن الأثير، رحلة طويلة لا تنتهى اعتاد الخال على التجول بين كل هذه الكتب فى شهر رمضان الكريم، لأنه شهر التركيز وصفاء الذهن وعدم الاستباحة فالاتصالات فيه قليلة وزواره أقل، كما يصف.

و"شخصية مصر" من أهم الكتب التى درست جغرافية مصر بأنواعها وقد قرر هذا الكتاب على طلبة الجغرافيا فى مصر كلها وذلك لما لهذا الكتاب من أهمية وما فيه من معلومات عظيمة وقد سماه شخصية مصر لما يدرسه من شخصية مصر الإقليمية والبشرية والزمانية والتكاملية فهو يتساءل عن يعطى منطقة ما تفردها وتميزها بين سائر المناطق محاولة أن ينفذ إلى روح المكان ليستشف عبقرية الذاتية التى تحدد شخصيته الكامنة.

إن علم الجغرافيا فى رأى جمال حمدان عاشق الجغرافيا هو علم متفرد متوحد مطلق لا علم نمطى متكرر نسبى فالجغرافيا كالتاريخ لا تعيد نفسها بالضبط ولا الإقليم يكرر نفسه ومن ثم فلا قانون للإقليم من حيث هو ولذلك فإن دراسة الإقليم لا تقتصر على الحاضر وإنما تترامى إلى الماضى وخلال التاريخ وهذا ما يدرسه هذا الكتاب الرائع.

وجمال حمدان، أحد أعلام الجغرافيا فى القرن العشرين، ولد فى قرية "ناى" بمحافظة القليوبية بمصر فى 12 شعبان 1346هـ ،4 فبراير سنة 1928م، ونشأ فى أسرة كريمة طيبة تنحدر من قبيلة "بنى حمدان" العربية التى نزحت إلى مصر فى أثناء الفتح الإسلامى.

وبعد الابتدائية التحق جمال حمدان بالمدرسة "التوفيقية الثانوية"، وحصل على شهادة الثقافة عام 1943م، ثم حصل على التوجيهية الثانوية عام 1944م، وكان ترتيبه السادس على القطر المصري، ثم التحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وكان طالبا متفوقا ومتميزا خلال مرحلة الدراسة فى الجامعة، حيث كان منكبا على البحث والدراسة، متفرغا للعلم والتحصيل

وفى عام 1948م تخرج فى كليته، وتم تعيينه معيدا بها، ثم أوفدته الجامعة فى بعثة إلى بريطانيا سنة 1949م، حصل خلالها على الدكتوراه فى فلسفة الجغرافيا من جامعة "ريدنج" عام 1953م، وكان موضوع رسالته: "سكان وسط الدلتا قديما وحديثا"، ولم تترجم رسالته تلك حتى وفاته.

وبعد عودته من بعثته انضم إلى هيئة التدريس بقسم الجغرافيا فى كلية الآداب جامعة القاهرة، ثم رُقّى أستاذا مساعدا، وأصدر فى فترة تواجده بالجامعة كتبه الثلاثة الأولى وهى: "جغرافيا المدن"، و"المظاهر الجغرافية لمجموعة مدينة الخرطوم" (المدينة المثلثة)، و"دراسات عن العالم العربي" وقد حصل بهذه الكتب على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1959م، ولفتت إليه أنظار الحركة الثقافية عامة، وفى الوقت نفسه أكسبته غيرة بعض زملائه وأساتذته داخل الجامعة

وفى عام 1963م تقدّم باستقالته من الجامعة؛ احتجاجا على تخطيه فى الترقية إلى وظيفة أستاذ، وتفرغ للبحث والتأليف حتى وفاته، وكانت فترة التفرغ هذه هى البوتقة التى أفرزت التفاعلات العلمية والفكرية والنفسية لجمال حمدان

وقد ترك جمال حمدان 29 كتابا و79 بحثا ومقالة، يأتى فى مقدمتها كتاب "شخصية مصر.. دراسة فى عبقرية المكان"، وكان قد أصدر الصياغة الأولى له سنة 1967م فى نحو 300 صفحة من القطع الصغير، ثم تفرغ لإنجاز صياغته النهائية لمدة عشر سنوات، حتى صدر مكتملا فى أربعة مجلدات خلال السنوات بين 1981م: 1984م

عُرضت عليه كثير من المناصب التى يلهث وراءها كثير من الزعامات، وكان يقابل هذه العروض بالاعتذار، مُؤْثِرًا تفرغه فى صومعة البحث العلمي، فعلى سبيل المثال تم ترشيحه عام 1983م لتمثيل مصر فى إحدى اللجان الهامة بالأمم المتحدة، ولكنه اعتذر عن ذلك، رغم المحاولات المتكررة لإثنائه عن الاعتذار.وعلى الرغم من إسهامات جمال حمدان الجغرافية، وتمكنه من أدواته؛ فإنه لم يهتم بالتنظير وتجسيد فكره وفلسفته التى يرتكز عليها.



موضوعات متعلقة..

الأبنودى يطالب الرئيس بمعاقبة أطباء رفضوا استقبال حالات التحرش

"يقرأون الآن".. الشاعر الكبير سيد حجاب يعيش مع "الجيبتانا" كتالوج المصريين.. الكتاب يتضمن 16 سفرا تناقلها القدماء منذ بدء الخليقة ويؤكد أن مصر هى أول إبداع إنسانى كبير





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة