يسير البعض بإرادة عاجزة عرجاء مسلوبة العقل والفكر، وبعين مغلقة لا تميز بين خيرها وشرها، لأنها صارت أسيرة العجز والكسل، قد لا تنشط إلا لشهوة مدمرة، لا تعرف غير طريق الشرود، لأنها عشقت الأرض ومن فيها بجهل وثقة عمياء، فاقتسمت وتشتت ونهلت من فناءها وجهلها.
قصر الحياة، لابد أن تأخذه مأخذ الجد، وتضعه فى عين الاعتبار, فلابد من تنشيط ذاكرة الخروج الآمن، بأنه لا تهاون فى حياتك لأشياء تبعدك وتهلكك عن طوق النجاة، فلا تتردد أمام طرق ووسائل الخير التى أمامك، فاغتنم الفرصة وساهم وشارك فى رقى عقلك وقلبك وذاتك، فالمبادرة السريعة وعدم تأجيل فعل الخير هنا مطلوب.
فليس كل تأنى فيه السلامة، فلا تتعامل مع ذاتك ببرود وغفلة تؤدى بك إلى هلاك روحك، بأن تتهاون فى الثوابت كصلاتك وفى كل ما يمس علاقتك مع ربك، فهناك أشياء أفسدها الكثير من المعاملات الخاطئة، فلا تتهاون فى إصلاحها، لابد أن تأخذ أمر حياتك مأخذ الجد، حتى لا تفاجئ بهلاك محقق ونهاية لا ترغب فيها.
فالتأنى هنا هو تردد وتباطؤ وتكاسل، قد يؤدى بك إلى هلاك ذاتك، فأنت تسرف وتتفنن فى وأد عمرك بضياع أيامك دون أن تدرى، بالإسراف فى ضياع وقتك الثمين، قم وحطم صخر العجز والكسل قم وحرك قواك الخفية لاستعادة ثباتك ونجاتك.
يقول أديسون: «إن الخسارة التى قد تقع من تأجيل عمل ما دقيقة واحدة، قد لا يعوضها الدهر الأبدى»!
وقد نجد الكثير منا يقع فى أخطاء فادحة قد تكلفه الكثير، وقد تهدد حياته بالخطر، نتيجة قرارات مندفعة، حمقاء، كان من الممكن تفاديها لو تمهلنا قليلاً فى فهم وإدراك طبيعة الحدث والظروف المواتية للزمان والمكان والاحتكام إلى العقل.
لابد الأخذ فى الاعتبار أن لا نساق إلى ردود الأفعال ولا نستسلم للأهواء، والميول النفسية والعاطفية فى الحكم على من حولنا، وفى اتخاذ قراراتنا، بل التأنى هنا مطلوب ولكن بحذر.
تأنى عند غضبك حتى لا تخسر الكثير، وفى اتخاذ القرارات المصيرية حتى لا تفقد أشياء عزيزة عليك، فهناك أمور قد لا يكون رجعة فيها، وخاصة فى الحكم على الآخرين، فالحذر هنا مطلوب لمعرفة الدوافع والظروف حتى لا نفقد أعز أحبابنا، نتيجة تهورنا ورد فعلنا السريع، وفى توجيه اللوم والعتاب فى موقف ما لابد من أخذ الحيطة والحذر أيضاً.
فقد صارت النفس سريعة الأطماع مما يؤدى إلى هلاكها، تسير بنهم إلى أطماع رخيصة زائلة، لكنها كسولة بطيئة فيما يرضى ربها. فليس فى كل تأنى سلامة، وليس فى كل تسرع ندامة، طهر أعماقك ونشط هرمون حياتك، وأغتنم لحظة صادقة مع ذاتك وربك، ولا تفرط فيها، حتى لا تظل بين مد وجزر، وحتى لا يهن عزمك، وتضعف إرادتك وقوتك الفكرية والجسدية، ابدأ الآن وضع حداً فاصلاً لهواجس الشك واليقين بداخلك، فإهمال النفس هلاك لها، ففر إلى الله ولا تتهاون فى ذلك مهما كان .
