استضاف المجلس الرمضانى لمركز الشارقة الإعلامى مساء أمس الأول (الأربعاء)، كوكبة من نجوم الملحمة التاريخية "عناقيد الضياء"، العمل الفنى الضخم الذى دشن احتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2014، فى أمسية أقيمت بحضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مركز الشارقة الإعلامي، وشهدت حضور جمهور كبير من مختلف الجنسيات.
وشارك فى الجلسة التى أقيمت فى مركز إكسبو الشارقة تحت شعار "حوار على الخطوط بين المسافات" كلٌ من الفنان خالد الشيخ، والفنان على الحجار، والفنان لطفى بوشناق، والمخرج أحمد منجد الشريف، وأدارتها الدكتورة والأستاذة الجامعية نادين الأسعد.
وقال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى، إن ملحمة "عناقيد الضياء" التى قدمتها الشارقة رسالة إلى العالم حتى تتعرف من خلالها الشعوب على القيم الإسلامية النبيلة، أحدثت تحولاً فى المشهد الفنى العربى والعالمي، لما تمتعت به من إمكانيات فنية وتقنية هائلة، وأسهمت فى إثراء المنظومة الفكرية العالمية بعمل فنى يخدم الثقافة الإسلامية ويبرزها، لترتوى بفكرها وروحها أجيال الحاضر والمستقبل. مضيفاً أن تخصيص إحدى أمسيات مجلس الشارقة الرمضانى لنجوم هذا العمل، جاء فى إطار الحرص على تعريف الجمهور بكواليس العمل ودوره فى خدمة صورة الإسلام الحقيقية المبنية على التسامح والمحبة والسلام، مشيراً إلى أن هناك جهوداً تبذل حالياً لعرض العمل مرة أخرى على مسرح المجاز، وفى دول عربية وأجنبية.
وحضر الجلسة كل من سعادة أسامة سمرة، مدير مركز الشارقة الإعلامى، وسعادة خليفة الشيبانى مدير عام وقاية، وسعادة هشام المظلوم، مدير إدارة الفنون فى دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، والدكتورة بروين حبيب، الشاعرة ومقدمة برنامج "حلو الكلام" فى تلفزيون دبى، والدكتور جاسم خلفان، ناشط وطنى وكاتب إماراتى، وعدد من الشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية.
وقال سعادة أسامة، سمرة رئيس اللجنة الإعلامية لاحتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية 2014، إن الظروف التى واكبت إنتاج العمل شهدت الكثير من الضغوطات والتوترات بسبب ضيق الوقت، حيث تنقل فريق العمل خلال فترة أربعة أشهر ما بين بناء مسرح المجاز، وتلحين العمل، وعمل التدريبات، والكثير من الأشياء الأخرى، ومع ذلك كان أعضاء الفريق سعداء وفخورين بالعمل الذى يقومون به لإبراز الصورة الحقيقية للإسلام، وتأكيد الدور الذى تلعبه إمارة الشارقة فى إرساء السلام والمحبة بين الشعوب.
وأعربت الدكتورة نادين الأسعد عن سعادتها بوجودها فى إمارة الشارقة التى اعتبرتها قبلة للعمل الثقافى عربياً وإقليمياً، بفضل ما تنظمه من فعاليات مميزة ومتواصلة تعزز الحياة الثقافية فى دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، وأشارت إلى أن مشاركتها فى تقديم خامس أمسيات المجلس الرمضانى لمركز الشارقة الإعلامى والمخصصة لنجوم ملحمة "عناقيد الضياء" جاءت من منطلق إعجابها بهذا العمل الفنى العالمى المبهر الذى نقل التاريخ إلى الحاضر، وسيظل محفوراً فى ذاكرة كل من شاهده إلى الأبد.
وتحدث الفنان لطفى بوشناق فى بداية الجلسة عن مشاعره عندما عرض عليه المشاركة فى "عناقيد الضياء"، قائلاً إنه وجد نفسه فى كل مشهد وكل لحظة من هذا العمل عندما قرأ النص للمرة الأولى، مشيراً إلى أنه لا يقبل إلا الأعمال التى يضيف لها وتضيف له، ولذلك قبل بالعمل بعد تيقنه من أنه سيبقى فى الذاكرة إلى الأبد، وسيكتب عنه التاريخ طويلاً، معتبراً أن "عناقيد الضياء" يعتبر من أعظم الأعمال التى شارك فيها طوال تاريخه الفني. وأكد أنه تأثر كثيراً بالأجواء الروحانية التى تضمنها العمل، وخاصة مشاهد رحلة الإسراء والمعراج ووفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، التى أوجدت فى داخله شعوراً إيمانياً لا حدود له، وزادت من افتخاره بدينه وعروبته.
وقال بوشناق أن قيمة "عناقيد الضياء" الحقيقية تكمن فى كونه يبرز صورة الإسلام السمحة المبنية على قيم التسامح والمحبة، ويشكل رسالة سلام إنسانية إلى العالم الذى أنهكته الحروب والصراعات، مضيفاً أن أهميته تزداد فى الزمن الراهن بسبب الصورة المشوهة التى يحملها الغرب عن العرب والمسلمين، والتى لا تعبّر عن جوهر الدين الإسلامى المبنى على احترام كل الشعوب والحضارات، والتعامل مع الآخر، الغريب والمختلف، باحترام وعدل وخير، وبكل القيم الأخرى التى نجح العمل فى تذكير الناس بها، مضيفاً أن الروح الثقافية التى يحملها العمل، تنسجم مع هوية الشارقة وحضورها الثقافى البارز، وتعكس فى الوقت ذاته أهمية الثقافة فى التعرف على ماضينا المشرق وبناء مستقبل تفخر بها الأجيال.
وانتقلت دفة الحوار إلى الفنان والملحن خالد الشيخ الذى رجع بذاكرته إلى اللحظات الأولى التى تسلّم فيها نص العمل عبر البريد الإلكتروني، مشيراً إلى أنه لم يستوعب الفكرة فى البداية لأنها كانت صعبة ومعقدة، فقرر السفر إلى الشارقة للقاء فريق العمل، وهناك شعر بأنه مقبل على مغامرة لإنتاج عمل غير مسبوق عن تاريخ الإسلام، مضيفاً أن عبارة "يا محمد" التى كان يرددها فى الطائرة أثناء توجهه إلى الشارقة كانت مفتاح العمل، وبناءً عليها تم تحويل نص قصيدة "عناقيد الضياء" للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوى إلى أماكن وأحداث وتفاصيل تثير دهشة الجمهور بطريقة عرضها لقيم التسامح فى الدين الإسلامي، من خلال استعراض سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، بكل ما فيها من قيم نبيلة وأخلاق سامية.
وأشاد خالد الشيخ بدعم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للعمل من خلال لقاءات سموه مع فريق العمل، وزيارته لهم أثناء مرحلة الاستعدادات الأخيرة لعرض "عناقيد الضياء" أمام الجمهور، وأكد أن لقاءات الفريق مع صاحب السمو حاكم الشارقة كانت غنية بما تضمنته من نقاشات إنسانية ومعرفية وتاريخية وبعد ثقافى لا محدود، مؤكداً أن توجيهات سموه بتقديم عمل غير مسبوق يبرز العمل صورة الإسلام الحقيقية، بكل ما ينطوى عليه من حب وتسامح وعدل وخير لجميع الخلق، شكلت تحدياً لكل أفراد الفريق لأن يكونوا على قدر هذه المسؤولية، وينتجوا عملاً تقدمه الشارقة إلى مليار ونصف مليار مسلم ينتشرون على امتداد العالم.
وعرض الفنان على الحجار جانباً إنسانياً مؤثراً من كواليس العمل، قائلاً إن فريق "عناقيد الضياء" ضم ممثلين وفنيين من مختلف الدول، ممن يدينون بالإسلام أو يتبعون أدياناً ومذاهب أخرى، وكانت الاستعانة بهم ضرورية باعتبارهم خبراء فى مجال عملهم، مضيفاً أن كثيراً منهم بكى مرات عديدة أثناء التدريبات تأثراً بما يحمله الإسلام من قيم إنسانية كانت غائبة عنهم، وبعضهم كان كثير الاستفسار عن الدين الإسلامى وتعاليمه، مؤكداً فى هذا الإطار أن العمل يمثل رسالة دعوية لاكتشاف جوهر الإسلام وسماحته، وهو ما يدفع إلى عرضه فى الدول الغربية، باعتباره عملاً يعزز القيم الأصلية ويسهم فى ترسيخ السلام بين الدول والشعوب.
وتناول الحجار بعض المفاهيم الفنية التى أسهم العمل فى تسليط الضوء منها، ومن أبرزها أن اللحن الجميل والصورة المبهرة قادران على الوصول إلى الناس بشكل سريع والتأثير فيهم بعمق، حتى فى القضايا التاريخية التى يعرفها الناس منذ زمن طويل، مضيفاً أن الشكل الفنى لهذا العمل كان أقرب إلى الأوبرا لأن التمثيل فيه كان قليلاً، وحضر خلاله الغناء واللحن بقوة، معرباً عن ثقته بإن إنتاج مثل هذه الأعمال سيكون قادراً على جذب جمهور كبير ومتنوع، مضيفاً أن "عناقيد الضياء" سيظل علامة فارقة فى تاريخ الفن العربى والإسلامى لما لاقاه من نجاح باهر.
وتحدث المخرج أحمد منجد الشريف عن كثير من التفاصيل الفنية المرتبطة بالعمل، فقال أن جوهر العمل من الناحية الفنية تمثل فى تحويل الأبيات الشعرية إلى مشاهد مسرحية مصورة، مع التركيز على استخدام الضوء انسجاماً مع عنوان العمل وتعبيراً عن نور الإيمان الذى ينبع داخل الإنسان المسلم. مضيفاً أن الموسيقى والألحان أسهمت فى إيصال الكلملة إلى الجمهور بشكل سهل وسريع، وهو ما تحقق من خلال فريق العمل الذى اجتهد بشكل جماعى لتقديم ملحمة فنية تركز على تأثير الإيمان فى النفس البشرية وانعكاساته على الحياة العامة من خلال تعامل الإنسان مع أفراد المجتمع المحيط به.
وأضاف الشريف أن المسرح لم يعد اليوم فناً جامداً، وإنما أصبح يجمع بين سرعة الإيقاع وإبهار الصورة، ويهتم بشكل اللحن ومضمون، مشيراً إلى أن اللحن هذب الكلمة وجعلها قريبة من الناس أكثر، ولذلك فقد أعجب الجمهور بالعمل، لأنه أرجعهم إلى الحقيقة، من خلال كلمات موجودة فى حياتهم، ولكنها مغيبة عن واقعهم، مطالباً بتدريس هذا العمل، تقنياً وفنياً فى المدارس والجامعات حتى يتعلّم الجيل الجديد مهارات التعريف بتاريخه وحضارته، ويكتشف القيم العظيمة الكامنة فى دينه الذى كان دائماً دين عدل وتسامح ومحبة.
ولم تخلو الأمسية من المواقف الطريفة والغريبة والمؤثرة التى تناوب نجوم العمل على ذكر بعضها، إلى جانب المداخلات التى أثرت الموضوع، فيما استمتع الجمهور بمقاطع متنوعة من العمل بأصوات الفنانين خالد الشيخ ولطفى بوشناق وعلى الحجار، جعلتهم يحيون أجواء "عناقيد الضياء" من جديد، فى ليلة اقترب فيها شهر رمضان المبارك من منتصفه، ولم تغادرها سيرة الرسول الكريم محمد صلى الله وعليه وسلم، وسط تأكيدات على أن العمل سيعرض من جديد على مسرح القصباء قبل أن يجوب العالم ناشراً رسالة التسامح والسلام باسم إمارة الشارقة، عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2014.
ومن المقرر أن تقام يوم الاثنين المقبل 14 يوليو الجلسة السادسة من المجلس الرمضانى لمركز الشارقة الإعلامى، والتى ستخصص لبحث موضوع برامج البث المباشر ودورها فى بلورة الوظائف الحقيقية للإعلام، وفى صياغة القرارات، والمساهمة فى التنمية المجتمعية. وسيشارك فى الجلسة كل من محمد خلف، مدير إذاعة وتلفزيون الشارقة، وعبدالله بن خصيف (أبو راشد)، مقدم برنامج "الرابعة والناس" فى إذاعة عجمان، وراشد الخرجى (أبو عمر)، مقدم برنامج "البث المباشر" فى إذاعة نور دبي، وأحمد المجيني، مقدم برنامج "استديو واحد" فى إذاعة أبوظبى، ومحمد غانم مصطفى، مدير عام إذاعة رأس الخيمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة