ينطبق قول (يهرف بما لا يعرف) على كل من يتحدث فيما لا يفقه (وهم كثٌر) فالبعض للأسف الشديد تحول (لأبو العريف) الذى يفهم فى كل شىء ويجادل فى كل شىء مدعياً للفهم وللأسف أيضا وجد الكثير البيئة المناسبة هذه الأيام فقد تحولت مصر إلى سوق كبير لبيع الكلام ولا شىء غير الكلام.
فقد كان ومازال للإعلام الدور الأكبر فى تلك المشاهد المؤسفة وهى (المكلمة) فتجد المتحولون والمتسلقون مثل (قرود الجبلاية) ينتقلون من قناة إلى أخرى فى خفة ورشاقة متناهية وكأن وسائل المواصلات متاحة (والشوارع فاضياااااااا) فلا نكاد ننتقل من قناة إلى أخرى إلا ونجد تلك الأشكال متوفرة وكأننا انتقلنا من ملوك الدين إلى ملوك الوطنية ثم ظهر على الساحة ملوك الكلام.
وتذكرت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن إحدى علامات القيامة بقوله (يوم تنطق الرويبضة) قالوا وما الرويبضة يا رسول الله قال ( الرجل التافه يتحدث فى أمور العامة ) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم- (إن صح عنه الحديث ).
أنا لا أنكر على أحد ظهوره الإعلامى المتكرر طالما عنده من اليقين ما يقوله بل ومن الممكن أن يكون خبيرا فى مجاله، ولكن إنكارى هنا على الذين أخذوا تلك المكلمة مهنة و( سبوبة ) لتعيش منها، والخطورة هنا أنه على استعداد لعمل أى شىء مقابل بقائه على الساحة حتى لو أفتى بغير علم عنده، أو إطالة فترة المجادلة بعلم أو بغير علم حتى يطول فترة بقائه على الشاشة أو على الساحة الكلامية.
لقد مل الناس هؤلاء العينة من البشر التى تحاول أن تجيد فى كل مناحى الكلام، ولم يعد هناك وقت للكلام والتحليلات فهذه المهنة لابد أن تندثر فقد بدأنا فى عصر جديد عصر أقل ما يقال عنه (عصر العمل فى صمت) فمصر تحتاج التكاتف للنهوض ولا تحتاج كثرة المجادلة بحق أو بباطل فكثرة الجدال تنمى الضغائن والأحقاد بين الناس وليس هذا هو الوقت المناسب لمثل تلك المجادلات والمكلمات.
لقد جربنا الكلام وأهله فترة كبيرة من تاريخ الوطن ومكثنا سنوات عجاف لا نجيد فيها إلا الكلام والتحليلات، والآن جاء الدور على العمل ولاشىء غير العمل فلن نشبع رمق البطون بالكلام والمهاترات والمجادلات ولن ننهض بالبناء ونحن لا نتوقف عن الكلام فالعمل عامة يحتاج للصمت حتى نجيدز
فجميع موروثاتنا الدينية منها قبل الحياتية تدعونا للعمل وتجنب الكلام، فالكلام مهنة من لا مهنة له وهذا رسولنا ( صلى الله عليه وسلم ) يقول (فليقل خيرا أو ليصمت ) وغيره الكثير من هدى رسولنا الكريم فهو يدعونا للعمل وللإقلال من الكلام وإن كان لابد من الكلام فيجب أن يكون الكلام فى حدود ما نعرف ونعلم علم اليقين وليس كلام مرسل معلومة من هنا ومن هناك دون التيقن منها فمثل تلك الأمور تثير البلبلة فقط فى المجتمع وهى أقرب للكذب الذى لا سند له.
يجب أن ننتبه جميعا أن الكلمة أمانة وأنه بكلمة توقد نار الحروب وبكلمة تبنى مجتمع فيجب علينا جميعا أن ننهض للعمل والدعوة إليه ونترك مهاترات الكلام التى مللناها فترة كبيرة من تاريخ هذا الوطن وإذا تحدثنا فيجب أن نتحدث فيما نعرف .
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة