نشرت الصفحة الرسمية لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالمملكة العربية السعودية تقريرًا تعرض فيه للعلاقة بين الإسلام والولايات المتحدة بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم.
وقالت الصفحة، إن مؤسسى الولايات المتحدة كانوا مطّلعين على الإسلام، وقد أنشأوا علاقات متينة مع زعماء البلدان الإسلامية منذ بزوغ الجمهورية الوليدة. والواقع أن بعضًا من أوائل المعاهدات التى وقّعت بين الولايات المتحدة ودول أجنبية كانت مع بلدان إسلامية، من بينها مرّاكش وولايتا طرابلس وتونس العثمانيتان.
وأوضح التقرير أن الحرية الدينية هى حجر الزاوية فى الدستور الأميركى وقانون الحقوق اللذين يحدّدان حقوق المواطنين وتنظيم الحكم فى الولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن كانتوماس جفرسون وجيمس ماديسون كانا مدافعيْن شديديْن عن الحرية الدينية، وكانا يريدان تشجيع ديمقراطية مزدهرة وحاضنة للجميع. وبالتالى، فإن فقرة فى الدستور تدعم هذه الغاية بالنص على أنه: "لن يكون هناك إطلاق اختبار دينى موجب كشرط" للحصول على منصب حكومى. ومع ذلك، فإن المندوبين إلى المؤتمر الدستورى فى العام 1787 أبدوا قلقهم من أن ذلك ليس كافيًا للحيلولة دون وضعية دين تدعمه الدولة.
وقد أجاز الكونجرس المشكّل جديدًا، التعديلات العشرة الأوائل على الدستور، والتى سمّيت قانون الحقوق، لتوضيح قضايا معينة. وتطرّق التعديل الأول للحرية الدينية بهذه العبارة: "إن الكونجرس لن يسنّ أى قانون يراعى مؤسسة دينية بالذات، أو يحظر الممارسة الحرة لمؤسسة من هذا القبيل".
واقترح ماديسون الذى قام بتمرير هذا التعديل خلال الكونجرس، قانون الحقوق يوم 8 يونيو، 1789، مدلّلا على معارضته لأى دين رسمى للدولة. وقال بهذا الخصوص: "لن يتم انتهاك الحقوق المدنية لأى شخص بسبب معتقداته الدينية أو عبادته، ولن يتم تأسيس أى دين قومى، أو تنتهك حقوق الضمير الكاملة والمتساوية بأى صورة من الصور، أو بأية ذريعة".
وقد وافق على ذلك معظم الأميركيين- فقد تم التصديق على قانون الحقوق بأغلبية الثلثين الضرورية فى كلا مجلسى الكونجرس فى شهر سبتمبر 1789، وبأغلبية ثلاثة أرباع الولايات بحلول شهر ديسمبر 1791.
وتابع التقرير الذى نشرته صفحة السفارة الأمريكية بالرياض: ينصّ التعديل الأول على الفصل بين الدين والدولة، وهو تعبير صاغه توماس جفرسون فى رسالة بعث بها فى العام 1802 إلى أقلية دينية تسمّى "معمدانيّو دانبرى" فى ولاية كنيتيكت.
قال جفرسون: " إننى أشارككم الاعتقاد بأن الدين أمر يكمن فقط بين الإنسان وخالقه، وأن الإنسان لا يحاسب فى ذلك أمام أى كان سوى دينه أو عبادته، وأن السلطات المشروعة للحكومة تمسّ الأفعال فقط وليس الآراء، فإننى أتفكّر بأسمى احترام فى ما قام به الشعب الأميركى بأكمله حينما أعلن أن "مجلسه التشريعى لن يسنّ أى قانون يراعى مؤسسة دينية بالذات، أو يحظر الممارسة الحرة لمؤسسة من هذا القبيل. وبالتالى فإنه أقام جدارًا فاصلا بين الدين والدولة". وقد اجتاز تفسيره وتعبيره اختبارات الزمن والمداولات العديدة للمحكمة العليا.
أما بالنسبة للروابط المبكّرة مع بلدان إسلامية. أوضح التقرير أنه فى عام 1777، وحتى قبل تنصيب جورج واشنطن رئيسًا لأمريكا، اعترفت مرّاكش بالولايات المتحدة دولة مستقلة، وفى العام 1786 وقّعت واحدة من أوائل المعاهدات مع الولايات المتحدة. وقد نمت العلاقات مع مرّاكش وازدهرت منذ أكثر من 225 سنة.
وقد استخدم جون آدامز وتوماس جفرسون، فى رسالة بعثا بها إلى سلطان مرّاكش لإتمام معاهدة السلام والصداقة بين الولايات المتحدة ومرّاكش، التقويم الهجرى بدلا من التقويم الجريجورى. واختتما رسالتهما بالعبارة التالية: "نتضرع إلى المولى العلى القدير، مالك الملك وحده، أن يحمى فخامتكم".
وأثناء فترة رئاسته، وقّع جون آدامز معاهدة مع باى تونس فى العام 1797 تنصّ على أن أى "ذريعة ناجمة عن آراء دينية لا يمكن لها إطلاقًا أن تعطّل الانسجام القائم بين بلدينا".
وفى السياق ذاتة قال التقرير إن الرؤساء الأميركيين حافظوا على مرّ الزمن على روابط متينة مع العالم الإسلامى. فالرئيس جون كوينسى آدامز، طيلة حياته العملية كعضو فى مجلس الشيوخ وكسادس رئيس للبلاد وكعضو فى مجلس النواب بعد رئاسته، ظل مناصرًا لحقوق العبيد، بمن فيهم الأفارقة المسلمون. وساهم فى تحرير عبد الرحمن إبراهيم بن سورى واستقبله فى البيت الأبيض.
وأشار آدامز إلى ذلك فى مذكّراته. كما أفلح آدامز فى دفاعه عن أسرى من غرب إفريقيا، يعتقد الباحثون الأكاديميون أنه كان بينهم مسلمون، بعد أن تمرّد هؤلاء على ظهر سفينة العبيد لا أميستاد بمحاذاة شاطئ لونغ آيلاند فى نيويورك. وقد عُرفت قضيتهم فى المحاكم باسم قضية: الحكومة الأميركية ضد المطعون بهم والمطالبين بالمركب أميستاد.
وكانت الصداقة التى أبداها الرئيس ميلارد فيلمور تجاه الإمبراطورية العثمانية حافزًا للسلطان على إهداء كتلة تذكارية من الرخام إلى نصب واشنطن، نقش عليها عبارة: "مساهمةً فى تخليد الصداقة القائمة بين البلدين، كُتب اسم عبدالمجيد خان على نصب واشنطن". ويمكن مشاهدة هذا الإهداء داخل النصب وعلى علو 60 مترًا.
ومن الوقائع الأخرى الجديرة بالتنويه أن ضابطًا برتبة لواء فى الجيش التونسى، اسمه حسين، كتب رسالة تشجب الرق وسلّمها إلى القنصل الأمريكى فى تونس الذى رفعها بدوره إلى وزير الخارجية وليام إيتش سيوارد، ثم اطلع عليها الرئيس إبراهام لينكولن الذى أعجب بها إلى درجة أنه أمر بإعادة طبع نصها بأكمله ونشره على نطاق واسع. وقد شرح اللواء حسين فى رسالته كيفية إلغاء العبودية فى تونس ووصايا القرآن الكريم حول هذا الموضوع. وامتدح دعاة إلغاء الرق الأميركيون الرسالة التى نوقشت على نطاق واسع فى الصحافة الأميركية. وفى العام 1865، ألغى الرق رسميًا فى الولايات المتحدة.
وقد تبادلت المجاملات والضيافة بين الرؤساء الأمريكيين والزعماء المسلمين حتى القرن العشرين فيما ازداد نطاق التواصل بين الجانبين. وفى العام 1957 ألقى الرئيس دوايت دى آيزنهاور أول خطاب يلقيه رئيس للولايات المتحدة فى مسجد أمريكى، حينما دشّن المركز الإسلامى فى واشنطن فى ذلك العام. ويشتهر هذا المسجد بعمارته وتصميماته الرائعه. وقد أبرزت النبأ صحيفة نيويورك تايمز على صدر صفحتها الأولى، مشيرة إلى أن آيزنهاور وقرينته خلعا حذاءيهما احترامًا لقدسية المسجد.
وكان الرئيس الأمريكى، وهو جنرال سابق، قد آزر الجنود المسلمين فى القوات المسلحة، واستشهد كثيرًا بالقيم الإسلامية. ونوه بأن احترام الأمريكيين لأنفسهم نابع من تمسكهم بالحقوق الجوهرية مثل الحرية الدينية.
وفى حفل التدشين، أعلن الرئيس آيزنهاور عن ترحيبه بالمسجد الجديد "فى كنف الدستور الأمريكى وفى ظل التقاليد الأمريكية وفى قلوب الأميركيين". وأضاف قائلا: "إن أمريكا ستحارب بكل ما أوتيت من قوة للدفاع عن حقكم بأن يكون لكم بيت للعبادة وفقًا لما يمليه ضميركم".
أما الرئيس رتشارد نكسون فقد دعا الدكتور على عبد القادر، مدير المركز الإسلامى فى واشنطن، لحضور مراسم تنصيبه. ثم أهدى نكسون المسجد قنديلا زجاجيًا عربونًا للصداقة والاحترام. وتضمّنت مراسلاته الخاصة مع الزعماء المسلمين التهانى بمناسبة الأعياد، ومن جملتها برقية إلى الرئيس المصرى أنور السادات يعبر فيها عن أطيب تمنياته بمناسبة حلول عيد الأضحى.
وفى العام 1974، كان جيرالد فورد أول رئيس أمريكى يوجّه رسميًا رسالة إلى جميع الأمريكيين المسلمين بمناسبة عيد الفطر، منوهًا بأنه "منذ قرابة 200 عام وأمتنا تستلهم قوتها من التعددية فى سكانها ومعتقداتهم. وقد تعززت هذه القوة إلى حد كبير بفضل تراثكم الدينى". ومنذ ذلك الحين، أصبحت رسالة التهنئة السنوية بعيد الفطر عرفًا يتّبعه معظم الرؤساء.
أما الرئيس جيمى كارتر فقد تحدّث مرارًا وتكرارًا عن احترام أمريكا للمسلمين. وقال فى اجتماع للعلماء المسلمين فى العام 1980 "إنه لا خلاف بين الولايات المتحدة والشعوب المسلمة، وإن لها روابط عريقة مع الإسلام، وتكنّ احترامًا عظيمًا لمبادئ هذا الدين".
الرئيس رونالد ريجان عيّن أول سفير مسلم، وهو روبرت ديكسن كرين، سفيرا للولايات المتحدة فى الإمارات العربية المتحدة، ورشّح شيرين طاهر- خيلى لعضوية مجلس الأمن القومى. وخدمت شيرين طاهر- خيلى أيضًا فى حكومة الرئيسين جورج بوش الأب وجورج بوش الابن. وأقرّ كلا الرئيسين بأن القيم الإسلامية تتوافق مع القيم الأميركية.
ودعا الرئيس بيل كلينتون الزعيم الأمريكى-الأفريقى المسلم، وارث الدين محمد، إلى الحديث فى جلستى الصلاة والدعاء اللتين شارك فيهما ممثلون لأديان متعددة بمناسبة تنصيبه. وعيّن كلينتون مواطنين مسلمين فى مناصب حكومية مهمة، كما استضاف أول وليمة إفطار فى البيت الأبيض خلال شهر رمضان.
أما الرئيس باراك أوباما فقد شدّد فى خطب ألقاها داخل أمريكا وخارجها على أهمية علاقات الولايات المتحدة مع المجتمعات الإسلامية. وقال فى خطابه فى القاهرة فى العام 2009: "إن أمريكا والإسلام ليسا متباعدين، ولا يوجد داع للتنافس بينهما؛ إنما هما يتقاطعان ويتشاطران مبادئ مشتركة". ثم أضاف:" ليس ثمّة شك فى أن الإسلام جزءٌ من أمريكا".
موضوعات متعلقة..
واشنطن بوست: مخابرات أمريكا مخولة بالتجسس على كل دول العالم باستثناء أربعة
الإندبندنت: أمريكا تحذر المطارات الغربية من متفجرات إرهابية غير صلبة
صفحة السفارة الأمريكية بالسعودية تعرض تقريرا مفصلا عن العلاقة بين الإسلام والولايات المتحدة.. وتكشف: “آيزنهاور” ألقى أول خطاب له فى مسجد أمريكى.. و“نكسون” أهدى مسجدا قنديلا كعربون للصداقة والاحترام
الثلاثاء، 01 يوليو 2014 03:07 م
الرئيس الأمريكى دوايت دى آيزنهاور
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة