شريف عصام البدالى يكتب: دقيقة ونصف

الثلاثاء، 01 يوليو 2014 08:03 م
شريف عصام البدالى يكتب: دقيقة ونصف المكوك الفضائى تشالنجر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الثامن والعشرين من يناير 1986 كانت أمريكا على موعد مع تحدى جديد واختبار حقيقى، ففى الدقيقة التاسعة والثلاثين بعد الساعة الحادية عشرة من صبيحة هذا اليوم الشتوى البارد تناثرت فى سماء فلوريدا، وعلى مسافة ثلاثة عشر كيلومترات من سطح الأرض قطع المكوك الفضائى تشالنجر بعد دقيقة ونصف فقط من إقلاعه متوجها للفضاء لجمع معلومات عن المذنب هالى، وذلك عندما يمر المكوك بأقرب نقطة للشمس، وحيث هذه الفرصة لا تتحقق إلا بعد ستة وسبعين عاماً هى مدة دوران المذنب هالى، كانت هذه الرحلة المسماة "إس تى إس -51 إل (STS-51L)" انطلقت بعد تأجيل ثلاث مرات وذلك مع علم إدارة ناسا بالظروف الجوية غير المواتية فى هذا الصباح الحزين.
كان حوالى سبعة عشر بالمائة من الأمريكيين شاهدين على وقوع الكارثة تليفزيونياً حيث لقت هذه الرحلة اهتماماً جماهيرياً، وذلك بسبب وجود معلمة الأطفال كريستا مكأوليف أول معلمة تصعد الفضاء ضمن مشروع "معلم فى الفضاء" حيث تم اختيارها من بين أحد عشر ألف متقدم لتكون أول معلمة تقوم بأداء تجارب علمية لأطفال المدارس من الفضاء ولكن القدر لم يمهلها أن تصل لحلمها.

الكارثة العلمية والإنسانية التى تمثلت فى انفجار المكوك الفضائى تشالنجر ووفاة رواده السبعة كانت عامل ضغط على الرئيس الأمريكى رونالد ريجان لتكوين لجنة علمية بحثية للتحقيق فى أسباب الحادث عرفت آنذاك بلجنة "روجرز" مكونة ثلاثة عشر عضواً من العلماء والباحثين ورواد الفضاء .

كان عالم الفيزياء الفذ ريتشارد فاينمان وعضو لجنة روجرز على موعد مع مفتاح حل اللغز حيث أثبت فى تجربة علمية بعد بحث حثيث فى جلسة استماع تليفزيونية للجنة أن سبب الكارثة هو دوائر المطاط المستخدمة فى ربط أجزاء المكوك حيث وضع قطعة منها فى كوب ملئ بالثلج وقام بضغطها حيث تأثرت بشدة مما يعنى أن تلك الدوائر المستخدمة فى الربط بين صواريخ الدفع، وصهاريج الوقود قد تأثرت بشدة من حرارة الجو المنخفضة واندفاع المكوك السريع فى ذلك الصباح الأليم مما أدى تسرب الوقود وحدوث الانفجار، وأن قرار ناسا بإطلاق المكوك رغم علمها بوجود عيوب فنية وعوائق مناخية كان قرار متسرع وذلك يرجع لتأجيل هذه الرحلة ثلاثة مرات، وإصرار الإدارة على عدم تفويت فرصة مرور المذنب هالى التى لن تتكرر إلا بعد ستة وسبعين عاماً.
هذا وتبقى هذه الدقيقة والنصف درساً تاريخياً يصنع أسلوباً جديداً من الإدارة يعزز بقوة سياسات اتخاذ القرار داخل المؤسسات الحساسة، وكيف أن قرار اتخذ دون دراسة وافية لكل ملابساته أودى بحياة سبعة أشخاص وتسبب فى فقدان البشرية مشروع عظيم على طريق تقدمها، ولكنه سيظل درسا قيما لما يملك إرادة التغيير.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة