لفت انتباهى مقولة للسيد/ صبرى مجدى صبرى، مساعد وزير الخارجية، فى ندوة "مصر والوحدة الإفريقية بمناسبة مرور خمسين عامًا على القمة الإفريقية الأولى (1964-2014)، يوم الخميس الموافق 22 مايو 2014، بالمجلس الأعلى للثقافة، بدار الأوبرا، فقد ذكر أنه أثناء عمله فى تنزانيا وأوغندا، قد طالع فى كتبهم المدرسية بنفسه كم هى نظرتهم سيئة للعرب، وكان هذا التناول فى جو يسوده الحديث الغائم عن الدور التاريخى لمصر فى أفريقيا والأيادى البيضاء على القارة السمراء.
هُنا تحديدًا جال بخاطرى - وما أكثر ما يدور برأسى المعبأ، بأحاديث التاريخ المترفة- عن العلاقات التاريخية بين مصر وإفريقيا، والعلاقات العربية وإفريقيا، وتصطدم معارفى التاريخية وبعض ما يتشدق به المصريون/العرب عن هذا الدور، لأفاجأ بأن دورنا التاريخى يبدأ وينتهى بتاريخ "عبد الناصر" وقد يظن بى الإجحاف بتلك اللحظة التاريخية، لكن؛ هنا أود التوضيح، بأن ما ندعيه بقولنا دور" عبد الناصر" إذا ما انتزع من سياقه التاريخى سيؤدى حتمًا إلى مغالاة بعضنا فى إحاطة هذا الدور بهالة لا يتحملها.
إن سنوات "ناصر" التحررية لم تكن من نصيب "ناصر" وحدة، لكنها، كانت سمة تحررية عالمية، قد استطاعت أن تتواصل فيما بينها، للمساعدة على تحقيق منجز واقعى على الأرض، فمن منا ينكر دور النزعة التحررية فى الغرب الاستعمارى نفسه، بمعنى من ينكر تلك الأصوات التى ملأت الفضاء الغربى نفسه، لعل على سبيل المثال أن يتم ذكر "سارتر" هنا، والذى جاء إلى مصر المستقلة، فى ضوء دعمه لعمليات التحرر العالمى آنذاك، أو طرح النموذج "جيفارا" الذى خاض بنفسه معارك التحرر فى إفريقيا، هذا فضلًا عن تاريخه فى أمريكا اللاتينية، فاللحظة التاريخية التى نعبئها بــ"ناصر" هى فى الحقيقة نزعة عالمية لم يكن "ناصر" إلا واحد من تنويعاتها العالمية،
نعود هنا إلى أصل الدور المصرى/العربى التاريخيين فى إفريقيا، ما قبل "ناصر" وما بعده، ما بعده لا يحتاج إلى إطالة أو كتابة يكفى ما نشعر به من جهل تجاه أفريقيا، يكاد أن نقول معه أننا لا نعرف لغات دول تشترك معنا فى حوض النيل. هذا إذا ما أضفنا له معرفتنا بتاريخها أو أهم حوادثها المعاصرة، وإذا ما تماديت لن يقف كثيرًا منا حتى على معرفة عواصمها.
أما ما قبل "ناصر" فهو تاريخ طويل على المستويين المصرى/ العربى، لم يخرج فى الحقيقية -هذا التاريخ الطويل- عن اعتبار أفريقيا مصدر مهم "للعبيد والرقيق"، ولعل معاهدة "البقط" نموذج مثالى للوقوف على شكل تلك العلاقة، فكان من شروطها حسب ما جاء عند "المقريزى": أن تقدم بلاد النوبة 366 من العبيد كل عام إلى الدولة المصرية/العربية آنذاك، هذا فضلًا عن 40 "عبدا" من "الرقيق" للوالى فى مصر وبعض الهدايا من العبيد لحاكم أسوان.
إذا ما تفحصنا جغرافية أفريقيا فى الكتابات العربية نجدها غامضة وملتبسة ولا تفيد فى إقامة معرفة جغرافية كاملة عن إفريقيا، ما يشى بعدم اهتمام بالقارة الأفريقية إلا فى ضوء ما توفره من مسترقين ومستعبدين، إلى أن يزاحم تلك التجارة تجارة الذهب فيما يعرف باسم السودان الغربى - وهى المنطقة الواقعة أسفل الصحراء الكبرى- فكان يتم تبادل الملح مع تلك المنطقة بالذهب، كذلك كان المسترقون تجارة رائجة فى هذا الجانب من القارة، وكانت حدود المعرفة الجغرافية لم تمتد إلى جنوب خط الاستواء، وهذا راجع من باب الإنصاف للمعتقدات الجغرافية القديمة التى لم تتصور أن خط الاستواء يقسم الكرة الأرضية، وإنما كان يعتقد أنه حد الأرض الجنوبى الذى لا أرض وراءه لاستحالة الحياة مع قرب الشمس!
ونعود "للبقط" مرة أخرى، فقد استمرت قرابة 600 عام، وعُدِلَت على ما أتذكر مرتين، المرة الأولى، على يد المعتصم العباسى، لأن المعاهدة كانت تشترط تقديم مصر/الدولة الإسلامية، مقدار من القمح وجده "المعتصم" مبالغا فيه.
والمرة الثانية، استعيض عن دفع النوبة الرقيق بدفع دينار عن كل مواطن نوبى.
استمرت تلك العلاقة باعتبار إفريقيا/السودان بشقيه الغربى والشرقى مصدر للمسترقين عن طريق التبادل التجارى، ندفع لهم كعرب بضائعنا من خرز وأقمشة وحُلّى وهم يبادلونا بالمسترقين والذهب.
هذه هى علاقتنا وأيادينا البيضاء على إفريقيا، و"ناصر" الاستثناء، هو فى الحقيقة نوع من تعالينا وإنكارنا أن اللحظة التحررية عالمية، وكأنه من الصعب علينا تخيلهم قادرين على اللحاق بالركب العالمى.
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو أحمد
أين أساتذة معهد البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة ؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
أسامه
التطبيق أهم
عدد الردود 0
بواسطة:
سامية الحسين
منقدرش ننكر