أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمى، الرئيس الفخرى للمجلس الإماراتى لكتب اليافعين، رئيس اللجنة المنظمة لمشروع ثقافة بلا حدود، أن معاناة الأطفال اللاجئين السوريين تتطلب تعاوناً دولياً حقيقياً لمساعدتهم على تجاوز الظروف الاستثنائية التى يمرون بها، ومعايشة الواقع المؤقت الذى يعانون منه فى مخيمات اللجوء، ومنحهم الثقة بمستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم.
جاء ذلك خلال زيارة قامت بها الشيخة بدور القاسمى، إلى المخيم الإماراتى الأردنى فى منطقة مريجيب الفهود فى المملكة الأردنية الهاشمية رافقها خلالها هادى حمد الكعبى، مدير المخيم الإمارتى الأردنى وأعضاء وفد الشارقة، وأطلقت خلالها مبادرة الشارقة الثقافية "اقرأوا لأطفال سوريا" التى ينظمها المجلس الإماراتى لكتب اليافعين وثقافة بلا حدود، بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتى فى إطار دعم حملة القلب الكبير التى أطلقتها الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة.
ودعت بدور القاسمى العالم أجمع إلى الالتفات نحو الأطفال الذين يعيشون فى ظل أزمات وظروف صعبة، وقالت "الأطفال السوريون، وغيرهم من الأطفال الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة حول العالم، يستحقون منا جميعاً الاهتمام والعناية، والأخذ بأيديهم نحو المستقبل، مؤكدة أن الكتاب والقراءة للأطفال فى ظل الأزمات هى بنفس أهمية وضرورة الغذاء والدواء".
وأضافت: تهدف هذه الزيارة إلى مؤازرة الأطفال السوريين وتقديم الدعم المعنوى والنفسى لهم من خلال الكتاب والقراءة، حيث نؤمن بحق كل طفل فى هذا العالم بالوصول إلى الكتاب، وأن يكون قارئاً بغض النظر عن الظروف التى يعيشها، كما نسعى إلى تعزيز فكرة العلاج بالقراءة وتفعيلها واستمراريتها لضمان التحفيز الروحى للأطفال، وتشجيع النظرة الإيجابية لديهم من خلال القراءة والثقافة، مشيرة إلى أن الأمل هو الشىء الوحيد الذى يبعد عنا اليأس والعجز، وأن القراءة والقصص لها دور كبير فى تخفيف الضغوط النفسية ومنح الأطفال الأمل، والدافع، والإلهام ومساعدتهم على التخيل وخلق واقع بديل يلهمهم الصبر أملاً بمستقبلٍ أفضل".
وثمنت بدور جهود إدارة المخيم الإماراتى الأردنى، وجمعية الهلال الأحمر الإماراتي، فى تقديم العون الإنسانى للاجئين السوريين، والتخفيف من معاناتهم، وتوفير الرعاية والإيواء والإعانة لهم، مشيرة إلى أن هذه الزيارة تركز على دعم اللاجئين الأطفال، ولكنها فى نفس الوقت تهدف إلى تعزيز الأمل وتقديم الدعم المعنوى والنفسى لكل المقيمين فى المخيم، معربة عن تمنياتها بأن يتمكن جميع الأشقاء السوريين من العودة قريباً إلى ديارهم وإلى حياة أكثر استقراراً وسعادة.
واستهلت الجولة فى المخيم بزيارة إحدى الورش التدريبية التى ينظمها المجلس الإماراتى لكتب اليافعين وثقافة بلا حدود للمدرسين وأولياء أمور الأطفال المقيمين فى المخيم، حول العلاج بالقراءة وتوظيف الكتاب والقراءة فى التخفيف من الضغوط النفسية التى تعرض لها الأطفال، وتعزيز الروح الإيجابية لديهم.
ودعت الشيخة بدور خلال لقائها الأهالى المشاركين فى الورشة التدريبية إلى أن يكونوا مصدر الإلهام للأطفال على قراءة الكتب، لإدخال الفرحة والسعادة إلى قلوبهم حتى لو لبعض الوقت، مؤكدة أن القراءة ستساعدهم على رؤية أشياء مختلفة جميلة والتفكير بها، كما أنها قد تفتح لهم آفاق جديدة لمستقبل أفضل ما بعد نهاية هذه الأزمة"
وافتتحت بدور خلال زيارتها إلى المخيم مكتبة الأطفال والتى أطلق عليها اسم "القلب الكبير" وتحتوى على 3000 كتاب، وهى الأولى من نوعها فى مخيمات اللاجئين السوريين بالمنطقة، حيث تم اختيار الكتب من قبل المجلس الإماراتى لكتب اليافعين وثقافة بلا حدود بعناية شديدة ليتم الاستفادة منها فى القراءات العلاجية، وتهدف إلى المساهمة فى علاج العديد من المشكلات والسلوكيات التى يعانى منها الأطفال هناك.
وقدمت الشيخة بدور خلال افتتاحها للمكتبة جلسة قرائية لمجموعة من الأطفال الذين حضروا للتعبير عن فرحتهم بافتتاح المكتبة، حيث قرأت لهم كتاب "ما هو لون الحب" الصادر عن دار كلمات للنشر وهو يعبر عن المحبة والتفاؤل والأمل، ودعتهم إلى الاستمتاع بقراءة الكتب التى ستكون متاحة أمامهم على مدار أيام العام، وفى نهاية جولتها فى المكتبة، شاركت الشيخة بدور الأطفال وهم يرسمون لوحة جدارية كبيرة على مدخل المكتبة، بالتعاون مع عدد من الرسامين المحترفين الذين حضروا من الشارقة خصيصاً لمشاركة الأطفال فى التعبير عن رؤيتهم للمستقبل.
وشهدت الزيارة عدداً من الفعاليات التى تم تنظيمها فى المخيم بالتعاون مع بيت الحكايات والموسيقى من الأردن بحضور عدد كبير من الأطفال وأولياء أمورهم، والتى تضمنت مجموعة من القراءات القصصية مع الموسيقى والرسم على الوجه للأطفال، وتضمنت القراءات قراءة قصصية لكتاب "طيرى يا طيارة"، الفائز بجائزة اتصالات لكتاب الطفل لعام 2011، والذى يتحدث عن فكرة أن سعادة الإنسان تنبع من داخله، وليس من الأحداث أو الظروف التى تحيط به. وكانت المفاجأة التى أسعدت الأطفال فى ختام الفعالية، عندما حصل كل واحد منهم على طائرة ورقية.
ورحب هادى حمد الكعبي، مدير المخيم الإماراتى الأردنى، بزيارة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمى والوفد المرافق لها، وأكد أن مثل هذه الزيارات تسعد المقيمين فى المخيم، وتمنحهم الأمل بوجود متابعة متواصلة لقضيتهم، وأضاف: "تعكس زيارة الشيخة بدور القاسمى والوفد المرافق لها اهتمام القيادة الإماراتية الدائم العمل الخيرى وأيضاً بالثقافة والعلم، وحرصها على تحسين ظروف حياة الأطفال فى كافة أنحاء العالم، والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الإنسانية، وتشكل مبادرة الشيخة بدور بتنفيذ عدد من الفعاليات الثقافية والترفيهية لأطفال المخيم، دعماً كبيراً وضرورياً للأطفال الذين تأثروا بالأزمة السورية، وستمنحهم الفرصة للنظر بإيجابية إلى واقعهم ومستقبلهم، ومساعدتهم على الاستقرار النفسى الضرورى لتجاوز هذه المحنة ".
وقالت مروة عبيد العقروبى، رئيس مجلس إدارة المجلس الإماراتى لكتب اليافعين: "نأمل فى أن تساهم هذه المبادرة فى مساعدة الأطفال السوريين اللاجئين فى كل مكان، نظراً لدورها فى تسليط الضوء على قضيتهم أمام المجتمع الدولي، والتخفيف من الضغوط النفسية التى يتعرضون عنها، من خلال نشاطات ترفيهية وثقافية ستصبح جزءاً من حياتهم الجديدة فى المخيم وحتى العودة إلى أوطانهم بسلام". وأضافت أن الكتاب يعتبر أحد أهم وسائل المساعدة للشعوب فى تخطى الأزمات الكبيرة، والنهوض من جديد نحو المستقبل، ولذلك تم التركيز على أن يكون الكتاب هو محور الفعاليات التى تضمنتها هذه المبادرة.
وأشار راشد محمد الكوس، مدير عام مشروع ثقافة بلا حدود، إلى أنه سيم التعاون مع إدارة المخيم وعدد من الجهات الثقافية والتربوية فى الأردن لمتابعة تنفيذ برامج وفعاليات المبادرة على مدار العام، ومن بينها "بيت الحكايات والموسيقى"، الذى سيقوم بتنفيذ عدد من الورش التدريبية والقراءات القصصية التى تدور حول القراءة العلاجية، للأطفال والمدرسين وأولياء الأمور، وأضاف: "يتمثل أحد أبرز أهداف هذه المبادرة فى تقديم الدعم الثقافى والنفسى والمعنوى للأطفال السوريين وذويهم فى المخيم الإماراتى الأردني، ولذلك سيتم إقامة فعاليات وأنشطة على مدار العام فى المخيم لإضفاء أجواء مرحة على الأطفال وعائلاتهم، تدخل السعادة إلى نفوسهم، وتجعلهم أقدر على تجاوز الصعوبات التى مروا بها".
من ناحيتها، أعربت ربيعة الناصر، مؤسسة "بيت الحكايات والموسيقى، عن سعادتها بزيارة الشيخة بدور القاسمى إلى المخيم، وبإطلاق هذه الفعاليات التى تعكس اهتمام إمارة الشارقة الدائم بالعمل الثقافى الداعم للطفل العربى فى كل مكان، وقالت: "يسعدنا أن نكون جزءاً من هذه الجهود الإنسانية التى أطلقتها الشيخة بدور القاسمى لإحداث تغيير حقيقى فى حياة الأطفال المقيمين بالمخيم الإماراتى الأردني، حيث يحتاج الأطفال الذين يمرون بمثل هذه الظروف الصعبة إلى النشاطات المرحة والمسلية التى ترسم السعادة والفرح على وجوههم، وتجعل أوقاتهم مفيدة ومرحة".
وكانت الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، قد أطلقت حملة القلب الكبير في20 يونيو 2013، تزامناً مع اليوم العالمى للاجئين، لدعم ومؤازرة الأطفال اللاجئين السوريين، انطلاقاً من الجهود الهادفة إلى مناصرة ودعم الأطفال فى أنحاء العالم، واعترافاً بأهمية رفع المعاناة عن الأطفال المضطهدين والمحرومين من الرعاية الاجتماعية، وضرورة المطالبة بحقهم فى الحصول على الرعاية الصحية، والخدمات التعليمية، والطفولة السليمة والمستقبل الآمن، ومنحهم الأمل بحياة أفضل ومستقبل آمن.
وافتتح المخيم الإماراتى الأردنى فى مايو 2013 على مساحة 250 دونماً فى مرحلته الأولى التى تستوعب 5000 لاجئ، وبتكلفة ناهزت 37 مليون درهم إماراتى (أكثر من 10 ملايين دولار أمريكي)، وتم تخصيص 13 ألف دونم للتوسعات المتوقعة مع زيادة أعداد اللاجئين السورين مستقبلاً، ومع اكتمال المراحل الخمس للمخيم، ستصل طاقته الاستيعابية إلى 25 ألف لاجئ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة