فقد بصره فى السنة الأولى من عمره، وعندما بلغ الخامسة ذهب إلى "الكتاب" لحفظ القرآن الكريم، ويتذكر الشيخ إمام عيسى هذه الأيام، "كنت أستمع وأنا فى السابعة إلى عماتى وأمى وهن يغنين أثناء تنقية القمح فى مناسبات الحج والفرح، كان غناء شجيا، يأخذنى ويجعلنى لا أتحرك، وكان يصل الحال بهم إلى البكاء وهم يغنون، ومن هؤلاء اكتشفت معنى الغناء".
كان الشيخ "إمام"، الذى رحل فى مثل هذا اليوم "7 يونيه 1995"، هو صوت الغناء الذى شق طريقه بعد نكسة 5 يونيه 1967، بأشعار أحمد فؤاد نجم، وبالرغم من أن ظاهرة الاثنين ولدت قبل النكسة، لكن بعدها وكما يقول الناقد والمؤرخ الموسيقى "فرج العنترى"، "أصبحا رافد المقاومة الساخنة"، ويصف الكاتب الصحفى كامل زهيرى ألحانه، "فيها قسوة وفكاهة وروح مصرية ذكية، إنما أقرب إلى ألحان الشعب وكلماته وقفشاته، إنها تبتعد عن ألحان الأباجورات والقطيفة والكورسية والباروكة".
يحكى الكاتب الروائى "خيرى شلبى" قصة طريفة عن عدم انضمام الشيخ "إمام" للإذاعة، حيث تقدم لاختبارات الإذاعة كمطرب وملحن فى أوائل الخمسينيات، وكان رئيس لجنة الاختبار حافظ عبد الوهاب مكتشف عبد الحليم حافظ، وحين مثل الشيخ إمام أمامه أراد "حافظ" أن يستعر خبراته الموسيقية، فراجع الشيخ إمام فى ضبط إحدى النغمات، فرد عليه بغلظة كاشفا جهله بالموسيقى، وأعطاه ما يشبه الدرس الذى ابتلعه على مضض.
أراد "حافظ عبد الوهاب" رد الإهانة فانتهز فرصة تعثر صوت الشيخ إمام فى كحة مفاجئة، فقال، "المفروض تبطل الحشيش يا إمام"، فشوح "إمام" فى وجهه، "مش حابطل ومش حا أغنى فى الإذاعة بتاعتك"، ومنذ ذلك التاريخ لم يدخل باب الإذاعة، إلا بعد أن ذاعت شهرته فى النصف الثانى من عقد الستينيات ،حيث دعى لتسجيل بعض الألحان لبعض البرامج.
كانت السبعينيات من القرن الماضى هى قمة الشيخ إمام فى الغناء التحريضى ضد الرئيس الراحل أنور السادات ونظامه، وتعددت محطاته وإبداعاته الغنائية، حيث انضم لمظاهرات الطلاب 1972 والتى طالبت السادات بالحرب لتحرير الأرض، وتحولت إلى اعتصام شهير داخل الجامعة انضم إليه مثقفون، وقدم وقتها أغنية "رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تانى / يا مصر أنتى اللى باقية وأنت أصل الأمانى".
وبعد زيارة "السادات" إلى القدس غنى من كلمات أحمد فؤاد نجم، "قوته المجذوب أبو برقوقة / بزبيبة غش وملزوقة / كداب ومنافق وحرامى / ودماغه مناطق موبوءة، وقدمها فى حفلة بـ"هندسة عين شمس"، فأحيل إلى المحكمة العسكرية، وسأله المحقق، هل تقصد إهانة رئيس الجمهورية، فأجاب، "نعم"، فأخذ المحقق الشفقة بهذا الرجل الضرير، فكتب الإجابة :" لا أقصد "، وعندما تلى عليه محضر تحقيق ليوقع عليه، غضب وبكى قائلا للمحقق، "هل تستغل فقدانى للبصر، لو أننى أخشى الإجابة ما غنيت؟، هل تريد إثبات جبنى فى محضر رسمى؟.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 7 يونيه 1995.. رحيل الشيخ "إمام عيسى" الذى أصر على إثبات إهانته للسادات فى محضر رسمى
السبت، 07 يونيو 2014 08:39 ص
سعيد الشحات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة