تمر اليوم الذكرى السابعة والأربعين على هزيمة 5 يونيه 1967، تجىء هذا العام وقد ألتف والتحمت الجماهير المصرية خلف المشير عبد الفتاح السيسى ابن القوات المسلحة المصرية التى ظلت وستظل هى الضمانة والمعين والمساند للشعب المصرى على مر الزمان، وهى السند والرفيق والمعين ويد البناء وقت الشدة والعسرة، لم تتأخر فى يوم من الأيام عن تلبية نداء الواجب والانحياز للشعب المصرى.
تجىء الذكرى هذا العام ومصر ماضية إلى صنع مستقبل حالم جديد يحلم به وينتظره المصريون بعد ثورتين عظيمتين، تجىء الذكرى والعالم العربى لسان حاله يقول لقد من الله علينا بالزعيم المصرى الذى عاد بمصر إلى حضن العرب، وجعل الأشقاء على مائدة الأم مصر لتقوم بواجبها ويبدو أن قدره هو أن يكون الضمانة ليس لمصر فقط بل للعرب أجمع.
كلام كثير ومؤرخون عظام فى الداخل والخارج تناولوا ما حدث فى يونيه 67 بعضهم تجنى على الجيش المصرى الأبى وعلى باقى الجنود العربية.. لكن من الكثير مما كتب اخترت لكم مقالا للمؤرخ الكبير للثورة الكاتب أحمد حمروش رحمه الله نشر بصحيفة الشرق الأوسط السعودية عام 2002 تحت عنوان "حقائق عدوان 5 يونيو" أرجو أن أكون وفقت فى اختياره لأنه يزيل الكثير من الغبار الذى نشر على المواطن المصرى والعربى فى هذه المعركة التى لم تستمر ولم يختبر فيها بسالة الجيوش العربية على خير وجه.
يقول الكاتب: يمضى غدا خمسة وثلاثون عاما على العدوان الإسرائيلى على مصر فى 5 يونيو 1967، وهى ذكرى لا تضيع، تتجدد كل عام، تحمل إلى نفوسنا مرارة الهزيمة، والدروس التى نجمت عنها، والآثار التى بقيت منها، وهى تقبل هذا العام والمنطقة تمر بظروف قاسية، وشعب فلسطين يتعرض لعدوان وضغوط هائلة، والمستقبل مغلف بضباب كثيف يصعب معه معرفة معالم الأيام المقبلة.
"والعودة إلى ذلك التاريخ تأتى من رغبة فى تأكيد الحقائق التى ظهرت خلال هذه السنوات، وكشفت عن طبيعة الصراع العربى ـ الإسرائيلى، وأطماع الصهيونية التوسعية".
"لم يكن عدوان يونيو 1967 هو العدوان الأول على مصر منذ قيام دولة إسرائيل، فقد سبقه مشاركتها مع بريطانيا وفرنسا فى العدوان الثلاثى عام 1956 واحتلالها سيناء لمدة 6 أشهر تقريبا، وهو أمر يظهر النوايا العدوانية للدولة التى أقحمت على المنطقة، ويظهر أيضا سيادة المتطرفين على أمور الحكم فيها".
"وإذا كانت الظروف قد أجبرت إسرائيل على الانسحاب من مصر فى مارس 1957 نتيجة إصرار الشعب المصرى على المقاومة، وإنذار بولجانين رئيس الحكومة السوفياتية للحكومات المعتدية، وضغط الرئيس الأمريكى ايزنهاور على المعتدين بهدف وراثة المصالح البريطانية والفرنسية فى المنطقة، فإن الموقف اختلف فى عدوان 1967 الذى انفردت إسرائيل بالقيام به متعاونة مع الولايات المتحدة.. وهنا نعود إلى صفحات التاريخ لتسليط الضوء على بعض الحقائق الهامة".
"أولا: لم يكن جمال عبد الناصر يفكر فى الهجوم على إسرائيل، فقد قال فى حديث للصحفى الفرنسى الجنسية المصرى الأصل ايريك رولو نشرته صحيفة «لوموند» يوم 19 فبراير 1970 «لم أرد شن الحرب سنة 1967 والقادة الإسرائيليون يعرفون ذلك جيدا، لم يكن فى نيتى إقفال خليج العقبة بوجه السفن الإسرائيلية، لم أطلب إلى يوثانت أن يسحب قوات الأمم المتحدة من غزة وشرم الشيخ.. إلا أن أمين عام الأمم المتحدة قرر بناء على نصيحة موظف أمريكى كبير فى المنطقة سحب جميع هذه القوات ليضعنى فى موقف المجبر على إرسال القوات المصرية إلى شرم الشيخ وإقامة الحصار وهكذا وقعنا فى الفخ الذى نصب لنا".
"والخطوات التى ساعدت على الوقوع فى هذا الفخ هى إرسال قوات الجيش إلى سيناء، وهى مجلوبة من اليمن وغير مهيأة للقتال، وإغلاق خليج العقبة، والمطالبة بسحب قوات الطوارئ الدولية، دون التشاور مع قادة الاتحاد السوفياتى الذين كانوا الصديق الاستراتيجى لمصر، ودليل عدم رغبة عبد الناصر فى القتال أنه كان قد كلف زكريا محيى الدين بالسفر إلى واشنطن يوم 7 يونيو لتسوية الموقف".
"ولذا كانت الهزيمة قاسية ومفاجئة مما دفع جمال عبد الناصر إلى إعلان التنحى فى خطاب أذيع على الجماهير التى صدمت من قسوة الهزيمة، وتنحى الزعيم مما دفعها إلى التظاهر والمطالبة باستمراره فى موقعه لمعالجة آثار الكارثة التى حاقت بالشعب".
"وهنا ظهر وجه آخر للهزيمة، فقد بادر العرب إلى عقد مؤتمر القمة العربية بالخرطوم خلال أغسطس 1967 حيث صفيت تماما الخلافات الجانبية التى كانت قائمة بين مصر والسعودية بعد ثورة 26 سبتمبر 1962اليمنية، فقد بادرت السعودية بدفع 50 مليون دولار والكويت 55 مليون دولار وليبيا 30 مليون دولار للدول التى أضيرت من العدوان، وكان هذا دليلا على أن التضامن العربى يظهر فى وقت الشدة، وأنه السلاح الذى تملكه الأمة العربية وعليها أن تجيد استخدامه بقرار مشترك فى الوقت المناسب، كما دفعت إرادة الشعب جمال عبد الناصر إلى اتخاذ خطوات جادة وحاسمة لإعادة بناء القوات المسلحة، ودخولها فى حرب الاستنزاف المجيدة التى استمرت 3 سنوات وشهرين تكبدت فيها إسرائيل خسائر كثيرة أعلن جمال عبد الناصر أنها بلغت مليون دولار يوميا، ومع ذلك كانت الغارات الإسرائيلية اليومية تكبد جنودنا كثيرا من الخسائر ولكنها كانت تقل مع الوقت نظرا لاعتيادهم ظروف المعركة وارتفاع روحهم المعنوية يوما بعد يوم فى انتظار معركة التحرير".
"ومن هنا كان قبول جمال عبد الناصر لمبادرة روجرز ووقف إطلاق النار يوم 8 أغسطس 1970 موضع دهشة وتساؤل رغم اقتناعه بأن فرصتها لتحقيق السلام كانت ضعيفة، إلا أنه لجأ إلى ذلك حفاظا على أرواح الجنود المصريين طالما هناك فرصة لتحرير الأرض دون قتال، وكان فى خطته أيضا دفع الصواريخ المصرية إلى الضفة الغربية للقناة استعدادا للعبور إذا فشلت المبادرة التى شاء القدر أن يرحل بعد خمسين يوما من قبولها".
"وكان السلام هدفا من أهداف جمال عبد الناصر التى يعمل من أجل تحقيقها، وقد وضح ذلك فى الاتصالات التى تمت مع بعض الإسرائيليين المدافعين عن السلام ومنهم ناحوم جولدمان رئيس المجلس اليهودى العالمى والذى وسط الماريشال تيتو لكى يزور مصر وعندما علمت جولدا مائير بذلك رفضت، وقامت مظاهرات تنادى «إلى القاهرة يا جولدمان.. إلى المطبخ يا جولدا»".
"وهكذا كان سعى جمال عبد الناصر إلى السلام منبثقا من مركز قوة، فحرب الاستنزاف كانت قوة ضاغطة على حكومة اسرائيل من جهة، وقوات السلام الإسرائيلية كانت ضاغطة أيضا من جهة أخرى".
"وبعد خمسة وثلاثين عاما نجد أن الصراع العربى– الإسرائيلى ما زال مستمرا، ونجد أيضا أننا يجب أن نستفيد من الدروس التى خرجنا بها من عدوان 1967، وهى أن نكون على حذر من التطرف والاندفاع غير المحسوب، وأن نعمل على توفير ثقة كاملة بين الشعوب والأنظمة وأن نؤمن بالتضامن العربى وبأن المقاومة هى السلاح الرئيسى للشعوب، وهى لا تتعارض مطلقا مع أى محادثات للسلام".
ذكرى يونيه بطعمٍ مختلف تتجلى فى اصطفاف عربى حول الرئيس السيسى ابن الجيش المصرى.. الشعب استدعى القوات المسلحة فى ثورتين عظيمتين..والمؤرخ أحمد حمروش كشف فى 2002 أن هزيمة 67 كانت "فخا أمريكيا" لضرب الأمة
الخميس، 05 يونيو 2014 08:08 ص
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر