فى إطار سعى هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة لتوطيد أواصر التواصل الفعال مع المؤسسات التعليمية فى إمارة أبوظبى، شارك القطاع الثقافى فى الهيئة فى فعاليات يوم التراث الذى نظمته جامعة الإمارات العربية المتحدة فى مدينة العين على مدار يومين.
وتأتى مشاركة الهيئة تنفيذاً لإستراتيجية القطاع الثقافى فى تفعيل مبادرات الشراكة مع مؤسسات المجتمع المحلى، للترويج لثقافة وتراث إمارة أبوظبى، وتعريف طلبة الجامعة بالدور الكبير الذى تضطلع به الهيئة فى صون وحماية التراث الثقافى وإدارته فى الإمارة، من خلال إنجاز العديد من المبادرات الثقافية التى تعزز المشهد الثقافى لجعل الثقافة والتراث فعلا حاضرا فى حياة الناس، ورافداً مهماً من روافد الهوية الوطنية والاعتزاز بالانتماء للوطن وقيادته الرشيدة.
وشارك عدد من المتخصصين فى الثقافة والتراث من هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة فى جلسة نقاش ركزت على جهود الهيئة فى الحفاظ على التراث الثقافى والحضارى فى إمارة أبوظبى، إذ استعرض عبد الرحمن راشد النعيمى من إدارة البيئة التاريخية بالهيئة جهود الهيئة فى إدراج مدينة العين كأول موقع إماراتى على قائمة التراث العالمى للبشرية فى اليونسكو عام 2011م. حيث أشار أن هذا الإدراج جاء لتميز المواقع التاريخية والحضارية فى مدينة العين، وبشكل خاص الأهمية الجيولوجية والأثرية والتاريخية لجبل حفيت وحضارة هيلى وبدع بنت سعود ومناطق الواحات ونظام الأفلاج، والتى تعطيها الكمالية والتنوع اللذين يصعب وجودهما فى مواقع أخرى من هذا النوع فى العالم، فضلاً عن إعداد ملف علمى متكامل، وفق المعايير العالمية من قبل الهيئة، وذلك تماشياً مع توجهات حكومة دولة الإمارات، إلى جانب الجهود التى تبذلها منظمة اليونسكو لحث دول العالم على تحديد المواقع التراثية الثقافية والطبيعية فى كل منها وحمايتها والحفاظ عليها، كونها تمثل قيمة كبيرة للبشرية، انطلاقاً من "اتفاقية حماية التراث العالمى الثقافى والطبيعي"، التى تبنتها المنظمة عام 1972.
كما ذكر أن مبررات القيمة الاستثنائية العالمية البارزة للمواقع الثقافية فى مدينة العين المتمثلة باستمرار الاستيطان البشرى والتطور التاريخى والحضارى لهذه المواقع منذ القدم حتى يومنا الحاضر، إنما يرمز إلى قدرة المجتمعات التى عاشت فى هذه المنطقة بالتغلب على التحديات البيئية والطبيعية التى واجهتها لكى تنتج بنفسها وجوداً سكانياً حضارياً مميزاً. كانت عاملاً مهماً ساعد على أحقية إدراج اليونسكو لهذه المدينة العريقة التى حافظت على مستوى عالٍ من الأصالة بالرغم من خطوات التطور السريعة التى تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأكد النعيمى، أن هذا الإدراج على لائحة التراث العالمى له أهمية ثقافية وسياحية كبيرة جداً بالنسبة لدولة الإمارات بصفة عامة ولمدينة العين بصفة خاصة، لا سيما الحفاظ على الموروث الثقافى والهوية الوطنية ووضع إمارة أبوظبى على خارطة الثقافة العالمية وتنمية اقتصاد الوطن بتعزيز السياحة الثقافية، إضافة إلى المساهمة فى رفع مكانة الدولة فى التنافسية الدولية.
من جانبه أشار عمر الكعبى من إدارة البيئة التاريخية بهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة إلى أهمية إدراج الواحات التاريخية فى مدينة العين على لائحة التراث العالمى فى منظمة اليونسكو، إذ لا تزال العلاقة المنسجمة بين العين وواحاتها مستمرة حتى وقتنا الحاضر، وتعتبر واحات العين ذخيرة حضارية مهمة، ليس لقيمتها البيئية فحسب، وإنما غالباً للقيمة الثقافية والتراثية التى تتمتع بها، كما أشار إلى المبادرات الاستراتيجية للهيئة الهادفة إلى إعادة إحياء الواحات ودورها فى منطقة العين، واستحداث البرامج التى تسهم فى إغناء البنية التحتية الثقافية، وإدماج الواحات فى البنية الحضرية والاجتماعية للمدينة.
وأكد الكعبى أيضاً أن الهيئة تسعى بشكل دؤوب إلى حماية الموارد الهيدرولوجية الخاصة بأفلاج العين، وكذلك حفظ التراث المعمارى لإمارة أبوظبي، حيث تم ترميم أكثر من 25 موقعا تاريخيا مهما فى مدينة العين، إضافة إلى القلاع والحصون فى ليوا.
وأشار أن من بين هذه المشاريع المهمة التى تمّ إنجازها عام 2012م فى مدينة العين ترميم سوق القطارة، وإعادة إحيائه وتجديده، وإضافة الخدمات الأساسية لتشغيله، وتأثيثه بمواصفات تراثية ليضم الفنون التقليدية والأنشطة الحرفية. ويهدف مشروع الترميم أيضا إلى ربط مبنى السوق مع مركز القطارة للفنون، عبر تنظيم البرامج الثقافية والفعاليات الفنية المكملة لبعضها البعض، واستخدام وسائل الخدمات المهيأة فى المركز. كذلك تم إنجاز مشروع ترميم قلعة الجاهلى التى أصبحت منذ نهاية العام 2008 منارة ثقافية للمنطقة وحصلت على جائزة أفضل الإنجازات المعمارية الحديثة لعام 2010.
واستعرض الدكتور موسى الهوارى من إدارة التعليم والتطوير المهنى فى الهيئة المبادرات والمشاريع الثقافية لتأطير الثقافة فى مجتمع إمارة أبوظبى عبر التواصل الفعال مع مؤسسات المجتمع المحلي، لا سيما مؤسساته التعليمية لتكون رافداً معززاً لمقومات الهوية الوطنية فى نفوس الأجيال الجديدة، وحافظاً لمنجزاته الحضارية التى تمثل إحدى أهم استراتيجيات القطاع الثقافى فى الهيئة.
كما اعتبر أن التراث والهوية مترابطان وهما عنصران متلازمان ومكونان متكاملان من مكونات الشخصية الفردية والجماعية، فلا هوية دون تراث تستند إليه ولا تراث دون هوية، مقدماً فى ذلك مثالاً رائعاً لمهرجان قصر الحصن الذى يركزعلى البعد المكانى والتاريخى لوجود المجتمع وتكوينه الحضارى وهو ما يعزز الهوية الوطنية على المستوى المحلي.
وأضاف أن العاصمة الإماراتية أبوظبى، تبدو الآن كجسرٍ مهمٍ للتواصل الحضارى بين الشعوب ومختلف الثقافات، ووجهة للمبدعين والفنانين من مختلف دول العالم، وجاذبة لجميع أنماط الإبداع فى الفنون والثقافة والآداب والعلوم والتقنية، بما يتوازى ومكانة الإمارة اقتصادياً وسياحياً، فقد أصبحت أبوظبى بتوجيهات القيادة الرشيدة حاضنة للعديد من المشاريع والمهرجانات الثقافية الكبرى التى حققت سمعة على مستوى العالم، هذا بالإضافة إلى المتاحف العالمية التى تحتضنها جزيرة السعديات كمتحف اللوفر، ومتحف الشيخ زايد الوطني، ومتحف جوجنهايم.
وتعد هذه المشاركة فرصة ثمينة للتواصل مع طلبة الجامعة وتعريفهم بالمبادرات الثقافية والتراثية التى يتبناها القطاع الثقافى فى الهيئة عبر توزيع البروشورات، والإصدارات، وبرامج الورش التعليمية، للترويج للمعارض خاصة معرض "100 قطعة فنية تحكى تاريخ العالم" الذى تنظمه الهيئة حالياً فى منارة السعديات بالتعاون مع المتحف البريطانى ويستمر حتى الأول من شهر أغسطس المقبل، ويأتى تمهيداً لافتتاح متحف زايد الوطنى فى عام 2016.