لست متفائلًا بمستقبل المصالحة الفلسطينية، وما تبعها من إعلان عن حكومة الوفاق الوطنى برئاسة رامى الحمد الله، لأن الأيام علمتنا أن الإخوة الفلسطينيين لا يثبتون على وضع، وأنهم دائمو الخلاف حول القضايا السياسية والأيديولوجية. نعم حقق الفلسطينيون اختراقًا بالإعلان عن الحكومة بعد لقاءات مكثفة بين حركتى فتح وحماس فى قطاع غزة، لكن التعليقات الحمساوية التى صاحبت الإعلان عن الحكومة بشأن مصير بعض الحقائب، مثل وزارة شؤون الأسرى، لا تبشر بأى خير، حتى إن عدلت الحركة من موقفها بعد ذلك بترحيبها وتأييدها للحكومة.
أمور عدة وضعتنى فى موقع المتشائم من مصير هذه المصالحة، أولها أن هذه ليست المرة الأولى التى تتفق فيها «فتح» و«حماس» على إنهاء حالة الخصام، وقد تابعت عدة جلسات للحوار بين الفصائل الفلسطينية بالقاهرة، وكانت غالبيتها تركز على إنهاء الخلاف من جذوره، وفى اللحظة الأخيرة تفجر «حماس» القنبلة، وتخرج عن الخط لأسباب قد تكون معلومة للكثيرين، منها على سبيل المثال أن الحركة مكبلة بقيود واستحقاقات إقليمية تملى عليها القرارات والتوجهات، ورغم أن هذه القيود تخففت بعد ثورات الربيع العربى، فإن الحركة لاتزال تضعها فى الحسبان، خاصة أنها تبحث عن الغطاء المالى الذى نضب بعد اشتعال الأزمة والصراع فى سوريا، ورحيل نظام الإخوان فى مصر، ولم تتبقَ سوى قطر المنشغلة حاليًا بدعم إخوان مصر. إذن، فحماس التى أبدت تساهلاً فجائيًا فى موقفها من قضية المصالحة، تحاول أن تتأقلم مع الوضع الإقليمى الذى تسبب فى تجفيف منابع تمويلها، وبالتالى فإنها ستعود إلى سيرتها الأولى بنقض أى اتفاق فور أن تتوفر لها الإمكانيات المادية التى تمكنها من فرض سيطرتها مرة أخرى على قطاع غزة.