"أصيب أبى بالاكتئاب، وظل قابعا فى غرفته معتكفا بها يقرأ الشعر القديم، فرجعت من أمريكا لأكون بجانبه، وفى يوم وفاته دخلت عليه غرفته أقبله قبل خروجى للعمل فوجدت حرارته مرتفعة فأخبرت والدتى وذهبت، وعندما عدت الساعة الثانية ظهرا وجدته توفى عن عمر يناهز 89 عاما يوم 4 يونيه "مثل هذا اليوم" عام 1981 "، هكذا تحدث الابن " توحيد " فى حوار له لمجلة الإذاعة والتليفزيون "19يونيو 2010" عن الأب الشاعر الكبير " أحمد رامى ".
أحمد رامى هو قرين أم كلثوم فى رحلة غنائها الطويلة، التى امتدت من مطلع عشرينيات القرن الماضى وحتى رحيلها عام 1974، هو من أعطى لأغنيتها سمات كانت مجالا للتجاذب بين " اليمين " و" اليسار " فى زمانها، تؤكدها شهادة منشورة للشاعر الكبير سيد حجاب فى جريدة " القاهرة " شهر " فبراير 2005 " بعنوان " أم كلثوم بين اليمين واليسار".
يقول "حجاب " إنه فى مستهل الستينيات من القرن الماضى، كان وبعض الزملاء يدرسون " هندسة المناجم بجامعة القاهرة، ويضيف : "كان يحلو لنا أن نعابث زميلنا "توحيد رامى"، ابن الشاعر الرائع" أحمد رامى"، وكانت مغايظتنا له وغلاستنا عليه تدور دائما حول بعض أشعار أبيه التى تغنت بها "أم كلثوم" من مثل: "حتى الجفا محروم منهم"، أو " عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك "، كنا نعير " توحيد " أن رؤية أبيه" رامى " للحياة والحب تجاوزها الزمن، وأن هذه المشاعر المرضية التى يعبر عنها تحمل قدرا عاليا من " الماسوشية"، وأن هذا النوع من الغناء لا يلبى الحاجات الروحية لشباب جيلنا، وأن الفن الأقرب لمشاعرنا والأصدق تعبيرا عن زماننا هو غناء عبد الحليم حافظ لأشعار محمد على أحمد ومرسى جميل عزيز، وألحان محمد الموجى وكمال الطويل.
يضيف " حجاب " أن "توحيد " كان يرد على استفزازاتنا قائلا: "وانتم إيش فهمكوا يا شيوعيين فى الفن والحب ولا الحياة"، ويزيد حجاب: "فى تلك الأيام كانت تشيع بين بعض اليساريين الشباب مقولات خائبة حول الفن والحياة، فالفنون مرآة للواقع، ونجيب محفوظ كاتب البرجوازية الصغيرة، بينما محمد صدقى هو أديب البروليتاريا".
ذابت تلك المقولات الخائبة مع مرور الأيام، وعن هذا التحول يختتم "حجاب" شهادته: "التقيت ب" توحيد "صديقى اللدود بعد سنوات غياب طويلة، وكانت قد جرت فى النهر مياه كثيرة، كانت شمس أكتوبر 1973 قد أشرقت وغابت ورحلت عنا أم كلثوم، ورحل بعدها رامى، وكان "توحيد" يعود إلى مصر بعد هجرة طويلة إلى الولايات المتحدة، وكنت أندفع فاتحا ذراعى له، و"توحيد" يستقبلنى بابتسامته هامسا: "أظن كان عندكم حق شوية فى كلامكم عن شعر أبويا"، وأظن أننى قلت له وأنا أعانقه: "لا، أظن إحنا كنا مفتريين شويتين، وأبوك رامى ده شاعر عبقرى، وأم كلثوم دى حاجة ما تتكررش، إحنا بس اللى كنا مش فاهمين".
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 يونيه 1985.. رحيل أحمد رامى.. الشاعر الذى اتهمه " اليسار" بـ"الماسوشية" فى شعره الغنائى ثم أعاد اكتشافه
الأربعاء، 04 يونيو 2014 09:46 ص
الشاعر أحمد رامى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة