تعتبر وجبة البطيخ غير الناضج المشوية على الجمر هى الأبرز بين مأكولات أبناء سيناء من البدو والحضر على حد سواء.
هذه الوجبة التى يطلق عليها أبناء البادية مسمى "الشوى" ويعرفها أبناء المدينة فى سيناء باسم "اللصيمة" يحل موسمها هذه الأيام وبالتزامن مع شهر رمضان فرضت نفسها على مائدة الإفطار لتتقدم كل المأكولات ويزيد الطلب عليها.
ويقول الكاتب السيناوى "عبد العزيز الغالى" والذى أعد مؤلفات عن التراث الطهوى بسيناء، "اللصيمة" أحد مكونات التراث الطهوى السيناوى بمكوناتها المتناهية فى البساطة وارتباطها بالمنتج المحلى من الطبيعة واجتماع الأهل والأصحاب والمعارف حولها فى ليالى الصيف المقمرة ومع تباشير ظهور العجر (بغو البطيخ) حيث يتم حفل الشواء فى الهواء الطلق على الكثبان الرملية أو الصحراء أو على شاطئ البحر.
فالوقود مما تتيحه الطبيعة من أغصان الأشجار الجافة والمكونات الطبيعية مما تنتجه البيئة المحيطة والعجر (تباشير البطيخ قبل نضجة) وقبل دخوله مرحلة الأحمرار يشوى على لهيب النار المتقدة كما فى الباذنجان (بابا غنوج) ويضاف له "قرون" الفلفل الحار والبندورة "الطماطم" وتصنع اللبة (قرصة من العجين)، وتوضع فى رماد النار المتخلفة حتى تنضج ثم تفت وتقلب ويصب عليها زيت الزيتون وكلها مكونات طبيعية من بيئة البحر المتوسط.
وترتبط هذه الأكلة التراثية منذ العهد البعيد حين كان الأجداد يذهبون إلى (الصيفية) بدوابهم وأولادهم فترعى أغنامهم وأبلهم ودواجنهم ويتغذون على بواكير البطيخ (العجر) بالشواء والقلى والطهى ووضعه مع مكونات المش وهى أكلة ممتعة فهى تعتبر من المشهيات وأن كان فيها عيب فهو أنك إذا ما تذوقتها لا تستطيع أن تتوقف عن تناولها من لذتها وحلاوة طعمها وقد تصاب بالتخمة فيحدث ما يشبه باللصم داخل المعدة ولذا أطلق عليها (اللصيمة)، ولكن تناولها باعتدال يجعلها متعة وذكرى جميلة لمعاودة تناولها.
وأضاف الغالى، هى لا تؤكل منفردة ويلزم تعاون الجميع فى عملها فى مشروع جماعى تعاونى فواحد أو اثنان عليهما جمع وإشعال الحطب وآخر عجن (اللبة) القرصة من الدقيق وآخر لشى العجر وآخر لدق وتنعيم الفلفل والبندورة وهكذا يتعاون الجميع بروح الفريق فتوطد أواصر المحبة والصداقة.
وينفرد السيناويون بهذه الأكلة دون باقى القطر المصرى وإذا حدثت أحدا عنها لأول مرة فستجد الدهشة من أناس يشوون البطيخ ويدسون العجين(اللبة) القرصة فى الرماد.
وتابع، من العجيب أن البطيخ الأحمر الشليان فى أول موسمه لا يتعدى سعر الكيلو منه اثنان أو ثلاثة جنيهات ولكن هوس السيناويين بالبطيخ البغو (العجر) الأقرع جعله يتعدى الخمس جنيهات، ومما جعل عشاقه يخزنونه بالثلاجات و"الديب فريزر" لاستعماله لاحقا بعد انتهاء موسمه.
وقال "محمود سامى" أحد الشباب، أنه وأقرانه يحرصون كل صيف على أن يقيمون سهرات ليلية فى مناطق خالية وخلالها يشعلون نار الحطب ويشوون البطيخ النى ويلتهمونه بعد إضافة مكونات أكلة اللصيمة المعروفة، ومع حلول رمضان أصبحت الفرصة أكثر لتجمع الشباب وتناولهم إفطار اللصيمة سويا فى أجواء اجتماعية بعيدا عن التكليف والتكاليف.
وقال الشاعر البدوى عطا الله الجداوى من منطقة جنوب الشيخ زويد، خلال شهرى مايو ويونيو تبدأ بشائر إنتاج البطيخ، الذى يقوم المزارعون بزراعته مطلع شهر مارس من كل عام، وزراعة البطيخ هى الأكثر ارتباطا بالماضى أو بالزراعة القديمة التقليدية لأنه يستخدم فى زراعتها الإبل أو الحمير ونادرا ما تستخدم الميكنة الزراعية فالكثير لا يفضل استخدامها.
وتبدأ الزراعة باستخدام المحراث ويسمى فرد التنقيط لأن تقاوى البطيخ ترمى من خلال المحراث حبة تلو الحبة وكأنه نقط متتالية وبين الخط والآخر نحو متر ونصف المتر فإذا بدأت نباتات البطيخ تنمو وتكبر سمى "مكسر المداد" أى تتجه النباتات إلى إنتاج ثمار البطيخ وبعدها تخرج الثمار للنور فإذا كانت فى حجم قبضة اليد فأكثر سمى "شوى" حيث يقوم البدوى بشويه فى النار ثم يخرج ويتم تنظيفه ويضاف إليه القليل من الثوم والطماطم وزيت الزيتون والفلفل فى شكل أكلة تراثية يسمونها البدو فى عموم سيناء بالشوى ويسميها أهل العريش "باللصيمة" ويستخدم معها الخبز المطهى بطريقة اللبة وهى وضع الخبز وهو على شكل عجبنة فى النار تحت الجمر فيما يسمى الملة وهو تراب النار الساخن ويسمونه قرص الملة أو لبة البلاد، وتتخذ هذه الأكلة شهرة تراثية واسعة ويرغب فى تناولها الكثير وهى دليل على موسم جيد فى البطيخ.
بالصور.. البطيخ المشوى وجبة الصيف بسيناء تقدم على موائد رمضان فى المدن والقرى هذا العام.. والسلطات والفلفل وقرص العجين المشوى على الجمر أهم المكونات
الإثنين، 30 يونيو 2014 05:11 ص
البطيخ المشوى وجبة الصيف بسيناء
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
sara
انا عرايشيه