فوزى فهمى غنيم يكتب: المصلحة العامة هى الأهم

الثلاثاء، 03 يونيو 2014 06:08 ص
فوزى فهمى غنيم يكتب: المصلحة العامة هى الأهم صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإنسان البدائى الجاهل تراه أنانيا لا يهمه الا نفسه، ولا يعمل الا لمصلحته الشخصية، ويدل على ذلك استفحال الأنانية والأثرة فى المجتمعات الجاهلة التى يخيم عليها ظلام الأمية والجهالة وازدهار التضحية والإيثار، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة فى المجتمعات الواعية الراقية. تعنى الأثرة والأنانية أن يحب المرء نفسه حبًا مفرطًا ويختصها بأحسن الشىء دون غيره.

والإنسان أنانى بطبعه وطبيعته، ويدل على ذلك الطفل فهو أنانى لا يقصر فى أن يستأثر بالنفع وحده دون غيره من إخوته وأصحابه. وكلما كبر الطفل وتقدمت سنه وازداد وعيًا ونضجًا خفت حدة الأثرة والأنانية فيه وضعف صوتها فى نفسه حتى إذا ما نضج تفكيره واتسع أفقه وبعد نظره وسمت نفسه، خلع عنه رداء الأثرة والأنانية وارتدى لباس التضحية والإيثار ونكران الذات.

والبخيل الشحيح تطغى عليه الأثرة والأنانية، كذلك الحيوان أنانى بالطبيعة والغريزة. إذا تطغى الأثرة والأنانية على الطفل والجاهل الأعمى والبخيل بالتربية الدينية السماوية وبالتحلى بالثقافة البناءة والأخلاق الحميدة الحسنة، يتحرر المرء من عقدة الأثرة والأنانية، ويسلك طريق التضحية والإيثار.

والمتأمل المتفكر يدرك أنه يتولد عن الأثرة والأنانية مساوئ ضارة ورذائل وبيلة تسوق صاحبها إلى شرور وجرائم كثيرة. وتلد الأثرة والأنانية الطمع والجشع والحسد والغيرة والشح والغدر والخيانة والاختلاس والانتحال ووضع المصلحة الخاصة فوق المصلحة العامة، فالطماع الجشع لا يقنع بما فى يده وجيبه من مال بل يطمع فيما فى يد غيره وجيبه. يدفعه إلى ذلك حرصه على أن يضع يده وحدها على الخير والفائدة دون غيره. والحسود الغيور يتمنى أن ينتقل اليه وحده ما يراه عند غيره من نعمة وخير، فهو يحب لغيره ما لا يحب لنفسه وعلة ذلك الأثرة والأنانية. وكم جر الطمع إلى معارك ومهالك، وتحل العداوة والبغضاء والتفرقة حيث يحل الحسد والجشع والطمع. وما أكثر ضحايا الطمع والحسد والغدر والخيانة. وما أكثر الأسر والجماعات والدول التى دب فى كيانها الحسد والطمع فأصابها الانحلال وتقطيع الأوصال وانفراط العقد وانهيار البنيان. كذلك الغادر الخائن يغدر ويخون فى سبيل منفعته الذاتية التى يضعها فوق أية منفعة أخرى. والمنتحل المدعى يسرق ما يملك غيره من مجد وفضل وينسبه إلى شخصه بدافع من حبه لنفسه وخصها وحدها دون غيرها بالفضل والفلاح. ومن ثمار الأثرة والأنانية الوصولية والانتهازية والاستغلال والاحتكار والاستعباد والظلم.

فالتاجر الجشع الذى يحتكر ويستغل إنما يفعل ذلك بدافع من الأثرة والأنانية. لذلك كانت الأثرة والأنانية رذيلة الرذائل وأم القبائح وهى مرض أخلاقى مهلك وداء اجتماعى وبيل. والمرء الأنانى يعزل نفسه بأنانيته وأثرته عن الناس ويخسر النفع الذى يريد الاستئثار به على غيره، فهو يأخذ ولا يعطى ويقبض ولا يدفع ويشد ولا يرخى، ومن يأخذ ويعطى ويقبض ويدفع ويشد ويرخى يربح ويكسب، ومن يأخذ ولا يعطى ويقبض ولا يدفع، ينحبس عنه الغيث والثمر فيحرم ويخسر. وكلما تخلى المرء عن الأثرة والأنانية وأثر المصلحة العامة على مصلحته الخاصة وضحى فى سبيل الله والأمة والوطن، وأنكر ذاته، عظم نفسه ورفع شأنه ونال خيرًا كثيرًا ولا يمكن إقامة صرح التعاون والاتحاد ولا رفع علم النهضة والفلاح فى مجتمع تسوده الأثرة والأنانية والنزعة الفردية، وتباع فيه المصلحة العامة بالمصلحة الخاصة، فسلامة الفرد من سلامة المجتمع.









مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة