منذ أيام قليلة اعترض الرئيس عبد الفتاح السيسى على الموازنة بشكلها الحالى، ورفض التصديق على موازنة عامى 2014/2015، لما تحويه من نزيف اقتراضى وعجز حقيقى، لا يعرف معناه إلا من لديه خبرة محاسبية وكل حسيس يعرف معنى عجز يقابله ديون مرهونة بفوائد فى دولة نامية كمصر.
الأمر مُقلق جدًا، ومصر لن تتقدم طالما لم تسدد عجز موازنتها العامة، ولقد حذرتُ من خطر عجز الموازنة سلفًا وأسباب عدم شعور المواطن بتحسن حقيقى على أرض الواقع على الرغم من كبر الأرقام التى يقرأ عنها فى الموازنة، وذكرتُ سريعًا طرق الخروج من أزمة الموازنة فى مقال "حتى تنعم مصر بموازنتها العامة" وهو منشور فى اليوم السابع.
الموازنة المعلن عنها لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية للدولة هى 810 مليارات جنيه، والإيرادات المتوقع جمعها هى 539 مليار جنيه، إذن لدينا عجز قدره 271 مليار جنيه، نسبة العجز تقريبًا هى 35%، ولأننى أقدر معنى كلمة عجز ومعنى كلمة فائدة فى ظل الظروف الحالية، أشعر بقلقٍ بالغ جراء ما أُلاحظه من أرقام، ولكن آن الأوان لوقف "نزيف" كما أُسميه وهو نزيف الموازنة، وحانت اللحظة التى نصل فيها لنقطة تعادل الموازنة العامة.
الرئيس عبد الفتاح السيسى أضاف مقترحًا جيدًا وهو التبرع من أجل دعم موازنة الوطن، وبدأ بنفسه وأهم ما لاحظتهُ أنه أطلق المبادرة من الكلية الحربية، وهو عادةً ما يُطلق القرارات المصيرية من هناك، نعم فهى قرارات حروب، حروب على الإرهاب والفقر والمديونية لننال الرفعة ونمتلك إرادتنا بأنفسنا وليس بفضل أحد.
الأجور والدعم يأخذان نفس الموازنة تقريبًا، وبتطبيق الحد الأقصى ومراجعة مستشارى الدولة فى أجورهم وترشيد الدعم إلى أقل نقطة تستطيع الدولة منها سد حاجة الدعم، هنا فقط نستطيع توفير ما يقرب من 100 مليار جنيه، والأخطر كان تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات حينما أكد أن هناك 200 مليار تُنهب فسادًا، وبمواجهة الفساد والمفسدين والإطاحة بهم يمكن توفير عجز الموازنة وتحقيق فائض قدره 29 مليار جنيه، ومع مبادرة الرئيس تستطيع الدولة سد عجز الموازنة وتحقيق فائض جيد.
مصر غنية جدًا، وهى خزائن الأرض كما وصفها القرآن الكريم فى سورة يوسف "قَالَ اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ"، والتاريخ لن يسامحنا إذا كانت لدينا القدرة لسد العجز ولم نستطع ولن ترضى عنا الأجيال القادمة طالما كان فى مقدورنا تحقيق رفعة ولم نعمل بجد.
آن الأوان لإيقاف نزيف الموازنة وليبدأ الكل بنفسه، فثمن حريتنا من الديون غالٍ، وثمن أن تكون إرادتنا نابعةً من أنفسنا غالٍ، نريدُ أن نستعيد حضارتنا وسالف مجدنا.
محمد صبرى درويش يكتب: آن الأوان لإيقاف نزيف الموازنة
الجمعة، 27 يونيو 2014 04:12 م