يضع كل رئيس برنامج عمله خلال فترة رئاسته وعادةً ما يتضمن هذا البرنامج سياسات وخطط لتوفير الاحتياجات التى يشعر أنها تحتل الأولوية لدى الشعب. وتكون مهمة الرئيس طوال فترة رئاسته متابعة تنفيذ هذه الخطط من ناحية وتطوير برنامج عمله حسب ما يستجد من أولويات لدى الشعب من ناحية أخرى .
وعادةً ما تكون المشكلة الرئيسية فى عمل أى رئيس هى تحديد الآليات التى يمكن من خلالها متابعة البرنامج ومعرفة ما يستجد من أولويات لدى الشعب. وهناك من الرؤساء من يعتمدون على تقارير المسئولين عن تنفيذ الخطط والبرامج لتقييم التنفيذ، ولو كنت رئيساً للجمهورية لما اعتمدت على مثل هذه التقارير التى تجعل القائم على التنفيذ هو من يقيم ذاته وفى أغلب الأحيان لا يكون هذا التقييم موضوعيا.
لو كنت رئيساً للجمهورية لحاولت إيجاد آلية للمتابعة والتقييم تربطنى بالشعب بصورة مباشرة دون أى حواجز أو درجات وظيفية، ولعل أهم الآليات التى يمكن أن يعتمد عليها الرئيس فى هذا المجال هى استطلاعات الرأى العام حيث يمكن أن تساعد نتائج هذه الاستطلاعات الرئيس على متابعة تحقيق برنامجه من خلال الشعب مباشرةً بدون أى تدخل من المسئولين عن التنفيذ، خاصةً إذا كانت هذه الاستطلاعات صادرة عن جهة مستقلة ومحايدة لن تحصل على فائدة أو تضار جراء إعلان أى نتائج تصل إليها استطلاعاتها، ويمكن إيجاز أهم ما يمكن أن تقدمه استطلاعات الرأى العام للرئيس فيما يلى:
1- معرفة التغيرات فى أولويات الشعب واحتياجاته خاصةً فى إطار التغيرات السريعة التى يشهدها المجتمع المصرى والتى تحتاج إلى مجسات تستطيع قياس هذه التغيرات بصورة مواكبة .
2- معرفة رأى الشعب بصورة مسبقة فى القرارات التى ينتوى الرئيس اتخاذها خاصةً القرارات التى قد يكون عليها خلاف، وفى هذا المجال تعتبر استطلاعات الرأى التليفونية أفضل الطرق حيث يمكن إجراء الاستطلاع على عينة كبيرة تغطى الجمهورية كلها فى يومين على الأكثر مما يتيح للرئيس اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب بعد معرفة رأى الشعب ورد فعله لو اتخذ مثل هذا القرار.
3- معرفة رأى الشعب ومدى مساندته للرئيس بصفة عامة. وقد أثبتت استطلاعات الرأى العام فى مصر خلال السنتين الماضيتين قدرتها على التنبؤ بما قد يقدم عليه الشعب المصرى نتيجة للسياسات التى ينتهجها الرئيس، ولا أدل على ذلك من نتائج استطلاعات الرأى التى أجراها المركز المصرى لبحوث الرأى العام (بصيرة) خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسى حيث أوضحت نتائج الاستطلاعات انخفاض نسبة الموافقين على أدائه من 78% بعد أول 100 يوم فى حكمه إلى 32% فى نهاية السنة الأولى والأخيرة لحكمه، كما انخفضت نسبة الذين يوافقون على انتخابه مرة أخرى من 58% بعد أول 100 يوم فى حكمه لتصل فى نهاية فترة حكمه إلى 25%. ولم يحدث هذا الانخفاض فجأة بل حدث بصورة تدريجية وارتبط بقرارات الرئيس وسياساته فكان أول انخفاض تم رصده بعد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسى وحصن به قراراته، وتوالى الانخفاض بعد تمادى الرئيس الأسبق مرسى فى سياساته هو ومعاونيه من جماعة الإخوان المسلمين. كما أظهرت الاستطلاعات قبل نهاية حكم مرسى رغبة الشعب فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ولو قرأ الرئيس الأسبق محمد مرسى نتائج هذه الاستطلاعات واستجاب للإشارات الواردة فيها لتجنب هو وجماعته وجنبوا مصر العديد من المشكلات والأرواح التى أزهقت فى أحداث السنة الماضية.
4- معرفة تقييم الشعب لأداء الوزارة والوزراء المختلفين بصورة تساعد الرئيس على توجيه الوزارة أو إجراء تعديلات وزارية عند اللزوم للحفاظ على مساندة الشعب للرئيس والحكومة.
لقد استفاد العديد من الرؤساء فى الدول التى سبقت مصر فى مضمار الديمقراطية من استطلاعات الرأى العام ووظفوها بصورة صحيحة مما ساعدهم على الاستمرار فى الحكم لسنوات دون حدوث صدام بينهم وبين شعوبهم يكلف أوطانهم أكثر مما يمكنها أن تتحمل.
* مدير العمليات بمركز بصيرة .
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
كل دول العالم المتقدم تعتمد على الاستطلاعات
عدد الردود 0
بواسطة:
الحاج / أحمد
عندي فكرة أستطلاعية بتسوي مليار