"اختار الخديو إسماعيل من نساء حريمه أقربهن إلى قلبه، وجمع من الكل حيلهن ومصاغهن، وكان ثمنها شيئا كثيرا، واستدعى عدة من صائغى الأقباط وأقامهم بـ"عابدين" يشتغلون ليلا ونهارا فى نزع الحجارة والفصوص الكريمة ليسهل نقلها والتصرف فيها، وجرد السراى من كل رياشها الثمينة التى كانت ملكه الشخصى، ومن آنيتها الذهب الخالص والمرصعة، وقدر ثمنها بثمانى مائة ألف جنيه، ومن كل طنافسها القديمة وأثاثها الفاخرة ولوحاتها ونجفاتها الفضية، ولم يبق لخلفه من 24 طاقم سفرة الفخمة سوى طاقمين وكانا أقلها قيمة، وأرسل جميع ذلك ما عدا نسائه إلى الإسكندرية فى صناديق مقفلة، ذهب بها حالا إلى يخته “المحروسة".
الوصف السابق يكتبه “إلياس الأيوبى “فى كتابه “تاريخ مصر فى عهد إسماعيل باشا "، ويشرح الحالة التى كان عليها “الخديو “بعد أن قرر السلطان العثمانى “عبد الحميد “عزله بناء على رغبة صممت عليها الدول الكبرى وقتئذ وفى مقدمتها فرنسا وإنجلترا.
ويقول "الأيوبى “أنه فى ضحى مثل هذا اليوم “26 يونيه 1879 “جئ ببرقية مكتوبة باالتركية عنوانها :" إلى إسماعيل باشا، خديو مصر سابقا "، ورفض كل من كان فى “سراى عابدين “أن يكون أحدهم أول من يحمل هذا الخبر إلى “الخديو" حتى جاء “شريف باشا، وزير مصر الأكبر “وذهب بها إلى "إسماعيل “ليفتحها ويقرأ فيها قرار العزل، وتعيين صاحب السعادة محمد توفيق باشا فى منصب الخديوية، وكانت نفس البرقية قد تم إرسالها إلى “توفيق".
التفت “إسماعيل “إلى شريف باشا قائلا :" أدع سمو توفيق باشا حالا "، كانت برقية تلغرافية أخرى تلقاها “توفيق “من “الباب العالى "، تطالبه باستدعاء جميع العلماء والموظفين ووجهاء البلاد وأعيانها مستخدمى الحكومة لإبلاغهم بالقرار الجديد، ونصت البرقية على أن تكون المناداة بـ"توفيق“خديو" بعد ظهر اليوم “26 يونيه".
وصل “توفيق “إلى “عابدين "، وصعد إلى والده فى الدور العلوى، كان “إسماعيل “يجلس وحيدا حزينا يسبح فى ذكرياته والأسباب التى أدخلته إلى هذا النفق، وبينما هو على هذا الحال دخل “توفيق "، وحسب وصف “الأيوبى“: "نهض إسماعيل وتقدم للقيام، وأخذ يده ولثمها قائلا :" أسلم على أفندينا “ثم قبله على وجنتيه، وتمنى له أن يكون أوفر حظا وأكبر سعادة من أبيه، وبعد ذلك انحنى أمامه ودخل دائرة حريمه، تاركا لابنه المتأثر تأثرا عميقا منصبه وقاعة عرشه".
تم استدعاء كل من أوصت بهم برقية “الباب العالى“ إلى القلعة للمناداة أمامهم بـ"توفيق" خديويا، وبعد المناداة دوت المدافع، وبعدها استقبل "توفيق" المهنئين من قناصل الدول وكبار الموظفين وأعيان ووجوه وعلماء ورؤوس أديان، وفى المساء أخطر "إسماعيل" ابنه توفيق أنه يرغب فى مغادرة مصر يوم 30 يونيه، لكنه لم يحدد جهة السفر، وتلك قصة أخرى.
سعيد الشحات يكتب ذات يوم 26 يونيه 1879.. "الخديو إسماعيل" يجمع مجوهرات نسائه الأقرب لقلبه بعد عزله.. وينحنى لولده "توفيق" قائلا "أسلم على أفندينا"
الخميس، 26 يونيو 2014 08:23 ص
الخديو إسماعيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة