حمدى نصر يكتب: فن عار

تحمست لهذا العنوان بصحته اللغوية لأنه يؤدى فى لفظ واحد للمعنيين أقصدهما وهما: العرى .. والعار بما يقدمه أحياناً من خروج على القيم والمبادئ.. وهو ما يجعلنى أتحسر وأشعر بالأسف خاصة عندما أتذكر عبد الحليم حافظ وهو يغنى: "عاش الفن حضارة لأمة يبنيها الفنان يروى حياتها فى غنوة فى كلمة فى صورة بروح وإيمان
وســمعناه بيقولها قوية مجد بلادى عهد علىّ
قلبى وروحى ملك لفنى والاتنين لبلادى هدية
حيوا معاى قولوا معاى عاش الفن رسالة عاش".

عندما أتذكر هذه الكلمات أتحسر على اللى فات وعلى دور الفن الذى مات. فكان رسالة.. وكان يمثل حضارة فأصبح الآن تجارة وخسارة لأنه يتحمل كثيراً من أوزار ما يحدث فى الشارع المصرى من فقدان للذائقة الأدبية والقيمية.. ولا أبالغ إن قلت: السلوكية أيضا.. فما يقدمه لنا الآن هو فى غالبه يهدم قيم المجتمع التى تربى عليها، وتشجيعاً لما هو ضدها.. فمن فيلم حلاوة روح والضجة التى أثارها إلى تعليقات بعض الفنانين على الأحداث الجارية فى مجتمعنا تجعلنى أثق وبالتأكيد معى كثيرون يشاركوننى الرأى أن الفن فقد عقله ودوره، فلم يعد لا رسالة ولا حضارة !.

ففى غمرة انشغال المجتمع بحدث سياسى ومصيرى فى مسيرة بلدنا قال فنان خسارة فيه أن أذكر اسمه تعليقاً على ما أثير وقتها من قلة إقبال الناخبين على صناديق الانتخابات قال: فض فوه على صفحة التواصل الاجتماعى: "عندى اقتراح للباشموهاندز محلب.. نزل فيلم ( حلاوة روح ) فى اللجان.. إيه رأيك.. مش فكرة حلوة ؟".!! . وهى خفة دم من هذا الفنان تلطش.. واستخفاف بالانتخابات، وبالسلطة التى اتخذت قرار حماية المجتمع من هذه التفاهات، وبعقلية الناخب المصرى وأخلاقياته.. وفى غمار الضجة التى هزت المجتمع إثر حادثة التحرش الشهيرة قالت إحدى الفنانات بكل جرأة :"اللى مش قادر يمسك نفسه يقطعه". وبمناسبة الفيلم إياه قال أحد المسؤلين عنه: على من ينتقدون الفيلم أن يتقوا الله.. وهو والله كلام مضحك ومبكى.. لأن فاقد الشىء لا يعطيه فهو ينصح غيره وينسى نفسه.

زمان كان الفن رئة المجتمع ولسان حاله وضميره لأنه كان ملتصقاً به، أما اليوم فهو يبحث عن نفسه فقط ونسى رسالته بعد أن انفصل عنه، وليس أدل على ذلك من مطالبة فنانة معروفة فخامة الرئيس ومعالى رئيس الوزراء بالتدخل لمساندتها ضد زميل لها يصور برنامجاً قوامه مقالب للفنانين لمنع بث مشهد صورته للبرنامج بعد ان سافرت له مسافة بعيدة، ويبدو أنها أدركت متأخرة أن المقلب الذى شربته سيؤثر على جمهورها "العريض الكنز" على رأى الفنان سعيد صالح ربنا يشفيه .. تصوروا الرئيس ومعالى رئيس الوزراء بكل مسئولياتهما ورغم مشاغلهما وهمومهما مطلوب منهما التدخل بثقلهما لمنع بث مشهد تليفزيزنى فى برنامج أكاد أجزم بأن كافة مشاهده مفبركة ومتفق عليها وكلها تمثيل فى تمثيل؟!!.. وعلى رأى المثل : " اللى اختشوا ماتو". وكان الله فى عون الرئيس وفى عون الشعب المصرى من الفن التعيس .