أحتضنُ الموت كل ليلة، ولكنه لا يفتح ذراعيه، كأنه يقول.. لم يحن الوقت.
والموت حقيقة، وكل إنسان سيموت، وهو ينال الصغير قبل الكبير، فلماذا أبقى حتى الآن خارج الحسابات؟ نعم.. لم يحن الوقت.
إنه مثل الفتاة التى أحببتها وأحبتنى.. وطلبت منها مرة، أن أقبّلها واحتضنها بشدة، أن يلامس جسدى جسدها المعبق الجميل، ولكنها أبت ورفضت، وقالت: "إنه لم يحن الوقت.. لما يتقفل علينا باب واحد."
فالموت هو الذى يريدنا، هو الذى يقرر متى يغلق الباب علينا، وهو الذى يقرر متى يجعلنا مادة بلا روح.
ولما جلست وحدى، شاهدت جنازتى، ورأيت الدموع فى كل عين، والنار فى حلق الحاضرين، والحزن يخيّم على وجه أبى، ثم سمعت صديقى يتحدث فى الهاتف "أنا فى جنازة، انتظرنى هناك، الشغل كثير النهاردة" وأغلق الهاتف وأغلق المشيعون معه باب القبر، فهى طقوس معتادة وأدوار نتبادلها، وذهب الجميع، ولم يتبق سوى إنسان، ارتبط دمه بدمى. وكان حريصا على سعادتى. ولم أكن يوما سبب سعادته، ولكن موتى كان فجعة لقلبه، ذلك الإنسان هو أمى.
إننى الآن أخاف الموت، أنا الآن كما قال الشاعر "أعشق عمرى، لأنى إذا مت، أخجل من دمع أمى"، فكل شىء يتلاشى ويجف إلا دموعها، كل شئ يتلاشى وينسى إلا قلبها، فأنا من دمها وهى من دمى، وليس من حقى أن أحتضن الموت كل ليلة، هنا إنسان يرقد لراحتى، وأمله فى الحياة هو أنا، وموتى يعنى الضياع له، فلا حق لى فى موتى
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
mahran.said
حضرتك راجل محترم
كلام نابع من القلب وحقيقي شكرا لحضرتك