صالح المسعودى يكتب: إن فاتك الميرى

الإثنين، 23 يونيو 2014 02:12 م
صالح المسعودى يكتب: إن فاتك الميرى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقاء أكثر من رائع جمعنى بهذا الشاب الطامح المكافح، فهو مهندس حفر بترول فى إحدى الشركات الكبرى فى دولة خليجية.

وبالتأكيد ليس هذا وقت وصف طموحاته وأحلامه لهذا الوطن الغالى، فهو شعلة من النشاط والضمير، بالإضافة لحلمه أن يرى وطنه متقدمًا زاهرًا لكن فى حوارى معه تطرقت لموضوع خاص.

فقد توقفت عند بعض كلماته التى أوردها بطريقة عفوية غير مقصودة فى الحوار، وهو يقول (أنا عندما آتى فى زيارة لمصر يحدث عندى خلل فى الساعة البيولوجية) فبادرته بسؤال على عجل ولماذا؟

فقال لى أنا أعمل فى الشركة (16) ساعة يوميًا، وأصحى منذ الرابعة فجرًا متجهًا لعملى بكل نشاط وحيوية، وشرح لى مدى الالتزام فكل شىء بحساب وبنظام ولا مكان للمتكاسل أو الفهلوى.

فقلت له إذن ما حكاية الساعة البيولوجية؟ فقال عند حضورى إلى وطنى مصر فى إجازاتى المتكررة سنويًا أكون مضطرًا أن أساير الغير فاصحوا معهم وأنام معهم فاكتشفت أن ليلهم نهار ونهارهم ليل. ثم عندما أعود لعملى لابد أن أصاب بالأرق والإجهاد بعض الوقت لحين تأقلمى مرة اخرى مع طبيعة عملى التى تعتمد على النظام والالتزام.

تركت الشاب لآماله وأحلامه وبدأت أدرك لماذا يتهافت معظم شبابنا على الوظيفة الميرى واستعمال الواسطة والمحسوبية بل وأحيانًا الرشاوى للوصول للأمل المنشود، وهو (وظيفة ميرى) سألت نفسى لماذا؟ فتعددت الإجابات من موروثات عودتنا عليها الأنظمة السابقة منذ مئات السنين، فقد ورثنا موروث هام وهو (إن فاتك الميرى أتمرغ فى ترابه).

هل لأنه يؤمّن المستقبل فى معاش ورعاية صحية (التأمين الصحى)؟

أم لأنه أقل التزامًا من العمل الخاص (فهى توفر دخلا بدون عمل).

فالوظيفة الميرى عندنا فى كثير من الأحيان لا تحتاج لحسابات دقيقة أو التزام صارم، كما أنها تعتمد فى بعض الحالات على مؤهلات معينة، مثل خفة الدم بل وخفة اليد ومدى قبول الشخص من مرؤوسيه.
إذن نحن لا نبحث عن فرصة للعمل نظهر فيها براعتنا فى العمل، لأننا نرغب فعليًا فى العمل أو لنكون فاعلين فى المجتمع وذو قيمة مجتمعية، بل نبحث عن الوظيفة الميرى لأنها توفر دخلا (محدودا) بلا عناء وجهد.

اما عزوفنا عن القطاع الخاص، لأننا فى العمل الخاص مطالبين بالعمل مقابل الأجر، وهذا شىء لم نتعود عليه.

فلو أننا شعوب تقدر العمل وتقدسه لاستوى عندنا العمل الحكومى والعمل فى القطاع الخاص، خاصة وأن قوانين الدولة ودستورها الجديد قد ضمن للعمال فى أى القطاعين حقوقهم، وهى مكفولة من جانب الدولة.

فكل ما علينا إعادة صياغة حياتنا بطريقة عملية، فاعتدال الصحة فى النوم المبكر والاستيقاظ المبكر، وتقسيم الأرزاق فى البكور، إلا إننا مازلنا نحلم بالوظيفة الميرى والتمرغ فى ترابها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة