عندما تسمع كلمة محاكم الأسرة تظن للوهلة الأولى أنها مثلها مثل أى محكمة، ولكن فى الواقع هى مختلفة تمامًا، فعندما تدخلها أسرة تخرج قسمين وهنا يكمن الفارق الكبير، فبداخلها تتشتت الأسر ويضيع الأبناء وتهدم زيجات لأسباب قد يعتبرها البعض واهية، فكم من زوج خرج يحمل لقب مخلوع وكم من امرأة اضطرت أن تصبح مطلقة وكم من أبناء أصبحوا فى نزاع بين الأب والأم لا يعرفون أيًا منهما على حق، هذه هى محاكم الأسرة التى ترى الدموع فيها أكثر من أن ترى الضحكة وتسمع الصراخ أكثر من أن تسمع صوت العقل، فهناك لا يخرج منتصر ويخرج المدعى والمدعى عليه خاسرين لحلم الاستقرار والترابط الأسرى، فنحن ما زلنا لا نملك ثقافة الانفصال.
"اليوم السابع" رصد يومًا واحدًا فى محاكم الأسرة وصل عدد إقامة دعاوى الخلع فيه فى محكمة إمبابة 35 حالة، وفى الزنانيرى 14 حالة ومصر الجديدة 21 حالة ومدينة نصر 12 دعوى وزينهم 9 دعاوى.
وبمراجعة دفاتر محكمة الأسرة لشهر واحد لمحاولة معرفة أسباب كثرة هذه الحالات وجدنا أنه فى محكمة إمبابة مثلًا تم رفع 1090 دعوى خلع، حيث انقسمت 490 دعاوى بسبب العجز الجنسى و300 دعاوى لتعاطى المواد المخدرة و200 عنف جسدى و100 دعوى لأسباب يعتبرها البعض تافهة.
وقالت رشا محمود صاحبة دعوى الخلع رقم 14576 لسنة 2014 إنها عانت من حرمانها من حقوقها التى شرعها الله لها ورفض زوجها الذهاب لطبيب ما اضطرها بعد 10 شهور أن تلجأ لمحكمة الأسرة.
فى حين، قالت منال كريم، صاحبة الـ30 عامًا: إنها اكتشفت بعد الزواج بـ15 يومًا أن زوجها مدمن للمواد المخدرة ويتعاطى تلك الأدوية فى محاولة منه بالشعور بالقدرة الجسدية، ولكن ذلك أثر عليها بالسلب وجعلها تكره العيش معه وأقامت دعواها.
وفى محكمة مصر الجديدة تم رصد 651 دعوى خلع، حيث تنقسم تلك الدعاوى إلى 260 حالة ضعف جنسى، و170 دعوى لعدم الإنفاق و120 حالة بسبب الإهانة اللفظية و100 لأسباب يعتبرها البعض تافهة.
وعن أسباب ذلك قالت ريهام محمود 25عامًا، إنها أقامت دعوى الخلع التى تحمل رقم 34567 لسنة 2014 وذلك بعد اكتشفها بخل زوجها ورفضه الإنفاق عليها وطلبه دائمًا منها أن تجلب له أموالًا من والديها الأمر الذى جعل استمرار الحياة معه غاية فى الصعوبة.
فيما كان للرجال رأى آخر فقال "محمود طه" المدعى عليه بالدعوى رقم 56976 لسنة 2014 أن قانون منح الحق للزوجة للجوء لمحكمة الأسرة لتخلع زوجها كان أكبر خطأ فهن ناقصات عقل ودين أى مشكلة بسيطة هخلعك دون تروى وتفكير والتهمة الثابتة التى لا تتغير "مبيعرفش".
وفى محكمة "الزنانيرى" تمت إقامة 434 دعوى خلع، حيث تنقسم تلك الدعاوى إلى 190 دعوى عنف جسدى و120 دعاوى تقصير فى حقوق الزوجات و88 دعوى عدم إنفاق و44 دعوى يعتبرها البعض تافهة".
وعن أسباب ذلك قالت نجوى صبرى، صاحبة الدعوى رقم 98761 لسنة 2014 أن زوجها يتعمد ضربها وإهانتها دائمًا أمام والدته، متابعة: وهو شىء يصعب تحمله فأنا كرهت حياتى معه بعد أن جعلنى أحتقر نفسى بعد أن أصبحت حيوانة بمنزله لذا لم أجد بديلًا غير الخلع للتخلص من هذه الحياة المملة".
فيما قال جمال حمدى المدعى عليه بدعوى الخلع رقم 35785 لسنة 2014" أن زوجته أقامت دعوى الخلع بسبب رفضه أن يجعلها تعمل والحقيقة أنه فعل ذلك بسبب تقصيرها فى الاهتمام بأولادها فكانت تتركهم 14 ساعة بالحضانة دون سؤال.
وتابع: "فى إحدى المرات كادت ابنتى الصغيرة تموت بعد أن رفضت أن تأخذ يوم إجازة لترعى ابنتها وعندما اشتكيت لأهلها أقامت دعوى ضدى".
فى محكمة مدينة نصر تم رصد 372 دعوى خلع، وتنقسم تلك الدعاوى إلى "120 دعوى بسبب تقصير الأزواج فى الخروج مع زوجاتهم و111 دعوى ضعف جنسى و99 دعوى إساءة لفظية و42 دعاوى يعتبرها البعض تافهة.
وقالت نورهان جلال، فى دعواها: "إنك تعيشى مع زوج كل حياته شغل 24 ساعة حاجة تجيب الشلل فأنا لم أترك منزل أهلى لأعيش فى سجن والمسمى أننى متزوجة لذا أقمت دعوى ضده فأنا لم اتحمل عدم الاهتمام.
وفى محكمة زنيهم 279 دعوى خلع وتنقسم تلك الدعاوى إلى 100 دعاوى لإهانة الزوجات ضربًا و100 دعوى ضعف جنسى و40 دعوى لعدم الإنفاق و39 دعوى لأسباب يعتبرها البعض تافهة.
وقالت شهد محمود 21عامًا: "زوجى "مبيعرفش" أعيش معاه إزاى تحملت سنة وست شهور ولكن إنسانة ولى حقوق لذا لجأت للمحكمة".
وقال الدكتور خالد منصور، أخصائى فى علم النفس: "لا يخلو بيت من مشكلات عائلية بين الزوجين، وهذا الشيء طبيعى ولكن الكثير منهم يضخم هذه المشاكل ويلجأ للطلاق والخلع كأسهل طريق للهروب من البحث عن الحل فنحن كمصريين نفضل عدم المواجهة وتحمل المسئولية ونلجأ للإحباط والردود السلبية ونتخلى عن حلمنا وأسرتنا فى أول محنة ونرفض إيجاد البديل والسبب الأساسى للمشكلة لأن هذا دائمًا الخيار الأصعب الذى يتطلب جهد".
وتابع "منصور": "يرجع فشلنا لحل المشكلات لعدم تربيتنا على أسس علمية فدائمًا عندما تغضب الزوجة أو الزوج الحل الأول الذى يتبادر إلى ذهنيهما أن تستمع لأمها أو صديقتها ما يزيد المشكلة فنحن مختلفان فالحياة وطريقة التفكير ليس ضروريًا أن تشبه ما تمر به حياة الآخرين لذلك تفشل هذه الأسرة وتلجأ لمحاكم الأسرة".
وأكمل: "كما أن العديد من المشاكل الزوجية ترجع إلى عدم قدرة الرجل فى التعبير عن عاطفته تجاه زوجته وعدم مساعدتها فى شئون الحياة باعتبار أن شخصية سى السيد ما زالت عالقة فى أذهان المصريين.. فهو الرجل الحاكم الآمر الناهى.. لا يقدر جهد المرأة فى الحياة الزوجية بعدم مساعدتها وكثرة انتقادها.
فيما قالت نهى الروينى أخصائى تنمية بشرية أن بحث علماء الاجتماع فى الكثير من العوامل التى تؤدى إلى الزواج السعيد، وتوصل الباحثون إلى أهم الأمور التى تسبب ذهاب الأزواج إلى محاكم الأسرة، مشيرة إلى أن من أهمها الاسترسال الزائد فى الحياة الشخصية دون الالتفات إلى الشريك، وأن يقوم أحد الزوجين بإهمال الأطفال من أجل أمور أخرى مثل الذهاب إلى الحفلات أو ممارسة أى نشاطات اجتماعية أخرى.
وأضافت أن من بين الأسباب أيضًا أن يكون أحد الزوجين يعانى من الغيرة الزائدة، بحيث يضيق على الشريك لدرجة تؤدى إلى استحالة الحياة بين الزوجين، أن يقوم أحدهما بمناقشة الحياة الشخصية للزوجين مع الأصدقاء، أى عدم الشعور بالخصوصية، أن يكون أحد الزوجين يتمتع بشخصية تملكية، بحيث يقوم أحد الطرفين بالتضييق على الشخص الآخر.
فيما نصحت "الروينى" الزوجات ألا يكتفين بالكلام بل حولى كلامك إلى أفعال فلا لا تكتفى بأن تطلقى الشعارات حول مدى رغبتك بإنجاح الزواج بل حولى كل ما تؤمنين به وما تتمنين حدوثه إلى واقع ملموس على الأرض قومى بأعمال يمكن أن تقود العلاقة إلى النجاح.
وأضافت: "تذكرى دائما لماذا وافقت على الزواج به من البداية وتذكرى الذكريات السعيدة معه عندما شعرت أنك ستصلين إلى طريق مسدود وقررى أن تحبيه مهما حدث بذلك فقط تستطيعين التغلب على أى مشكلة".
أخبار متعلقة..
مأساة من داخل محكمة الأسرة بمصر الجديدة.. وفاة "مريم" تتسبب فى دخول والدها السجن بعد عجزه عن سداد ديون اقترضها لعلاجها.. والأم تحصل على الطلاق.. وشقيق الطفلة: "أختى ماتت وأخدت كل حاجة حلوة معاها"
من دفاتر محكمة الأسرة.. سيدة من كل عشرة نساء تذهب للمحكمة.. "الختان" و"البرود الجنسى" أبرز القضايا.. و72% من عمليات الختان يجريها أطباء.. و12 ألف حالة خلع و14 ألف حالة طلاق بالعام الماضى
"منال" لمحكمة الأسرة: زوجى مجنون اعتاد ضربى بسلك الكهرباء
"الضعف الجنسى" يتصدر أسباب دعاوى الخلع بمحاكم الأسرة.. الزوجات:لجأنا للخلع لحرماننا من حقوقنا..والأزواج: أى مشكلة تتحول لـ"دعوى خلع عشان مبيعرفش"..وأخصائى علم نفس: الرجل لا يعبر عن عاطفته تجاه زوجته
الإثنين، 23 يونيو 2014 09:12 م