أنا لم أقترف إثمًا.
ولا ذنبًا.
إنما كنت أقوم بعملى المعتاد كسابق عهدى، عملى الذى التحقت به بعد جهد جهيد، ولا فى أهلى من الصعوبة ما لاقوا واشتعل رأسهم شيبًا حتى تخرجت ضابطًا لونى مثل لونك، وقبلتى هى قبلتك، وهمى هو همك، فلماذا قتلتنى؟.
أنا ما زلت أحبو فى مهنتى، ولم أمتلك يومًا سوى راتبى، لست لصًا ولا أخطبوطا ولا مجرمًا، وإنما أقسمت على حمايتك من هؤلاء، يسبقنى خلق استسقيته من أهلى وأعرف أصولى الريفية ومبادئ لا أستطيع منها فكاكًا.
لقد انقطع ما بينى وبين الحياة، ولقيت من الأمر ما لقيت وإنما يؤرق روحى بكاء أبى وعويل أمى وفجيعة أهلى وأصحابى، وقد امتدت يد الغدر لى فأزهقت روحى تاركة وراءها ذلك الحزن الذى يهد الجبال ويفتت الروح ويأخذ بتلابيب الأنفس.
فتهون عليها كل الأشياء. أما قد ضعت منهم وقد كنت شعاع الأمل لديهم وقبضة النور التى خبت بفعل يد الغدر فكل الأشياء سواء.
إن شقاءهم 27 عامًا فى سبيل تربيته وتعليمه قد ذهب إدراج الرياح، أى عيد سيستقبلون وأى رمضان سيهيئون؟
أى بسمة سترتسم على وجوههم وقد تمزقت نياط قلوبهم بالموتى، لماذا قتلتنى، وبدلتى الجديدة لم استلمها بعّد من الترزي؟ لماذا قتلتنى وكنت أتوق لقضاء رمضان مع أهلى وأمنّى نفسى بأطايب الطعام.
لماذا قتلتنى ولم املأ عينى جيدًا منهم فلم أرهم منذ شهرين نظرًا لطبيعة عملى، لماذا قتلتنى وقد أحضرت الزيتون والخروب من مرسى مطروح مفاجأة لهم فى رمضان، وفانوسًا زجاجيًا لأختى الصغيرة لأستعيد ذكرياتى ولكن لم يفاجئهم سوى جثمانى الملفوف فى علم مصر.
إهداء لروح النقيب طارق ممتاز هاشم.
