يواجه المشير عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، الأيام المقبلة أصعب اختبارات السياسة الخارجية، وهى قضية أزمة سد النهضة الإثيوبى والتى تعد من أهم ملفات الأمن القومى المصرى، والتى تشغل الرأى العام بشكل كبير وقد ظهرت مرة أخرى على الساحة السياسية مع اقتراب عقد القمة الأفريقية نهاية الأسبوع الحالى فى غينيا الاستوائية، وعودة مصر مرة أخرى لمزاولة أنشطتها كاملة فى الاتحاد الأفريقى، وهو ما سيمكنها للدفاع عن حقوقها بنفسها فى أزمة سد النهضة، ويتيح لها طرحها على نطاق واسع داخل الاتحاد الأفريقى.
وتعتبر القضايا الزراعية من أهم الملفات المطروحة فى القمة إضافة لموضوعات السلم والأمن فى القارة الأفريقية، والتحديات التى تواجهها والمشكلات القائمة فى القارة على صعيد السلم والأمن، وقضايا أخرى تتعلق بالتنمية وبلورة موقف أفريقى موحد فى ما يخص أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015 مع مناقشة ملفات تتعلق بتغير المناخ والتجارة ودعم التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب، الذى يمثل أهم القضايا التى تشكل تحديًا للقارة وللسلم والأمن فيها مع تأكيد الدعم الأفريقى للقضية الفلسطينية، مع بحث قضايا تتعلق بإصلاح الأمم المتحدة وإصلاح مجلس الأمن.
ومن المقرر، أن يشارك فى القمة الأفريقية غالبية رؤساء دول وحكومات أعضاء الاتحاد الأفريقى، وبان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وماريانو راجوى، رئيس وزراء إسبانيا كضيف شرف القمة.
بعد تجميد أنشطة مصر على مدار عام كامل فى الاتحاد الأفريقى، عادت مصر مرة أخرى لمزاولة نشاطها والعودة مرة اخرى لريادتها فى أفريقيا، بعد بداية عهد جديد يتوقع الجميع أن تحل فيه الأزمات الخارجية لمصر والتى يأتى على رأسها قضية سد النهضة الإثيوبى التى تؤرق الرأى العام المصرى حيث يخشى من الآثار المتوقعة نتيجة بناء السد، ربما جاءت القمة الأفريقية مع تولى المشير عبد الفتاح السيسى الحكم، لتكون بداية جيدة لحل الخلافات العالقة بين الدولتين والعودة مرة أخرى إلى طاولة التفاوض، التى فشلت عدة مرات نتيجة حالة الضعف التى عانتها مصر خلال الفترة الماضية، ويعلق القائمون على ملف التفاوض الأمل فى إيجاد حل للأزمة خلال القمة الأفريقية، لأن إثيوبيا تمضى قدمًا فى بناء السد دون الالتزام بأى أعراف دولية.
وقال الدكتور هانئ رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن معطيات الأزمة تتغير بما يفتح الأفق أمام مفاوضات جادة، مشيرًا إلى أن مواقف الرئيس السيسى تفصح عن وجود رؤية واضحة واستراتتيجية متكاملة، وتحركاته جزء لا يتجزأ منها ومن متطلبات الحركة لتحقيق الهدف لرفع الضرر الواقع على مصر من بناء السد، مع الحفاظ على الإطار التعاونى عبر تحقيق ذلك من خلال التفاهمات التى قد تتجاوز موضوع السد إلى أطر أوسع.
وأضاف رسلان: "لابد أن نكون حذرين وألا نفرط فى التفاؤل الذى يشاع حاليًا فى تحسن العلاقات مع إثيوبيا، وأن ننتظر التحركات وما تسفر عنه على الأرض، فالطرف الإثيوبى حتى الآن يدور فى مواقفه القديمة من الناحية اللفظية والإعلامية، والفيصل هو فى وجود إرادة سياسية حقيقية للوصول إلى الحلول الوسط، لأن تفاؤلنا لا يقوم على حقائق ملموسة".
وتابع: "التصريحات الإثيوبية ما زالت تتسم بنفس صيغة المراوغة المعروفة عنها ولم تعط أى مؤشر للتغير الحقيقى فى الموقف الإثيوبى، وتصريحات السفير الإثيوبى فى القاهرة، تؤكد هذا الأمر، والذى يقول إن مسألة السد قد تم تجاوزها ويستعين فى هذا الصدد بتقرير اللجنة الثلاثية الذى تدعى إثيوبيا أنه فى صالحها، وهذا أمر مناف تمامًا للحقيقة ويمثل تكرارًا لنفس الأسطوانة الإثيوبية القديمة، بالإضافة إلى روح التعالى والتطاول التى يتحدث بها السفير الإثيوبى وكأنه مندوب سامى وليس سفير، ومن أهم واجباته الحرص على بناء أطر التعاون" ، على حد قوله"
وأضاف رسلان، أن العلاقة مع أثيوبيا ينبغى تناولها بحذر مع عدم الاندفاع وراء توقعات قد تكون خادعة، قائلاً: "أزمة السد كبيرة وذات أبعاد استراتيجية وحلها سوف يستغرق وقتًا وجهدًا كبيرًا، والصياغة الجديدة التى يقدمها السيسى تتجلى فى أنه يقوم بتقديم تفهم مصر لاحتياجات ومصالح إثيوبيا، ثم يقرن ذلك بضرورة تفهم أن النيل ضرورة حياة، بمعنى أنه يقدم رسالته التعاونية باعتبارها صلب وجوهر الموقف المصرى، ولكن الشرح يشترط لذلك وفى نفس اللحظة تفهم والاستجابة للضرورات المصرية، لأننا جميعا نعرف أن إثيوبيا ظلت تراوغ طوال الفترة الماضية بطريقة مستفزة ".
ومن جانبه، قال مصدر مسئول بملف النيل، إن التفاوض مع إثيوبيا هو الحل وإذا ما فشلت المفاوضات فيمكن لمصر أن تلجأ إلى المؤسسات الدولية، وتتقدم بشكوى للأمم المتحدة لتشكيل لجنة محايدة ومتخصصة تدرس تقرير اللجنة الثلاثية الذى صدر فى مايو الماضى، وآثار إنشاء السد على دولتى المصب مصر والسودان وتضع حلول للأزمة، مشيرًا إلى أننا تأخرنا كثيراً فى الاعتراف بأزمة السد على المستوى الرسمى وهو ما يزيد من صعوبتها الآن على المستوى السياسى، لكن المنشآت الهندسية لها حلول دائماً فى حالة الاتفاق بين القاهرة وأديس أبابا، موضحًا أن المفاوضات التى تمت على المستوى الفنى بين وزراء الرى من الدول الثلاثة "مصر والسودان وإثيوبيا" كانت تحتاج إلى دعم سياسى وشعبى ومجتمع مدنى، لكن ذلك لما يحدث وهو ما زاد من صعوبة الموقف.
"السيسى" يواجه أصعب اختبارات السياسة الخارجية نهاية الأسبوع الحالى.. الشارع المصرى يعلق الآمال على القمة الأفريقية لحل أزمة سد النهضة.. خبير سياسى: معطيات الأزمة تتغير لفتح مفاوضات جادة مع أديس أبابا
الأحد، 22 يونيو 2014 08:47 م