مما لاشك فيه أن الشعب المصرى يتأهب لتشكيل مجلس نواب مثالى، لاسيما بعد قيام ثورتين فى يناير 2011 ويونيو 2013، استهدفتا تغيير نظامين سياسين وتصحيح المسار، فضلاً عن الوصول بالبلاد إلى حالة من المثالية على المستويين الرئاسى والبرلمانى.
وفيما يتعلق بالمستوى البرلمانى الذى هو محور المقال، نستطيع التأكيد على طموح الجماهير العريضة فى تشكيل مجلس نواب معبر عنهم وعن طموحاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن مبادئ الديمقراطية تفترض توافر العديد من العوامل الرئيسية بهدف تشكيل برلمان منتخب وحقيقى وهى:
-أن يتم الاختيار من قبل الشعب فى جو يسوده النزاهة والشفافية والحيادية من قبل مؤسسات الدولة وأجهزة الإعلام كافة، وألا يتم توجيه الناخب بأى شكل من الأشكال بما يؤثر على قراره السياسى فى عملية الاقتراع.
-أن يدرك الشعب مدى أهمية وخطورة صوته فى الانتخابات البرلمانية لأن ذلك يعنى مساهمته فى عملية صناعة واتخاذ القرار السياسى فيما بعد وأيضاً عملية الرقابة على أداء الوزراء.
-ضرورة أن تكون عملية الاختيار للمرشحين على أساس موضوعى سواء فيما يتعلق بمدى وعيهم وثقافتهم السياسية أو بمدى إخلاصهم وولائهم للوطن وللجماهير التى أعطتهم ثقتها.
-أهمية أن يعمل المرشح دومًا على أداء دور رقابى فعال وليس صورى، وأن يوازن بين كونه نائبًا فى البرلمان يؤدى دورًا تشريعيًا ورقابيًا وبين دوره كنائب يؤدى خدمات دائرته.
-أهمية أن يتمتع المرشح للبرلمان بخلفية اقتصادية تمكنه من مناقشة مشروعات القوانين المتعلقة بالنظام المالى للدولة، وكذلك الميزانية العامة للدولة.
-ضرورة أن يعبر المجلس النيابى عن كافة أطياف الشعب وألا يستثى تيارًا بعينه لخلافات سياسية أو غيرها.
وفى رأى أن أحدًا لن يختلف معى فى رغبة وتصميم الشعب المصرى بشأن الوصول إلى هذه المثالية المنشودة، كما أعتقد أيضاً أنا لا أحد يختلف معى فيما يتعلق بمدى صعوبة تطبيق هذا الحلم على أرض الواقع، ففى ظل التعددية الحزبية يصعب الوصول إلى مثل هذا النظام البرلمانى.
تهافت الأحزاب السياسية على استقطاب الموالين لها كلاً بحسب أهدافه وبرامجه السياسية والاقتصادية، ورغبة كل طرف فى الحصول على أكبر قدر من مقاعد البرلمان لتحقيق مكاسب سياسية، كذلك رغبة المرشحين أنفسهم فى الوصول إلى منصب سياسى بهدف إرضاء وتحقيق مطامع شخصية، فضلاً عن عدم الوعى السياسى لبعض الفئات من الجماهير والذى يجعلها فريسة سهله لحساب من يطوعها سياسياً بحسب أغراضه، أضف إلى ذلك محاولة بعض القوى السياسية جاهدة وأد بعض التيارات السياسية والتى تتبنى أفكارًا متشددة من وجهة نظرها، كل هذا وأكثر من هذه العوامل تجعل من الصعب الوصول إلى النظام البرلمانى المثالى الذى نطمح إليه جميعاً. ولكن إذا كان الأمر الواقع يفرض علينا أن نعمل جاهدين للوصول إلى أكبر قدرًا من المثالية وليست كلها فعلينا أن نستعد لهذا التحدى القريب والذى سيحدد ملامح النظام القادم ويجعل منه إما فعالاً مؤثراً أو سلبياً خاملاً، الأمر بأيدينا نحن المصريين لذا علينا أن نقدر مدى أهمية الحدث التاريخى الذى نحن بصدده ومدى تأثيره على حياتنا وحياة أجيالنا لأننا ليس بصدد اختيار فحسب، ولكننا بصدد تأسيس ثقافة عبر الأجيال القادمة، والتى ستدفع الثمن غاليًا فى حال أخفقنا فى الاختيار.
إن الأحزاب والتيارات السياسية هى الأخرى عليها أن تدرك جميعاً أن المشهد السياسى لا يحتمل خداعاً ونفاقاً سياسياً وأن عليها مسئولية تاريخية تجاه مصر والمصريين لذا عليهم أن يعملوا بكل إخلاص وضمير وطنى فى اتجاه انتقاء قادتهم ومرشحيهم فى الانتخابات البرلمانية حتى يضعوا أمام الشعب خيارات جديرة بالثقة قادرة على تحمل المسئولية السياسية، نستطيع من خلالها الوصول إلى أكبر قدر من المثالية فى المجلس النيابى القادم تشكيلاً وأداء.
محمد تركى يكتب: البرلمان القادم بين المثالية المنشودة والواقعية المحتومة
الجمعة، 20 يونيو 2014 02:20 ص