وبخلاف الوضع الصحى، فإن هناك أمورا أخرى دفعته لاتخاذ قرار التنحى، ومنها ما قالته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية أنه قد بات من الواضح أن شعبية كارلوس بدأت فى التراجع بعد سلسلة من قضايا الفساد التى ارتبط اسمه بها وأسماء أفراد من عائلته، فقد عرف عن الملك أنه "زير نساء"، حيث أشيع عنه أنه ضاجع حوالى 1500 امرأة، ومن ضمنهم الأميرة الراحلة "ديانا"، كما أنه تم إقالته من منصب الرئيس الفخرى للصندوق العالمى للطبيعة بعد فضيحة دولية اندلعت عقب انتشار صورة له ممسكاً ببندقية ويقف على رأس فيل ميت أثناء رحلة صيد فى "بتسوانا"، ولم يكن أحد ليكتشف تلك الفضيحة إلا أنه تمت إصابته فى فخذه أثناء الرحلة مما فجر تفاصيلها للعالم، وتم جمع توقيعات على عريضة تطالب بإقالة كارلوس من المنصب الشرفى، على الرغم من اعتذاره لشعبه.
أما الفضيحة الأعنف التى هزت عرش كارلوس، كانت تورط ابنته "كريستينا" وزوجها "إيناكى يوردانجارين"، لاعب كرة اليد الأوليمبى الذى تحول فيما بعد لرجل أعمال، فقد تورط فى قضية اختلاس المال العام لتمويل بعض الأحداث الرياضية، واضطرت الأميرة كريستينا بعدها أن تتقدم للشهادة فى قضية نصب وغسيل أموال فى يناير الماضى، وتعد تلك القضية الأولى فى تاريخ تاج خوان كارلوس، ومن المفترض أن يصدر حكماً ضد "يوردانجارين" قريباً إن كان سيواجه محاكمة بتهمة اختلاس 6 ملايين يورو من المال العام أم لا.
ويعد الملك خوان كارلوس "76 سنة" أقرب لشعبه وأكثر جماهيرية من العائلة المالكة فى إنجلترا، فقد سافر إلى كثير من دول العالم كسفير لبلاده، كما كان قوة مؤثرة فى استقرار بعض البلاد المضطربة مثل منطقتى الباسك وكتالونيا، كما كان يختلط بشعبه فى كثير من اللحظات الحاسمة مثل تفجيرات مدريد الإرهابية من 11 مارس 2004، فقد ظهر الملك فى تلك اللحظة كشخص يحزن ويبكى مثل أى شخص آخر، وأصر على أن يحضر جنازة 191 شخصاً رحلوا فى ذلك الحادث المأساوى مع زوجته، يشاركون أهالى الضحايا أحزانهم، يربتون على أيديهم ويقبلونهم لتخفيف خسارتهم.
ونجح الملك فى القضاء على انقلاب عسكرى كاد أن يطيح بحكمه عام 1981، كما أنه تغلب على الأزمة الاقتصادية التى واجهتها أسبانيا عام 2012، وعلى الرغم من ذلك إلا أن 62% من الأسبان قالوا إنهم يفضلون أن يتخلى عن العرش فى استطلاع رأى فى يناير الماضى.
ويعد الملك المرتقب، فيليب السادس 46 سنة، هو ثانى ملك يرث والده حياً فى تاريخ أوروبا عقب تنازل ملكة هولندا "بياتريكس" عن العرش لابنها الأمير "ويليم ألكساندر" فى أبريل 2013، ويعد فيليب وجهاً مقبولاً للشعب الأسبانى، حيث اعتاد أن يظهر فى المناسبات العامة والأحداث الرياضية، كما أن 66% من الأسبان يعتقدون أنه سوف يحسن من صورة العرش قليلاً إذا ما تولاه، وتزوج من صحفية تدعى "ليتيسيا أورتيز" فى 2004 وأنجبا ابنتان.
والملك خوان كارلوس لم يكن الأول الذى يتخلى عن العرش الملكى، فمن قبله، وتحديدا فى 21 يوليو2013 تنازل ملك بلجيكا، ألبرت الثانى، رسميا عن العرش لولى عهده، الأمير فيليب، وقبلهما تنازلت الملكة الهولندية بياتريكس فى 30 أبريل 2013 عن العرش بعد 33 عاما من الحكم لابنها الأمير وليام، فى هوجة تنازل عن العرش لم تطال بالطبع الملكة البريطانية إليزابيث الثانية التى لازالت تحتفظ بكرسى العرش حتى الآن.
بداية فإن النظام الملكى فى بريطانيا لا يقوم على الحداثة، بل يقوم على المحافظة على الطريق والحل والمثابرة، والمؤسسة الملكية البريطانية تعتبر من المؤسسات النادرة، حيث إن التقدم بالعمر وكل ما يترتب على ذلك من تعقيدات وإهانات يسمح بل ويتوقع أن تتم مشاركتها مع الرأى العام، وبحسب استطلاعات للرأى أعدها عدد من الشركات فى بريطانيا قبيل اليوبيل الماسى للملكة إليزابيث الثانية، فإن الأرقام أظهرت دعم النظام الملكى من قبل البريطانيين يصل إلى أعلى مستوياتها إطلاقا، وأنه لا يوجد ما يدفع للاعتقاد بأن الملكة ستتنازل عن عرشها فى أى وقت قريب.
وتاريخ تنازل الملوك عن العرش فى أوروبا طويل، كان ألفونسوالـ13 أول من تنازل عن العرش، فقد حكم الملك ألفونسوالـ13 أسبانيا من عام ١٨٨٦ إلى ١٩٣١ حيث تعرض جيشه فى عام ١٩٢١ لهزيمة كبيرة فى الريف المغربى فقرر الملك تشكيل لجنة تقصى حقائق، وكان من نتائج تلك اللجنة إدانة الملك شخصيا وتحميله مسئولية ما حدث، ولاحتواء الموقف تم تأليف حكومة جديدة فى محاولة يائسة لإنقاذ الملك، وأخيرا وافق ذلك الملك على إجراء انتخابات أظهرت نتائجها انتصار الأحزاب التى تدعو للجمهورية، وطالبت الملك بالتخلى عن العرش خاصة بعد أن تخلى عنه الجيش فقبل الملك وغادر البلاد تماما، وعلى الفور تجميد جميع أملاكه وأملاك الأمراء لصالح اقتصاد البلاد.
ومن أبرز الملوك الآخرين الذين قاموا بالتنازل عن العرش لأبنائهم:
(الملكة جوليانا)
اعتلت الملكة جوليانا عرش هولندا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فى عام 1948 إثر تنازل والدتها الملكة ويلهلمينا، وتنحت عنه بعد 32 عاما فى 1980 لابنتها الكبرى بياتريكس.
(نوردوم سيهانوك)
كان نوردوم سيهانوك ملكا ورئيسا للوزراء ورئيسا لدولة كمبوديا بين عامى 1941 و1970 وكانت كمبوديا مستعمرة فرنسية عندما أصبح ملكا، وقاد سيهانوك نضال بلاده من أجل الاستقلال، وتنازل عن عرشه عام 1955، ليدخل السياسة، لكنه اتخذ لقب أمير، وأصبح سيهانوك فى ذلك العام رئيسا للوزراء، ثم رئيسا للدولة عام 1960، وبعد انتخابات عام 1993، عاد ليكون ملكا مرة ثانية.
(ألبرت الثانى)
فى يوليو2013 استقبلت بلجيكا خبر تنازل ألبرت الثانى عن العرش باحتفالات رسمية وهو أول ملك فى البلاد يتنازل عن العرش طواعية.
(إدوارد الثامن)
كان ملك المملكة المتحدة ودول الكومونولث وأيرلندا والهند، منذ وفاة والده جورج الخامس فى 20 يناير 1936 حتى تنازله عن العرش فى 11 ديسمبر من نفس العام ليتزوج من واليس سمبسون.
(فيكتور إمانويل)
وهو كان ملك إيطاليا من ١٩٠٠ إلى عام ١٩٤٦، هذا الملك أصبح تاريخيا آخر ملوك إيطاليا بعد استفتاء شعبى جاء بنتيجة ٥٤٪ لصالح تحويل إيطاليا إلى جمهورية، وقرر التنحى عن العرش واللجوء إلى مصر، وأقام فى الإسكندرية وتوفى فيها بعد عام من تنحيه، ودفن فى كاتدرائية سانت كاترين بالمدينة.
.jpg)
.jpg)
.jpg)
أخبار متعلقة:
ننشر رسالة تنازل ملك أسبانيا عن العرش لأبنه.. دون كارلوس: الأزمة الاقتصادية ألقت بظلالها على النسيج الاجتماعى.. وأريد إفساح المجال لمن هوالأقدر على ضمان الاستقرار.. ويؤكد: فيلبى قادر على إدارة الدولة
ديلى ميل: هناك اسباب سياسية واقتصادية وراء تنازل ملك أسبانيا عن العرش