لا يترك الغرب والولايات المتحدة الأمريكية أى فرصة وقوع توتر أو نزاع إلا واستغلتها من أجل زيادة سيطرتها وبسط نفوذها على المنطقة، عن طريق لوبى إعلامى هدفه الأول هو الترويج للسياسة الأمريكية وتبرير مواقفها التى وصلت فى بعض الأحيان إلى نشر قواتها، كما حدث فى حرب الخليج الثانية 1991، وهى الحرب التى أدت بتداعياتها إلى زيادة النفوذ الأمريكى فى منطقة الخليج والشرق الأوسط.
ثم جاءت الحرب على العراق، فى سياق الإستراتيجية الأمريكية الخاصة للسيطرة على الشرق الأوسط ونهب ثرواته وموارده، حيث تولت وسائل الإعلام الأمريكية الترويج لذلك تحت مزاعم ومبررات واهية، على رأسها تدمير أسلحة الدمار الشامل التى تزعم أمريكا امتلاك العراق لها، مما يشكل خطراً كبيراً على جيرانه، كذلك تغيير النظام الديكتاتورى هناك، واستبداله بنظام ديمقراطى.
وذلك على الرغم من عجز العراق عن تهديد أية دولة جارة، وذلك نتيجة الحصار المفروض عليه منذ سنوات عديدة عاجزاً حتى عن فرض سيادته على كامل ترابه الوطنى، فحركت أمريكا وحلفاؤها ترسانة عسكرية ضخمة، وخصصت عشرات المليارات من أجل هذه العمليات، وعرضت مئات الآلاف من جنودها للخطر هناك تحت مزاعم القضاء على أسلحة الدمار الشامل.
وبعد سنوات من الغزو الأمريكى وخلع صدام حسين لم تتمكن الولايات المتحدة من إثبات امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، أمام العالم، واكتفى الرئيس الأمريكى جورج بوش، يبرر الغزو فى مذكراته قائلا: "إن التقارير الاستخباراتية أكدت أن الرئيس العراقى فى حينه صدام حسين كان يملكها، وإنه ما زال يعتقد أن خلع صدام حسين من الحكم كان قرارا صائبا، وأن العالم أصبح أفضل بدون صدام فى الحكم، لأن ذلك سمح لـ25 مليون عراقى العيش بحرية"، لكنه تجاهل الحقيقة وهى أن الغزو كان للسيطرة على مورد هام من موارد البترول فى العالم.
وعلى جانب عربى آخر انطلقت الثورة الليبية فى 2011 لإسقاط الرئيس معمر القذافى، الأمر تطور إلى حرب مسلحة بين القوات النظامية والثوار فى شتى بقاع ليبيا، الأمر الذى هدد مصالح الغرب وأمريكا هناك، والمتمثلة فى البترول.
كما أيدت وسائل الإعلام الغزو الجوى الذى أعلنت عنه كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وعدد من الدول العربية على رأسها قطر بدء هجوماً على ليبيا، تطبيقاً لقرار الأمم المتحدة بإطلاق أكثر من 110 صواريخ كروز من طراز توماهوك على أهداف فى ليبيا، وقال القذافى فى أول رد فعل له على القصف الجوى إن منطقة شمال أفريقا والبحر المتوسط غدت "ساحة حرب" من الآن فصاعدا.
وقال إن مصالح دول هذه المنطقة أصبحت فى خطر، مضيفا "إنه أمر بفتح مخازن الأسلحة لتسليح الشعب لمقاومة العدوان، إلا أن الصراع فى ليبيا ما زال مستمرا بين قوات الجيش النظامى والجماعات الإرهابية المتطرفة هناك رغم مقتل القذافى".
والمشهد فى سوريا لا يختلف كثيرا عن جيرانه، حيث حاول اللوبى الأمريكى الترويج لضرورة التدخل العسكرى فى سوريا تدعيما لموقف دولتها وعدد من الدول الغربية فى مجلس الأمن من إصدار قرار ضد النظام السورى، الأمر الذى اضطرت روسيا والصين فى استخدام حق الـ"فيتو" مؤكدين أنهم لن يقبلوا تكرار المشهد الليبى فى سوريا.
وشاب الموقف الأمريكى بالتردد تجاه سوريا، وذلك لاعتبارات سياسية أهمها ارتباط سوريا بتحالف قوى مع روسيا والصين وإيران، إضافة إلى القلق الأمريكى من ردود الأفعال الداخلية حال دخولها فى صراع عسكرى بعد ما خسرته نتاج التدخل العسكرى فى أفغانستان والعراق وليبيا.
وفى نظرة للمشهد المصرى نجد أن أمريكا كانت من أكثر الداعمين لنظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وعندما انطلقت المظاهرات الشعبية ضده، والإصرار الشعبى على رحيله، انقلبت أمريكا عليه وأيدت رحيله، وبدأت فى إعداد البديل وهو جماعة الإخوان المسلمين، دعمتها دوليا وماديا حتى وصلت إلى الحكم.
وعندما حدث غضب شعبى تجاه الحكم الإخوانى وخرجت الجماهير لإسقاطه أصرت الولايات المتحدة على رفضها لما حدث، فى إنكار منها لما تدعيه من تدعيم الديمقراطية وحرية الشعوب.
ويقول وزير الخارجية الأسبق، محمد العرابى، إن السياسية الأمريكية منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر أصبحت غير متوزانة تجاه الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنها اعتمدت على تصدير العنف إلى الشرق.
وأضاف العرابى لـ"اليوم السابع" أن السياسية الأمريكية شابها الفشل تجاه الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية، مؤكدا ضرورة صياغة هذه السياسة مرة أخرى فى ظل ما تشهده المنطقة من تطورات وأحداث غاية فى السخونة.
ولفت إلى أن الإعلام الأمريكى هو انعكاس للسياسة الأمريكية التى لا يمكن لها أن تتغير جذريا، وإنما تغييرات طفيفة تتلائم مع المتغيرات، مشيرا إلى أن أمريكا تراقب بقلق العلاقات الإيرانية العربية، والروسية العربية، موضحا أن الموقف الأمريكى تجاه سوريا جاء مترددا خوفا من فشل جديد يضاف إلى سلسة فشلها التى بدأت بأفغانستان والعراق وليبيا. وأكد العرابى أن أمريكا تخشى اتخاذ موقف قوى تجاه النظام فى سوريا بسب غياب رؤيتها عن "ماذا بعد بشار؟".
الإعلام الأمريكى يستهدف قلب الحقائق لخدمة دولته فى الشرق الأوسط.. زعم امتلاك العراق أسلحة دمار شامل لاستيلاء بلاده على النفط.. وروج للقصف الجوى على ليبيا.. ومحمد العرابى: سياسة واشنطن بالمنطقة فاشلة
الإثنين، 02 يونيو 2014 06:01 م
السفير محمد العرابى رئيس حزب المؤتمر
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام
دولة مصالح