د. محمد على يوسف

احترس.. قابل للكسر

الخميس، 19 يونيو 2014 03:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ثلاث كلمات توضع دوما على غلاف تلك البضائع التى يُخشى كسرها أثناء نقلها، عادةً ما تكون تلك البضائع ضعيفة المكونات، هشة الخامات، تحتاج إلى معاملة خاصة وحذر شديد أثناء تداولها.

وإن من النفوس البشرية ما تصلح تلك العبارة القصيرة أن تكون عنوانا لها، نفوس تقدر تقول عنها : «متلصمة» أقل شىء يكسرها وأهون ابتلاء يزلزل أركانها وأى معصية أو غلطة تدمرها وكأنها تتأرجح على حافة السقوط تنتظر دفعة يسيرة لتقع بعدها وتتهشم ثم تتردى مهزومة أمام تلك المؤثرات بضعف منقطع النظير يليه تبرير شهير مفاده الشيطان شاطر وشرير. والحقيقة أن هذا غير صحيح على الإطلاق ويفترض بمسلم يقرأ القرآن أن تطيش مثل تلك الشبهة ويتلاشى ذلك التعظيم الخفى تماما من قلبه خصوصا حين يتلو قول ربه «إن كيد الشيطان كان ضعيفا» لكن كيد الشطان رغم ضعفه يقوى على هؤلاء الذين يؤثرون الحياة على حرف «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين»، وبالفعل هناك أيضا من يحيا على حرف ويبنى مواقفه ومبادئه وأحكامه على هذا الحرف الكائن على شفا جرف هار يوشك أن يخر به ويهوى إلى أعماق سحيقة. هناك من لا يستطيع أن يبتعد عن حافة الهاوية التى ألِف التأرجح عليها وصارت نفسه تأنف المكوث على الأرض الصلبة البعيدة عن ذاك الحرف.إنه نمط من الناس تذهب بهم كلمة وتأتى بهم أخرى وترتفع بهم الأهواء ثم تخفضهم الفتن والبلاءات وما إن  يُصدموا فى أنفسهم أو فى غيرهم حتى تبدأ «الولولة» والتباكى على الصدمة التى تلقوها وكيف أنها أثرت فى أنفسهم المرفهة الهشة القابلة للكسر.

أصحاب منطق معيب ونفسية متأرجحة لا تستقر على مبدأ ولا تبقى على رأى ولا تصمد فى وجه ابتلاء أو فتنة أو تثبت أمام اختبار أو أزمة والحقيقة أن المبادئ والقيم والثوابت لا يمكن أن تعامل بهذه الطريقة، وليس دين الله  بالعزومة ولا بالتلاصيم، والمرء عند التعامل مع الصدمات فى أشخاص أو مع تمكن هوى النفس وتسلط شيطانه حال المعصية لا ينبغى أن يكون مهتزا ضعيف الشخصية ينتظر أقل سبب ليبرر لنفسه ترك الطريق ويركن إلى اليأس والقنوط بحجة إنه مصدوم أو حزين أو إن مافيش فايدة فيه، بل ينبغى فى تلك اللحظة ألا يكون انكساره إلا بين يدى مولاه وألا يظهر ضعفه إلا إليه. بينما عليه فى ذلك الحين أن يظهر لنفسه ولشيطانه قوة وبأسا وعنادا ولسان حاله: نعم عصيت وقصرت ولكن ذلك ليس نهاية المطاف ولم تزل روحى بعد بين جنبى لم أغرغر وها هى الشمس بعد لم تخرج إلا من المشرق. نعم عصيت وقصرت لكننى لم أمت بعد وشاء ربى أن يمد أجلى لأوجع شيطانى وأصقل نفسا بالسوء تأمرنى. نعم عصيت وقصرت لكننى لم أستسلم وبإذنه لن أفعل.. نعم عصيت وقصرت لكننى عائد وإن أبيتم ونخرتم ووسوستم.. عائد لرب يقبل التوبة عن عباده. اقطع على شيطانك  طريق تقنيطك وتيئيسك وتقوَّ بالله والجأ إلى حماه تنجو بإذنه وتنال البأس والصلابة التى تعينك على اتقاء كيد عدوك «الضعيف» وكن فى مواجهته عنيدا صلب المراس وتجلد ولا تكن أبدا من هذا النوع الذى يحيا تلك الحياة البائسة على حرف فيكون دائما مستسلما مهدد النفس وعلى صدره تلك اللافتة المظهرة لهوانه وضعفه.. لافتة: احترس قابل للكسر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة