رويترز: البناء على الأراضى الزراعية يهدد دلتا النيل وأمن مصر الغذائى

الأربعاء، 18 يونيو 2014 07:47 م
رويترز: البناء على الأراضى الزراعية يهدد دلتا النيل وأمن مصر الغذائى إزالة تعديات - أرشيفية
(رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حذرت وكالة رويترز، فى تقرير لها اليوم، من ظاهرة البناء على الأراضى الزراعية، فى مصر، خاصة فى منطقة الدلتا، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تؤثر على أمن مصر الغذائى.

وقالت الوكالة فى تقريرها: "فى محافظة القليوبية بدلتا النيل، كانت الأراضى الزراعية الخصبة على امتداد البصر دون أى عوائق. لكن العين تصطدم اليوم ببنايات غير مكتملة تبرز منها أعمدة من حديد تنبئ بمشكلة تتفاقم باطراد هى البناء المخالف للقانون فى الأراضى الزراعية بمختلف أنحاء مصر".

وأضافت رويترز: "لا تقف مشكلة البناء غير المرخص فى مصر عند حد الإيذاء البصرى بل تهدد خطط أكبر بلد مستورد للقمح فى العالم لخفض فاتورة الواردات المكلفة، وذلك بزيادة مساحة زراعة المحصول محليا. وتآكلت الأراضى الزراعية المحدودة على مدى عشرات السنين نتيجة النمو السكانى والزحف العمرانى الخارج عن السيطرة لكن وتيرة البناء المخالف انطلقت مسرعة منذ عام 2011 حين أفضت الإطاحة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك فى انتفاضة شعبية إلى فراغ أمنى".

وبحسب تقرير "رويترز"، تشير تقديرات وزارة الزراعة إلى ضياع نحو 30 ألف فدان من الأرض الزراعية سنويا على مدى السنوات الثلاث الماضية فى عمليات البناء المخالفة للقانون ارتفاعا من 10 آلاف فدان قبل الثورة.

وقالت الوكالة فى تقريرها: "فى مدينة قها بمحافظة القليوبية الواقعة على بعد 50 كيلومترا إلى الشمال من القاهرة يبنى سكان منازل جديدة فى أرض زراعية محيطة بالبلدة تزرع فيها محاصيل مثل القمح والذرة وبعض الفواكه. ورأى مزارعون مثل عمر محمود مرزوق (35 عاما) فرصة سانحة خلال الفراغ الأمنى الذى أعقب الإطاحة بمبارك فبنى حظيرة للماشية بالطوب على جزء من أرضه ملحق بها بعض الغرف للمعيشة. ولم تتدخل الشرطة أو الإدارة المحلية لمنعه".

وتابعت: "يخوض عمر الآن نزاعا قضائيا مع السلطات المحلية التى فرضت عليه غرامة مالية كبيرة، لكنه يقول إنه يفكر فى بناء منزل كبير لأسرته فى الأرض حتى يتيح لأولاده الذكور الثلاثة مكانا يتزوجون ويقيمون فيه حين ينتهون من دراستهم. ولعمر أيضا بنت وحيدة. ويعيش عمر مرزوق وغيره من أهالى المنطقة على زراعة الأرض التى ورثوها عن الآباء لكن بعضهم ضجر من الزراعة لارتفاع كلفتها مقارنة بأى وقت سابق وتراجع عائداتها".

وقال عمر وهو يتحدث وسط عيدان الأرز التى زرعها مؤخرا بعد حصاد القمح الشهر الماضى "الثورة اتكلمت عن كل الناس إلا الفلاحين.. والزراعة دلوقتى مش مساعدانى". وأضاف أنه لا يمانع فى التخلى عما تبقى من أرضه وقال "لو بسعر كويس هبيعها".

ولفتت الوكالة فى تقريرها إلى حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن التعديات على الأراضى الزراعية خلال حملته الانتخابية الشهر الماضى واقترحه بأن تتولى الدولة بناء مدن جديدة فى الصحراء لتخفيف الضغط على الشريط المحدود من الأرض الزراعية على ضفتى نهر النيل وبمنطقة الدلتا شمالى العاصمة.

وأشارت إلى أن البناء لا يقتصر على أصحاب الأراضى الزراعية فحسب بل إن بعض الأسر التى تعيش بالمدن التى استعرت فيها الأسعار تشترى أراضى زراعية لبناء منازل عليها بكلفة أقل كثيرا من ثمن شقة سكنية صغيرة بالمدينة.

وتحدث تقرير "رويترز" عن جهود الأجهزة التنفيذية فى هدم الأبنية المخالفة، قائلاً: "كثفت السلطات فى محافظات الدلتا جهودها فى الآونة الأخيرة للتصدى لظاهرة المبانى المخالفة لكنها تواجه صعوبة فى مجاراة وتيرة البناء السريعة. وتظهر إلى الوجود مناطق سكنية جديدة بينما يعم الخراب مناطق جديدة أخرى".

ونقلت الوكالة عن المهندس عبد المحسن العسيلى رئيس مجلس مدينة قها، قوله إن الحكومة تنفذ حملة لإزالة المبانى المخالفة بنسفها بالديناميت أحيانا وبهدمها أحيانا أخرى. وكثفت الدولة هذه الحملة فى الشهور القليلة الماضية.

وقال العسيلى، وهو أكبر مسئول حكومى بالمدينة، إن كمية التحدى أيام الثورة فاقت الثلاثين سنة اللى حكمنا فيها حسنى مبارك. كمية التعدى فى السنتين ونصف دول فاقت التعديات فى الثلاثين سنة، نظراً للظروف اللى بتمر بها البلاد.. عدم وجود شرطة.. عدم وجود أجهزة".

وأضاف: "لا بد أن يبقى فيه إجراء رادع للعملية دى.. بمعنى أن نغلظ العقوبة على البناء على الأرض الزراعية نقوم نحد من الظاهرة دى. لأن دلوقت تجار الأراضى بدأوا يشترون الأراضى ويعملوا نظام سماسرة ويسوقوا الأرض بأعلى الأسعار".

وطالب المزارعون والسكان الذين التقتهم (رويترز) الحكومة بضرورة تفهم ظروف المضطرين مثلهم للبناء على الأراضى الزراعية وتمييزهم عن تجار وسماسرة الأراضى. وطالبوا بتطبيق القانون على هؤلاء "المستغلين". كما شكوا من تمييز فى فرض المخالفات وتطبيق قرارات الإزالة لكن العسيلى رئيس مجلس المدينة ينفى ذلك.

وليس من الواضح ما إذا كانت عمليات الإزالة العلنية ومشاهد أنقاض مبانى مناطق بأكملها تردع الناس عن البناء المخالف لكن يقول خبراء إن عملية الإزالة تلحق ضررا طويل الأمد بالأراضى وقد تصعب إعادة استصلاحها.

وقال جمال صيام الأستاذ بكلية الزراعة بجامعة القاهرة إن خلال الفترة بين تهيئة الأراضى للبناء وبناء هياكل من الطوب والأسمنت وتدميرها لاحقا تفقد الأراضى الزراعية قيمتها. وأضاف أن إعادة استصلاحها صعب ويستغرق سنوات. ويرى صيام أن استمرار البناء فى الأرض الزراعية بنفس المعدل لن يبقى أى مساحة للزراعة فى مصر فى غضون نحو 50 عاما.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة