سعيد حسين القاضى يكتب: لنبدأ صفحة جديدة من العمل الجاد

الأحد، 15 يونيو 2014 08:15 ص
سعيد حسين القاضى يكتب: لنبدأ صفحة جديدة من العمل الجاد أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعددنا عدتنا لاستقبال شهر رمضان المبارك.. وحرصْنا على توفير السلع الغذائية من لحوم وفواكه وتمور.. وكأننا مقبلون على وليمة سنوية كبرى.. كما هيأنا لأطفالنا مظاهر البهجة "فاستوردنا" لهم فوانيس رمضان كما استوردنا الزينات التى يحلو للكبار والصغار أن يزينوا بها شرفات منازلهم.. وهذا شىء جميل.. فالحفاوة بهذا الشهر الفضيل تُرَسِّخ فى الأذهان أن لهذا الشهر خصوصية.. فالعبادة فيه مضاعفة الأجر والثواب.

ولكن.. هل بنفس القدر والحماس هيأنا نفوسنا وطهرنا قلوبنا من رواسب الحقد والحسد والتنافس المذموم؟ هل عقدنا العزم على تغيير سلوكنا لنبدأ صفحة جديدة من العمل الجاد والمثمر الذى يعود بالنفع على المجتمع كله؟.. جميل أن يهرع المتكاسلون إلى المساجد وأن يلجأوا إلى كتاب الله بعد أن هجروه طول العام.. والأجمل أن نستوعب قوله تعالى "أفلا يتدبرون القرآن" لكى ندرك أن مِن معانى التدبر الوقوف على الآيات الكريمة التى تحثّ على العمل الصالح ومحاولة تطبيقها فى الحياة.. إن كلمة "الإيمان" فى أغلب الآيات مقرونة "بالعمل الصالح" (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدّا) غير أن كثيرا من الناس أصبح يحصر العمل الصالح فى العبادات الفردية من ذكر وصلاة وتسابيح.. ولا شك أنها من أفضل العبادات.. لكن هؤلاء تناسوا أن مظلة العمل الصالح تتسع لتشمل كثيرا من الأعمال التى تنعكس بالخير على المجتمع.. وتدفع عنه الشر.. فالإنتاج الزراعى والصناعى والفكرى والخدمى.. يندرج تحت مظلة العمل الصالح إذا اقترن بالإخلاص والاحتساب عند الله.. فالطبيب الذى يخفف آلام المرض.. والمهندس الذى يبنى ويعمر.. والصانع الذى يتقن صنعته.. والزارع الذى يُفلح الأرض لينتج لنا الغذاء.. والحِرَفى الذى يجيد حرفته.. والموظف الذى يتفانى فى خدمة المترددين عليه.. وعامل النظافة.. وتنظيم المرور.. كل هذه الأعمال وغيرها التى تفيد المجتمع تشملها مظلة العمل الصالح.. وتُعد من العبادات إذا ما اقترنت بالنية الخالصة لله.

وكم أتعجب حينما أرى رجلا يخرج من المسجد ومازالت كلمات التسابيح والاستغفار تتقاطر من شفتيه.. وما أن ينزل الى معترك الحياة ويتعامل مع الناس فى الشوارع والأسواق حتى ينسى كل ذلك ويلبس قناعاً مختلفاً يتعامل به مع الناس.. فيبيح لنفسه الفهلوة والتزييف والاعتداء على حقوق الآخرين.. لأنه يرى بفكره القاصر أن الروحانيات شىء والتعامل مع الناس شىء آخر.. بسبب فهمه المغلوط الذى يقصر العمل الصالح على العبادات الفردية فقط.. ولو علم مثل هؤلاء أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.. وأن المقاصد العليا للأديان هى إصلاح الأفراد.. وتنمية المجتمعات.. وتهذيب السلوك.. لو علم ذلك لتغير منهجه فى الحياة.

نأمل أن تتطهر قلوبنا وعقولنا وسلوكنا فى رمضان وما بعد رمضان.. وأن نفهم العمل الصالح الفهم الصحيح.. وكل عام وأنتم بخير.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة