تعكف دوائر صنع القرار السعودية حاليا على دراسة نتائج ما يدور على الساحة العراقية، فيما تعتقد مصادر سعودية رفيعة المستوى أن ما تشهده الساحة العراقية "كان نتيجة متوقعة منذ فترة ليست بالقصيرة بسبب سياسات (رئيس الوزراء العراقى) نورى المالكى الطائفية وارتمائه فى أحضان قوى إقليمية لا تريد الخير للعراق ولا لشعبه"(فى إشارة إلى إيران).
وكان الأمير تركى الفيصل رئيس المخابرات السعودية السابق، حمل فى وقت سابق حكومة نورى المالكى مسئولية سقوط مساحات واسعة من الأراضى فى شمال العراق بيد المسلحين، وقال إن "بغداد أخفقت فى وقف ضم صفوف المتشددين والبعثيين من عهد صدام حسين".
وأضاف الأمير تركى أن "تقدم قوات تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) ما كان ينبغى أن يكون مفاجئا"، مشيرا فى حديثه أمام المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية الأسبوع الماضى فى روما، إلى أن "الوضع فى منطقة الأنبار فى العراق يغلى منذ بعض الوقت وبدا أن الحكومة العراقية ليست متقاعسة عن تهدئة الغليان هناك وحسب بل بدا أنها كانت تحث على انفجار الأمور فى بعض الحالات".
ويؤكد مسئول كبير فى الخارجية السعودية فى لقاء خاص جمعه مع بعض السفراء الغربيين مؤخرا، أن بلاده تقف ضد كل حركات الإرهاب أيا كان مصدرها، ومن بينها تنظيم "داعش"، مشيرا إلى أن "التنظيم مدرج على قائمة الإرهاب السعودية مثله مثل تنظيم القاعدة أو حزب الله السعودى أو حركة الحوثيين.. إلخ".
وتفيد معلومات يتداولها الوسط الدبلوماسى فى العاصمة السعودية الرياض، بأن إيران التى دعمت نورى المالكى، وكانت وراء العديد من قراراته ومواقفه "باتت الآن مقتنعة بضرورة إيجاد بديل له ويكون مقبولا لدى الطائفة السنية التى عانت الكثير نتيجة سياسة المالكى العنصرية التى دأبت على تهميشهم واضطهادهم بتعليمات من طهران"، وتضيف تلك الأوساط أن "اجتماعا عقد مؤخرا لكبار المسئولين الأمنيين الإيرانيين برئاسة الرئيس حسن روحانى خلص إلى ضرورة التخلص من المالكى كبداية لحل المشكلة".
وقال الأمير تركى الفيصل إن تنظيم "داعش" لم يبد أن لديه ما يكفى من القوة بمفرده لتحقيق التقدم الذى حققه، فالتقارير الإعلامية قالت إن عدد مقاتليه يتراوح بين 1500 و3000 فقط، وتابع "النتيجة التى توصلت لها أن هذه الأرقام مضاف إليها ليس التشكيلات القبلية فى المنطقة وحسب بل والبعثيين والجماعات الأخرى التى كانت تعمل فى ذلك الجزء من العراق ليس منذ الأمس بل منذ بداية الاحتلال الأمريكى للعراق فى 2003".
وأشار الأمير تركى إلى أن الوضع فى العراق يتغير بسرعة تحول دون توقع ما سيحدث فى الأيام أو الأسابيع المقبلة، ولكنه قال إن "الموقف ربما يؤدى إلى نتائج غير متوقعة إذا شاركت الولايات المتحدة فى القتال بعد ثلاثة أعوام من انتهاء احتلالها للعراق فى 2011".
وتابع "من السخريات المحتملة التى قد تقع هو أن نرى الحرس الثورى الإيرانى يقاتل جنبا إلى جنب مع الطائرات الأمريكية بدون طيار لقتل العراقيين، هذا شىء يفقد المرء صوابه ويجعله يتساءل إلى أين نتجه؟".
وأفادت تسريبات لصحف أمريكية بأن المالكى كان قد أبلغ الأمريكيين موافقته على شن غارات أميركية، سواء بطائرات حربية مأهولة أو بطائرات من دون طيار ضد مقاتلى داعش.
وأمرت الولايات المتحدة بتحرك حاملة طائرات لدخول الخليج أمس السبت، واتخاذها الاستعدادات اللازمة فى حالة ما إذا قررت واشنطن اللجوء للخيار العسكرى، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) فى بيان "سيمنح الأمر للقائد العام مرونة إضافية إذا تم اللجوء للخيارات العسكرية لحماية أرواح الأمريكيين والمواطنين والمصالح الأمريكية فى العراق".
وكان الرئيس باراك أوباما قال يوم الجمعة إنه يدرس بدائل عسكرية ليس من بينها إرسال قوات للقتال فى العراق لمحاربة المتشددين المسلحين.
وقالت وزارة الخارجية العراقية فى بيان إن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى اتصل هاتفيا بنظيره العراقى هوشيار زيبارى أمس السبت، وعبر عن دعمه للعراق فى حربه ضد المسلحين المتشددين.
وأضاف البيان أن كيرى تعهد بتقديم 12 مليون دولار، وشدد على ضرورة أن يطمئن العراق جيرانه بأن الحرب ليست طائفية، لكنها حرب ضد المتشددين.
ويتساءل دبلوماسى سعودى عن كيف تم نقل معدات عسكرية عبر الحدود إلى داخل سورية فى حين أن قادة التنظيم يتوعدون بالزحف على بغداد لتصفية الحساب؟ وكيف يفهم أن داعش لم يقاتل أبدا ضد النظام السورى بل يعمل بتنسيق موثق مع عملائه المحليين؟ وبالتالى ماذا يعنى إعلان دمشق أنها وبغداد تقاتلان عدواً واحداً، ولماذا انهار الأمن العراقى على هذا النحو المريب، رغم أنه استطاع أن يصمد فى سامراء مثلا للدفاع عن مرقدى الإمامين الشيعيين.
ويضيف: "هذه الأسئلة وسواها فشلت فى تمكين حكومة المالكى من البدء بحملة مضادة لاسترجاع المناطق المحتلة على افتراض أنها مصممة فعلا على استعادتها".
ومن المعروف أن المعارضة فى كل من العراق وسورية تتهم النظامين الإيرانى والسورى بدعم داعش، طالما أن كل تحركات داعش تحقق مصلحتيهما وأهدافهما.
ويتفق عدد من المحللين على أن الحل الوحيد أمام الدول الغربية وفى مقدمتها الولايات المتحدة ودول المنطقة، لمنع تحويل المنطقة إلى مرتع خصب للإرهاب وإثبات صدقيتها هو "إنهاء الأزمة السورية من خلال إرغام الرئيس بشار الأسد على التنحى وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وكذلك الأمر بالنسبة مع العراق ووقف سياسة التوسع ومحاولات فرض النفوذ الإيرانية التى لن تصب أبدا فى مصلحة العالم بأسره" على حد قول أحدهم.
ويدلل هؤلاء على أن "إيران لم تكتف بدعم الأسد فى سورية وحسب، وإنما تعمل على إذكاء اضطرابات الشيعة فى البحرين واليمن والأقلية الشيعية فى السعودية، وتعمل على نشر التشيع فى مصر وليبيا وتونس والمغرب والسودان، وتشجيع كل الحركات الإسلامية المتطرفة فى كل مكان، فضلا عن تدخل الحرس الثورى الإيرانى بشكل علنى فى العراق باعتبارها الباحة الخلفية لإيران إلى جانب أن الإيرانيين لن ينسوا هزيمتهم على أيدى شيعة العراق إبان الحرب العراقية ــ الإيرانية والتى انتهت باستسلام طهران،"فى إشارة إلى أن العراق به غالبية شيعية، ولكن قوميتهم عربية تتناقض مع القومية الفارسية".
ولكن يسود اعتقاد لدى أوساط دبلوماسية خليجية وعلى نطاق واسع، أن الرئيس الأمريكى ليس فى موقف يسمح له باتخاذ قرار جرىء وحاسم "لضعف شخصيته التى تتسم أيضا بالتردد".
وألقى نائب القائد العام لقوات الحرس الثورى الإيرانى العميد حسين سلامى هذا الأسبوع باللوم فى أنشطة جماعة الدولة الإسلامية فى العراق والشام على "تدخل قوى التنمر وحلفائها فى المنطقة"، فى إشارة إلى دول الخليج المتحالفة مع الغرب.
وكشف مصدر خليجى مطلع طلب عدم الإشارة إلى اسمه إلى أن اتصالات "محمومة" تجرى حاليا بين واشنطن وعواصم خليجية "مؤثرة"، للبحث فى تطورات الساحة العراقية، مشيرا إلى استمرار ما يقارب من 20 ألف أمريكى فى العراق.
كما كشف المصدر عن اجتماعات تمت ولا تزال مستمرة حتى الآن بين الأجهزة الأمنية فى دول مجلس التعاون الخليجى، لبحث مواجهة خطط تنظيم "داعش" بعد أن بات يمثل تهديدا لكل دول المنطقة، ومن المنتظر أن تعقد لقاءات لرؤساء تلك الأجهزة خلال الأيام القليلة المقبلة لتوحيد الموقف الخليجى وإقرار خطة موحدة إزاء ذلك.
الألمانية: السعودية ضد داعش وتدرس نتائج ما يدور على الساحة العراقية.. المملكة تؤمن أن الحل يبدأ من سوريا بإرغام الأسد على التنحى.. وإيران تخطط للتخلص من المالكى كبداية لحل المشكلة
الأحد، 15 يونيو 2014 03:23 م
تنظيم داعش - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة