لما يتمتع به من صدق ومصداقية أحببت هذا الرجل المنغمس فى هموم الوطن حتى النخاع هو ومن معه من شباب، أكثر من ثلاثين شابا جمعتهم الموهبة وتنافسوا فى إخراج كل ما يؤمنون به ويتمنونه لحب هذا البلد من خلال عرض ما أطلقوا عليه رؤية فنية والحقيقة أن ما قدمه المخرج المبدع رضا رمزى ينتمى إلى فن الأوبريت من خلال عرض القضايا والأهداف التى قامت الثورة من أجلها، وسعت إلى تحقيقها ومازالت تسعى حتى الآن بمصاحبة الموسيقى والغناء المعبر عن كل موقف أو كل مشهد من المشاهد فيبدأ الأوبريت بعزف السلام الجمهورى ورفع علم مصر ثم يعرض المخرج المبادى التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير و30 يونيو من خلال إلقاء الضوء على الحال التى كانت مصر عليها قبل الثورة ومقارنة بين أوضاع الأثرياء والفقراء من خلال مواقف تبين الفجوة بين الطبقتين فى التعليم والصحة وكل مظاهر الحياة كل ذلك يتم من خلال عدد من المواقف الكوميدية والتى تثير فى النفس أحزانا كثيرة فى الوقت نفسه ويستغل من يتصارعون على الوطن هذا الحال من التردى فيواصلون الاستيلاء على أقوات الشعب وأصواته من خلال الوعود الكاذبة وشراء الأصوات بالمال وبالسلع التموينية ودغدغة عواطف الشعب بالدين، الأمر الذى ثار من أجله الشعب ثورتين، ثم يطرح مخرج العرض سؤالا مشروعا وبأعلى صوته: لماذا كتب على فقراء هذا الوطن الجريح أن يتحملوا كل شىء من أول الموت والجوع والمرض والقيام بالثورة أيضا، فى الثورة الأولى والثانية سقط منهم من سقط وأصيب من أصيب وقبل الثورة كانوا ملح الارض وطينها ومازالوا ولعل السؤال يكون قد وصل إلى أسماع المسؤولين فيقدمون لنا إجابة ليست شفوية، هو يريد إجابة مغموسة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية وكرامة وعزة يستشعرها كل الناس، ورضا رمزى من خلال الأوبريت يعلن بأعلى صوت ويحذر الناس ويوجه رسالة إلى الشعب ألا ينخدع كما انخدع فى السابق وألا ينساق إلى المتاجرين بالدين ولا يعطى صوته إلا لمن يستحق فى أى انتخابات قادمة ويهيب بالشعب أن يلتف حول قائده الذى انتخبه وألا يخذله كما يركز ويوجه نداء إلى مصر وإلى أبنائها فى ذات الوقت، فكما أعطتنا مصر الكثير علينا أن نعطيها نحن ونتفانى فى حبها لا بالشعارات ولكن بالعمل، وفى النهاية لا يركن المخرج رضا رمزى إلى الأحلام والاستسلام فلم ينس لحظة أنه ثائر ووطنى مخلص قبل أن يكون مخرجا مسرحيا فيوجه نداءً للقائمين على أمور البلاد: إنه إذا لم تتحقق أهداف الثورة لن يسكت الشعب، سيثور مرة أخرى، وعلى القائمين على أمر السلطة فى البلاد أدراك هذه الحقيقة ووضعها فى القلب والعين وفوق الرأس، تحية من القلب للصديق العزيز رضا رمزى ومن معه، كلهم نجوم كبار خاصة الفنان أيمن الدانمركى موهبة تشى بمستقبل كبير فقد شرفت بحضور العرض على مسرح جمعية الشبان المسلمين مع جمع غفير من المحبين للوطن فمصر تستحق منا الكثير.
