فضيلة المفتى د. شوقى عبد الكريم علام يكتب: من خصائص الخطاب الدينى.. الشباب أمل الأمة الحامل للواء الدعوة.. ارتفاع نسبتهم بالمجتمع يقربه للتصدر والتأهل والريادة.. واستيعاب قضاياهم ومشكلاتهم ضرورة

السبت، 14 يونيو 2014 08:19 ص
فضيلة المفتى د. شوقى عبد الكريم علام يكتب: من خصائص الخطاب الدينى.. الشباب أمل الأمة الحامل للواء الدعوة.. ارتفاع نسبتهم بالمجتمع يقربه للتصدر والتأهل والريادة.. واستيعاب قضاياهم ومشكلاتهم ضرورة شوقى عبد الكريم علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شك أن قوة المجتمعات تقاس بشبابها، ذلك لأنهم دلالة عافيتها، وعنوان قدرتها على السير فى طريق الحياة الصحيح بجد ومثابرة، وكلما ارتفعت نسبتهم فى المجتمع كلما كان أقرب إلى التصدر والتأهل والريادة، ولقد اهتم الإسلام بالشباب اهتمامًا كبيرًا حيث إنهم يمثلون أمل الأمة والحامل للواء الدعوة، حتى فى تكليف الله بالنبوة للبشر، التى هى أعلى مراتب الصلة بالمولى جل وعلا، ويقول عنها ابن عباس رضى الله عنهما: «ما بعث الله نبيًّا إلا شابًّا، ولا أوتى العلم عالمٌ إلا وهو شاب»، وهذا ما أكده القرآن فى ثنايا حديثه عن الأنبياء والرسل.
فتحدث عن إبراهيم عليه السلام قائلاً حكاية عن قومه: «قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم»، قال ابن كثير: أى شابًّا. ويذكر سبحانه وتعالى قصة يوسف عليه السلام بتفاصيلها، وهو أعلى قدوة للشاب فى العفة والطهر، وإيثار مرضاة الله، وإن ناله ما ناله فى الدنيا من تعب وعناء. وكذلك يذكر سبحانه قصة الفتية من أهل الكهف: «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى»، وذلك فى إشارة واضحة إلى أن الشباب أنقى الناس عقيدة وأخلصهم سريرة وأشدهم حرصًا على صلاح المجتمعات إذا صلحت سرائرهم، وأوضح ابن كثير، رحمه الله تعالى، ذلك فقال: فذكر الله تعالى أنهم فتية، وهم الشباب، وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا، وانغمسوا فى دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شبابًا، وأما الشيوخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم، ولم يسلم منهم إلا القليل.

ولما كنا بصدد الحديث عن الخطاب الدينى وضرورة تجديد آلياته، واستحداث الوسائل الجديدة التى من خلالها نقوم بصياغة خطاب دينى جديد، كان علينا أن نؤكد على ضرورة استيعاب قضايا الشباب ومشكلاتهم سعيا لإرشادهم  وبناء جسور التفاهم والتعاون معهم، بهدف إعدادهم لتحمل المسؤوليات الجسام التى تنتظرهم.

وهذا الخطاب الدينى المأمول لا بد أن يبين مدى حرص النبى صلى الله عليه وسلم على هؤلاء الشباب، ومحاولته إسداء التوجيه والنصح لهم وإظهار مكانتهم فى حمل الدعوة، وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم متفاخرًا بهم: «إن الله قد بعثنى بالحنيفية السمحة فحالفنى الشباب وخالفنى الشيوخ».

وعلى الخطاب الدينى اليوم فى مرحلة هى الأهم فى تاريخ الأمة أن يبين أهمية دور الشباب فى بناء الأمم والنهوض بها، وذلك من خلال أخذ النماذج من سيرة النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله تعالى عنهم، فبمراجعة سير الصحابة رضوان الله عليهم نجدهم قد تحملوا هم الدعوة واستطاعوا فى زمن يسير أن يسيروا بها إلى العالمين، وكانت بفضلهم قادرة على أن يرفرف علمها على مشارق الأرض ومغاربها.

لذا فالمتتبع لهديه صلى الله عليه وسلم يلمس حرصًا شديدًا على الشباب، وكأنه توجيه للأمة على مستوى قياداتها فى الاهتمام الشديد بهذا العنصر الحيوى داخل جسدها، وكأنه يؤكد على ضرورة الاهتمام المعنوى بالتوجيه والتربية والتعهد بذلك حتى يبقى المجتمع دائمًا فتى قادرًا على مواجهة صعاب الحياة.

كما أن على خطابنا الدينى أن يبين المعيار الحقيقى للشباب الذين تقع على كواهلهم مسؤولية بناء الأمة فقد وضع النبى صلى الله عليه وسلم الميزان الذى تستقيم به حياة الشباب فقال: «سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ومنهم: وشاب نشأ فى طاعة الله»، وكأنه يؤكد ضرورة حرص المجتمع أن يكون الشباب بهذه الصورة، ينشأون فى طاعة الله، فتعظم المعاصى فى عيونهم، فيصيرون عبادًا ربانيين، فتصح العقائد، وتقوى الأبدان، وتبدع العقول، وتسمو النفوس فيعلو نجم المجتمع بعلو شبابه النبلاء. كما لا يفوت هذا الخطاب أن يلفت النظر إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم أكد على ضرورة التعهد بالتنشئة الإيمانية من البداية من حيث هى طوق النجاة الذى يعصم الشاب من سلوك طريق المعصية، فتراه صلى الله عليه وسلم يعطى القدوة فى هذا التعهد، فيقول لابن عباس رضى الله عنهما: «يا غلام إنى أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك». فبعض المواقف من حياته صلى الله عليه وسلم فى تعاملاته مع الشباب لكفيلة على بيان شدة حرصه على الشباب، وكذلك بيان منهجه العملى الرفيق الذى يراعى طبيعة الشباب وكيفية التعامل معها، وهو بكل ذلك يعطى توجيهًا للأمة كيف نتعامل مع هؤلاء.

ومن الأمور التى لا بد ألا يغفلها خطابنا الدينى تأكيده على الاستفادة من الشباب، فهذا أسامة بن زيد رضى الله عنه يشاوره النبى صلى الله عليه وسلم فى حادثة الإفك، ويسلمه قيادة الجيش الذاهب إلى الروم. وهذا عبدالله بن الزبير، يقود الغلمان لمبايعة النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا مصعب بن عمير، يرسله داعية إلى أهل المدينة وسفيرًا له وهو شاب يعطيه ثقته ويوليه مكانة رفيعة تأكيدًا لدور الشباب، ووجوب تصديرهم.

ألا ما أعظم حاجتنا إلى مطالعة سيرة النبى صلى الله عليه وسلم وهديه فى كل شىء، ألا ما أحوجنا إلى فهم شبابنا واحتوائهم كما احتواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نخرج منهم تلك النماذج التى أخرجها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من شباب الأمة الواعد الذى يحتاج لمن يحسن تربيته ويضعه على بداية الطريق الصحيح للنهوض بالبلاد والعباد.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

هاشم كامل

تقصد مين بالشباب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة