سيطرة داعش على العراق تفتح سيناريو تقسيم المنطقة.. تحركات «طالبان» فى أفغانستان وباكستان وتنظيم «الدولة» فى سوريا والعراق والجهاديين فى ليبيا تظهر فشل الحرب الأمريكية على الإرهاب

السبت، 14 يونيو 2014 09:10 ص
سيطرة داعش على العراق تفتح سيناريو تقسيم المنطقة.. تحركات «طالبان» فى أفغانستان وباكستان وتنظيم «الدولة» فى سوريا والعراق والجهاديين فى ليبيا تظهر فشل الحرب الأمريكية على الإرهاب داعش
تحليل تكتبه:إنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن العدد اليومى:
تطرح التطورات الأخيرة فى العراق مع سيطرة جماعة الدولة الإسلامية فى العراق وبلاد الشام على عدد من كبرى المدن وفرار مئات الآلاف من المدنيين بل جنود الجيش، الكثير من المخاوف والتساؤلات التى تتعلق بفشل الحرب الأمريكية على الإرهاب ولكن بشكل أكثر خطورة، حيث فكرة تقسيم بلدان الشرق الأوسط وهى الفكرة التى وثقتها نيويورك تايمز بخريطة نشرتها، سبتمبر 2013، لتقسيم عدد من بلدان المنطقة بينها العراق وسوريا، فضلا عما يصاحب الصراع من أزمات إنسانية تتعلق باللاجئين.

خريطة تقسيم الشرق الأوسط
الخريطة التى نشرتها نيويورك تايمز تشير إلى أن الخصومات الطائفية والعرقية يمكنها تقسيم سوريا إلى ثلاث قطع، تضم الأولى العلويين، وهى الأقلية التى تسيطر على الحكم فى البلاد منذ عقود وتتركز فى الممر الساحلى، والأكراد الذين يرغبون فى الاستقلال بالإقليم الشمالى والاندماج مع أكراد العراق، والسنة الذين يشكلون حركات التمرد وهم الذين ربما يسعون لانفصالهم ليشكلوا بالاتحاد مع محافظات فى العراق ما أسمته بدولة «سنيتان» التى تمتد من وسط سوريا إلى وسط العراق.

وطبقا لتوقعات الصحيفة فإنه بعد اتحاد أكراد العراق وسوريا لتشكيل دولتهم فى شمال البلدين، واتحاد السنة فى الوسط، فإن جنوب العراق سيتحول إلى دولة «شيعستان» التى ستكون للشيعة العراقيين. وتحدث الكاتب البريطانى روجر بويز، فى مقاله بصحيفة التايمز، الشهر الماضى، عن «تفكيك سوريا» باعتباره الحل الأمثل، أو الأقل ضررا الآن، حيث كما يرى، يجب السماح للدول الفاشلة بأن تتفكك، فالإبقاء على تماسكها ربما أدى إلى تراكم الكراهية فى النفوس، كما حصل فى يوغوسلافيا تيتو.

وتظهر عمليات جماعة الدولة الإسلامية فى العراق وبلاد الشام، المعروفة بـ«داعش»، هذا الأسبوع، حيث فتحت جبهات قتال جديدة موسعة فى العراق، فى محاولتها لتأسيس الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا. وتمتد سيطرة الجماعة، التى تعد ذراع تنظيم القاعدة فى العراق، من الفلوجة، وسط العراق بالقرب من العاصمة دمشق شمالا مرورا بكركوك وحتى الموصل.

وبدأت عمليات داعش فى العراق قبل ستة أشهر عندما سيطرت على مدينة الفلوجة، قبل عدة أشهر، وهى المدينة التى شهدت المعركة الأكثر شراسة بين القوات الأمريكية وعناصر تنظيم القاعدة لتطهيرها من العناصر المسلحة المتطرفة عام 2004 وهى المعركة التى سقط فيها نحو 100 جندى أمريكى.

الاعتداءات المتعددة الجوانب عبر وسط وشمال العراق، هذا الأسبوع، تدل على أن داعش، الخارجة من عباءة تنظيم القاعدة، باتت الجماعة الإرهابية الأكثر قوة وفاعلية فى العالم. فلقد بات يمكنها السيطرة والعمل دون أى رادع ممتدة من وسط العراق وحتى شرق سوريا. ووفقا لتقارير صحفية غربية فإن قوات الجيش العراقى فى الموصل انهارت فى مواجهة مسلحى الجماعة، الأكثر وحشية على الإطلاق، حيث ألقى الجنود أسلحتهم واستبدلوا بزاتهم العسكرية بأخرى مدنية، واختلطوا مع الجماهير الفارة.

وفى مشهد أكثر مأساوية تناثرت جثث الجنود وضباط الشرطة فى الشوارع. فيما قام المسلحون بإطلاق سراح آلاف المساجين، واستولوا على القواعد العسكرية ومراكز الشرطة والبنوك ومقرات المحافظة، قبل أن يرفعوا العلم الأسود لجماعة الدولة الإسلامية فى العراق وبلاد الشام أعلى المبانى العامة.

صندوق باندورا
وتقول صحيفة الديلى تليجراف إنه فى حين كانت سوريا تجذب الجماعات الجهادية من جميع أنحاء العالم برسالتها الدينية، واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية بدهاء لبث الصور البشعة لعملياتها، بدءا من قطع الرؤوس وصلب معارضيهم أو جنود الجيش السورى، فإن استراتيجيى داعش كانوا يلعبون لعبة سياسية أكثر تقليدية فى العراق المجاور، مشيرة إلى محاولات إحكام السيطرة على العراق لتأسيس دولتهم الخاصة.

وهذا الصعود القوى لداعش ربما يشير إلى تورط الغرب وتركيا ودول الخليج التى دعمت قوات التمرد السورية بالأسلحة والأموال، فى مواجهة نظام الرئيس بشار الأسد، بفتح «صندوق باندورا». فبينما تستخدم داعش كلا من الموارد البشرية والمالية التى لعبت دورا كبيرا فى الحرب الأهلية السورية، والتى تأتى على نحو خاص من المتعاطفين الدينيين فى الخليج، فإن صحيفة الإندبندنت أشارت إلى أن خلق هذا النوع من دولة الخلافة، الذى ظهرت بوادره فى سوريا مع فرض الجزية والشريعة الإسلامية فى مدينة الرقة منذ عدة أشهر، يثير المخاوف فى الدول المجاورة مثل الأردن والسعودية وتركيا، التى ربما تصبح هدفا للمقاتلين السنة.

فشل الحرب الأمريكية على الإرهاب
المشهد فى العراق وسوريا وربما ليبيا، جنبا إلى جنب مع ما وقع فى باكستان من هجمات إرهابية هذا الأسبوع، يتحدث بقوة عن الفشل الذى تواجهه الولايات المتحدة بعد أكثر من 13 عاما قضتهم قواتها فى الشرق الأوسط تحت مسمى الحرب على الإرهاب. فلقد خسرت الولايات المتحدة أكثر من 4486 جنديا فى العراق بين عامى 2003 و2012 وفى أفغانستان يصل القتلى من الجيش الأمريكى نحو 2000 جندى.

ويبدو أن الولايات المتحدة تخوض حروبها دون استراتيجية ما بعد الحرب، فبعد قيامها بغزو العراق لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين عام 2003، وخوضها معارك ضارية فى مواجهة مسلحى تنظيم القاعدة، عادت العراق لتسقط مجددا فى براثن جماعة أكثر شراسة ووحشية من غيرها من التنظيمات الإرهابية، وحذر المنتقدون والخبراء الأمنيون الغربيون منذ فترة طويلة أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق عام 2011، دون ترك قوة رمزية، من شأنه أن يحيى التمرد مرة أخرى.

وفى ليبيا، تدخل حلف شمال الأطلسى «الناتو»، بقيادة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإسقاط نظام العقيد معمر القذافى فى صيف 2011، لتبدأ ليبيا عهدا جديدا من سيطرة الجماعات الإرهابية التى سيطرت على ترسانة أسلحة القذافى وتقوم بتهريبيها عبر السودان ومنها إلى سيناء حيث تسعى الجماعات الإسلامية لإيجاد ملاذ آمن ومنها تهدد أمن إسرائيل الذى طالما عملت الولايات المتحدة على حمايتها وضمان أمنها.

وبينما لم تنسحب القوات الأمريكية بعد من أفغانستان، حيث تشن حربها على جماعة طالبان والقاعدة منذ عام 2001 فى أعقاب الهجوم الوحشى على مركز التجارة فى نيويورك، فإن طالبان تزاد قوة وتحديا للولايات المتحدة حتى إن الرئيس باراك أوباما وجد نفسه مضطرا، الأسبوع الماضى، لمبادلة خمسة من عناصر الحركة الأفغانية المتطرفة من جوانتانامو مع الرقيب الأمريكى الأسير «بو برجدال». وتمت الصفقة بواسطة قطرية، حيث تم تسليم العناصر الطالبانية للدوحة.

ولقيت الصفقة انتقادات واسعة، خاصة أن القانون الأمريكى ينص على أن البيت الأبيض مطالب بإحاطة الكونجرس علما بمثل هذه الصفقات التى تتعلق بنزلاء معتقل جوانتانامو قبل اتمامها بـ 30 يوما، ولكن الإدارة قررت أن الانتظار قد يؤدى إلى تقويض الصفقة. فوفقا لمسؤولين أمريكيين، تحدثوا لوكالة الأسوشيتدبرس، فإن الإدارة لم تخبر الكونجرس بالصفقة، لأن حركة طالبان هددت بقتل برجدال فى حال تسرب تفاصيلها.

ونشرت حركة طالبان على موقعها الإلكترونى، الأسبوع الماضى، فيديو يستغرق 17 دقيقة، ويحمل عنوان «مراسم الإفراج عن الجندى الأمريكى»، يظهر برجدال، 28 عاما، مرتديا زيا أفغانيا أبيض ويقف بجانب عدد من الرجال الذين يضعون عمامات، ثم تحط مروحية وينزل منها ثلاثة رجال بزى مدنى ويذهبون للقاء عناصر طالبان وبرجدال.

ويبرز الفيديو مصافحة الأمريكيين والمتمردين ثم يرافق برجدال بعد تفتيش سريع إلى المروحية التى تقلع ويظهر بعدها تعليق على الفيديو «لا تعد إلى أفغانستان».

وإلى جانب تفاوضها مع واشنطن، فإن حركة طالبان استأنفت أنشطتها الإرهابية، إذ أعلن الجناح الباكستانى لها، مسؤوليته عن الهجوم الذى وقع مساء الأحد الماضى على مطار كراتشى وأسفر عن مقتل 34 شخصا على الأقل، كما أعلنت مسؤوليتها عن هجوم جديد استهدف، الثلاثاء، مرفقا للتدريب الأمنى تابع لمطار كراتشى. وأشار محللون غربيون تحدثوا لصحيفة نيويورك تايمز تعليقا على الهجمات، إلى أن حركة طالبان يمكنها تكوين شبكة دولية لتنفيذ هجمات متطورة من شأنها أن يمتد تهديدها للمصالح الأمريكية فى أفغانستان.

وأوضحت «نيويورك تايمز» أن قوة «طالبان» تكمن فى شبكة التحالفات التى أقامتها مع الجماعات المتشددة فى شمال وزيرستان - المنطقة القبلية التى تقع على الحدود الأفغانية، والذى برز منذ عام 2001 كمركز عالمى ينبض بالحياة لأموال وأيديولوجية الجهاديين ويذخر بمقاتلين من البنجاب، والشيشان، والعرب ودول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى طالبان الأفغانية وقلة من الغربيين.

أزمة اللاجئين
وتظل الخسائر الأكبر للصراعات المشتعلة فى المنطقة هى تلك البشرية، فبينما أكدت تقارير رسمية، فرار نحو نصف مليون عراقى إلى إقليم كردستان، الذى يتمتع بالحكم الذاتى، مع سيطرة داعش على الموصل، فإنه ومنذ بدء الصراع فى يناير الماضى، فر الآلاف من عائلات الطبقة المتوسطة فى الفلوجة إلى الشمال الكردى، ومنتجعات الإجازات، فيما فر آخرون إلى مدينة كربلاء الشيعية المقدسة.

ووصفت الأمم المتحدة، مارس الماضى، نزوح اللاجئين من محافظة الأنبار باعتباره أكبر نزوج منذ الحرب الأهلية فى العراق قبل سبع سنوات. هذا علاوة على نزوح نحو 2.3 مليون سورى فارين من ويلات الحرب الأهلية إلى المخيمات فى لبنان والأردن، وهو ما يشكل عبئا على دول الجوار التى ربما تعانى مصاعب اقتصادية.

ووفقا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين فإن العراق شهد نزوح نحو 50 ألف مواطن فى الداخل والخارج شهرياً خلال الفترة 2006-2007، ولا يزال يعتبر أحد أكثر البلدان التى تصدر اللاجئين من مواطنيها إلى العالم. وبحسب تصريحات صحفية للسفير العراقى لدى الأردن جواد هادى عباس، فإن عدد العراقيين المقيمين فى الأردن وصل إلى حوالى 190 - 200 ألف حتى نهاية العام 2013.

وبلغ عدد العراقيين الذى لجأوا إلى الأردن عقب الغزو الأمريكى للعراق فى 2003 ما يزيد على مليون لاجئ، فضلا عن الملايين الفارة إلى بلدان أخرى من العالم.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة