قال ألفا عمر كونارى، رئيس لجنة حكماء أفريقيا، الخاصة بمصر، والتابعة للاتحاد الأفريقى، "نحن كلنا مع عودة مصر (إلى عضوية الاتحاد الأفريقى) وهذا لن يكون بعيدا"، فيما رفض الإفصاح عن مضمون التقرير الذى سترفعه اللجنة إلى مجلس الأمن والسلم الأفريقى، مكتفيا بالقول: "التقرير سيكون إيجابيا".
وأضاف كونارى، وهو رئيس مالى السابق، أنه يتمنى أن يكون هناك حوار شامل فى مصر يشارك فيه كل المصريين، وقال "إذا كانت هناك خلافات فلتكن خلافات ثانوية".
جاء ذلك فى لقاء تنويرى على هامش مأدبة عشاء أقامها السفير الكويتى لدى أثيوبيا، راشد الهاجرى، فى منزله الليلة الماضية، بحضور سفراء كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر ومصر والسودان وتونس والجزائر وموريتانيا والمغرب وليبيا وفلسطين، وعضو اللجنة رئيس وزراء جيبوتى السابق دليتا محمد دليتا، فيما غاب عن اللقاء فوستوس موجاى رئيس بوتسوانا الأسبق والعضو الثالث باللجنة.
وتشكلت "لجنة الاتحاد الأفريقى العالية المستوى بشأن مصر" المعروفة بلجنة حكماء أفريقيا الخاصة بمصر، يوم 8 يوليو 2013 لمتابعة التطورات فى مصر، وذلك بعد تعليق الاتحاد يوم 5 يوليو 2013 مشاركة مصر فى أنشطته، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، فى الثالث من الشهر ذاته.
وقال كونارى، مداعبا السفير المصرى فى أديس أبابا، محمد إدريس "إنك تريد أن تنتزع منى قرارا وترسله فورا إلى الشعب المصرى، نحن كلنا مع عودة مصر، وهذا لن يكون بعيدا".
ورفض كونارى، رغم تساؤلات ومداخلات من سفراء الكويت ومصر وفلسطين، الكشف عن محتوى التقرير الذى سيرفعه إلى مجلس الأمن والسلم الأفريقى، فى وقت لاحق من الشهر الجارى، بشأن الأوضاع فى مصر مكتفيا بالقول "إنه (التقرير) سيكون إيجابيا".
وقال "أحاول أن أكون صريحا مع السفراء ولكنى ملتزم بمواثيق وأخلاقيات بالاتحاد الأفريقى ولا يمكن أن أبوح بأسرار المهمة التى أسندت إلى من الاتحاد الأفريقى وعليكم أن تعلموا أننى حريص على مصر كحرصكم عليها إن لم يكن أشد، ولكن فى إطار القيم والخلق التى أحملها كمسلم وأفريقى".
واعتبر كونارى أن ما حدث بين الاتحاد الأفريقى ومصر هو "سوء فهم"، مؤكدا أهمية مصر لأفريقيا والعرب.
وقال كونارى إن "ما حدث بين الاتحاد الأفريقى ومصر هو سوء فهم، وأفريقيا فى حاجة إلى مصر ومصر فى حاجة إلى أفريقيا"، مضيفا أن "أفريقيا تعتبر مكملة للأمن العربى وكذلك العرب هم فى حاجة إلى أفريقيا الحليف التقليدى للعرب عبر التاريخ".
وأضاف كونارى، خلال اللقاء، أن "مصر دولة مهمة لى شخصيا ولأفريقيا عموما وأنا أعتبر أن القضية المصرية هى قضيتى وأنا أعمل منذ البداية".
ومضى قائلا "قبلت بهذه اللجنة لأننى أعرف أهمية القضية وتأثيراتها بالنسبة لأفريقيا والعالم العربى وفهمى العميق لأبعاد القضية المصرية جعلنى أقبل بالمهمة".
وقال إن "قدر أفريقيا والعالم العربى مرتبط بمصير واحد ومشترك"، مضيفا أنه "عندما كان رئيسا لمفوضية الاتحاد الأفريقى (بين عامى 2003 و2008)، كان الحديث عن الصداقة العربية الأفريقية وكانت هناك علاقات تاريخية وجغرافية بين أفريقيا والعالم العربى".
وأوضح أنه "كان حريصا على توضيح موقف الاتحاد الأفريقى والقرارات التى اتخذها بتعليق عضوية مصر وهى عبارة عن سحابة صيف"، مضيفا أنه قام بزيارة عواصم عربية أفريقية من أجل توحيد الرؤية والموقف وأن الاتحاد الأفريقى كان يسعى لدعم مصر ومساعدتها لتجاوز التطورات التى شهدتها.
وقال كونارى إن "قوة مصر من قوة أفريقيا والعرب، والاتحاد الأفريقى كان له إسهامات ايجابية لدعم مصر، وجهودنا كان لها أثر لتوحيد الموقف الإقليمى والدولى"، معتبرا أن "استقرار مصر يؤثر تأثيرا مباشرا على السلم القارى والعالمى، واللجنة (حكماء أفريقيا) عبرت عن مساندتها خارطة الطريق التى اعتمدها المصريون".
وفى شهر يوليو الماضى أعلن الرئيس المصرى السابق عدلى منصور خارطة الطريق، الاستفتاء على الدستور (أقر فى شهر يناير)، والانتخابات الرئاسية (جرت فى شهر مايو الماضى، وفاز فيها الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسي) والانتخابات البرلمانية المقبلة التى ستجرى فى وقت لاحق من العام الجارى (لم يتحدد موعدها بدقة بعد).
وقال كونارى "كان هدفنا الأول هو دعم الأشقاء فى مصر، وتعزيز الحوار وتشجيع المشاركة فى الحوار الوطنى بما فيها الإخوان"، معربا عن تقديره للثقة التى منحتها له مفوضية الاتحاد الأفريقى.
وأضاف: "الأشقاء فى مصر قدموا لى كل الدعم وسهلوا له المهمة وكانت نتائجها إيجابية"، وتابع قائلا "رغم صعوبة الوضع فى الزيارة الأولى نتيجة الأجواء المشحونة والمتوترة إلا أن السلطات المصرية قدمت تعاونا مقدرا مكنه من إجراء اللقاءات مع كل القوى السياسية الموالية (للسلطات الحالية) والمعارضة".
وأشار إلى أنه التقى الرئيس الأسبق محمد مرسى (فى محبسه خلال شهر يوليو الماضى) وشخصيات بارزة فى جماعة الإخوان (التى ينتمى لها مرسى)، والمقربين منه، حيث ناقش معهم خارطة الطريق وتوسيع دائرة الحوار وإيجاد مخرج للتباينات والخلافات التى ظهرت فى مصر.
وأوضح كونارى أنه لم يتمكن من مقابلة مرسى فى زيارته الأخيرة للقاهرة، وقال إن "ذلك يرجع إلى مسائل قانونية حالت دون ذلك، إلا أن الجهات المعنية رتبت لى لقاءات مع أشخاص مقربين له (لم يسمهم) نقلوا لى رؤية مرسى".
وأكد المسئول الأفريقى وجود تعاون مع اللجنة من كافة الأطراف المصرية، وقال "نحن مرتاحون لأننا لمسنا رغبة مختلف القوى السياسية رغم التباينات فيما بينها، إلا أنها اتفقت على خصوصية العلاقة المصرية مع الاتحاد الأفريقى".
وأكد كونارى أن اللجنة ستواصل جهودها ليس من أجل أى طرف وإنما من أجل خدمة مصر، مشيرا إلى أن اللجنة سترفع توصياتها وقراراتها إلى رئيسة المفوضية دلامينى زوما، وإلى مجلس السلم والأمن الأفريقى.
وأضاف أن الدول الأفريقية فى قضايا حساسة دائما تتخذ قراراتها بالتوافق الأفريقى، مشيرا إلى أنه أجرى لقاءات من أجل تقديم توضيحات للعديد من بالبلدان الأفريقية عن مهمة اللجنة وأنه وجد تفهما أفريقيا حول ذلك.
وكشف عن أنه "كانت هناك رغبات باتخاذ القرار لعودة مصر خلال شهر مايو الماضى"، موضحا أن الإجراءات تتخذها لجان متخصصة وصولا إلى الجهات المعنية، ثم قمة مجلس الأمن والسلم الأفريقى فى ملابو عاصمة غينيا الاستوائية يوم 25 يونيو الجارى.
ومجلس الأمن والسلم الأفريقى الذى يتكون من 15 دولة، منهم 5 أعضاء دائمين، هو أعلى سلطة لفض النزاعات بالاتحاد الأفريقى، والخمسة أعضاء الدائمين يمثلون الأقاليم الأفريقية الخمسة (نيجيريا إقليم الغرب – أوغندا إقليم الشرق – غينيا الاستوائية إقليم الوسط – الجزائر إقليم الشمال – موزمبيق إقليم الجنوب)، وتنتقل الرئاسة دوريا كل شهر لواحدة من الدول الأعضاء الخمسة الدائمين بالمجلس.
واجتمعت لجنة حكماء أفريقيا، الخاصة بمصر، يوم الثلاثاء الماضى، بمقر الاتحاد الأفريقى بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ لمناقشة تقريرها عن جولاتها الثلاث إلى مصر وما تم خلال الفترة الماضية فى هذا الملف.
وفى وقت سابق، قالت دلامينى زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقى إنه "سيتم إلغاء تعليق عضوية مصر بالاتحاد الأفريقى، عندما ينتخب المصريون حكومتهم".
من جهة أخرى، أعرب كونارى عن رفضه لكافة أشكال العنف والإرهاب وندد بالعمليات الإرهابية والتخريبية التى شهدتها مصر مؤخرا، وقال إن "مثل هذه العمليات هى خصم للسلام والاستقرار والتنمية وعلينا أن نعمل على محاربة العنف والإرهاب، ولابد أن يظل الحوار قضية أساسية".
وأضاف أن "وحدة الأطراف المصرية هى فرصة لإقناع الجميع بعودة مصر للاتحاد الأفريقى".
ومضى قائلا إن "صوت الحوار سينتصر حتما فى مصر وأن الجميع يعمل على ذلك ونتمنى أن يكون الصوت الافريقى موحدا".