الدوافع الأمنية والخلفيات التاريخية أسبابًا أثارت الجدل حول محل إقامة الرئيس عبد الفتاح السيسى لإدارة شئون البلاد من قصر عاش شاهدًا على فترة حكم هى الأطول فى تاريخ مصر، استقر فيها المخلوع "حسنى مبارك" فى قصر الاتحادية طوال ثلاثون عامًا كاملة وضعت لقصر الاتحادية تاريخًا خاصًا بحياة صاخبة من القرارات السياسية التى شكلت وجه مصر، وهو القصر الذى دارت حوله الآراء بعد انتهاء عهد مبارك ومرسى، والإقامة المؤقتة للرئيس السابق عدلى منصور، وبقى السؤال حائرًا حول وضع القصر الأمنى الذى دفع باحتمالية استقرار الرئيس عبد الفتاح السيسى فى قصر القبة الذى أغلقت أبوابه على تاريخ آخر لحكم الملوك واستقبال كبار زوار الدولة فيما مضى.
رحلة الحكم فى مصر بداية من "محمد على باشا" وحتى الرئيس عبد الفتاح السيسى، هى الرحلة التى كان بطلها الأول قصور رئاسية شاهدة على تطور التاريخ، بداية من القلعة التى استقر بها حكم مصر منذ عهد صلاح الدين الأيوبى وحتى عهد الخديوى إسماعيل الذى نقل مقر الرئاسة إلى قلب القاهرة وأنشأ بعدها معظم القصور الرئاسية الموجودة حاليًا بداية من سرى عابدين الذى عرف بقصر الرئاسة الرسمى وحتى انتقال الملك فؤاد الأول إلى قصر القبة للإقامة به وإدارة شئون البلاد من خلاله عام 1917، وكانت بداية اعتبار القصر مقرًا ملكيًا للحكم قبل أن يعود مرة أخرى لاستقبال حاكم مصر عام 2014.
وبعد نهاية حكم الملك فؤاد ووفاته بقصر القبة، انتقل الحكم فى عهد فاروق مرة أخرى إلى قصر عابدين، وظل قصر القبة مكانًا رسميًا لاستقبال الوفود رفيعة المستوى، حتى قيام ثورة 52 التى انقلبت معها الموازين رأسًا على عقب، وبدأت أسطورة القصور الملكية فى الانخفاض شيئًا فشيئًا، ولم تعد إقامة الحاكم فى القصر أمرًا مرتبطًا بالحكم على يد الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" الذى وضع قواعد أخرى للقصور الملكية، وأدار شئون البلاد من قصر القبة بينما استقر فى منزله بمنشية البكرى، واكتفى بالذهاب للقصر يوميًا لإدارة شئون البلاد واستقبال الزوار، وخلفه الرئيس السادات الذى أدار شئون البلاد من القصر نفسه بينما استقر بمنزله فى الجيزة، وظل قصر القبة طوال فترتى رئاسة ناصر والسادات مقرًا رسميًا لإدارة شئون البلاد، لا يقيم فيه الرئيس إقامة كاملة.
الأمر الذى تحول تمامًا فى ظل حكم "مبارك"، الذى أعاد ترتيب خريطة مقر الحكم، واختار مقرًا جديدًا لم يكن ضمن القصور الرئاسية من قبل، وهو قصر الاتحادية أو قصر العروبة الذى ظل شاهدًا على فترة الحكم الأطول فى تاريخ مصر، وهو القصر الذى يحمل تاريخًا مختلفًا لم يدخل ضمن ما شيده الخديوى إسماعيل ولم يشهد حكم الملوك، ولم يكن سوى فندق فاخر وقت إنشائه عام 1910 من قبل شركة فرنسية أطلقت عليه اسم "جراند أوتيل"، وكان أفخر الفنادق المصرية فى هذا الوقت، حيث كان محل إقامة الملوك وكبار الأثرياء من زاور مصر، وعاصر الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكان مقرًا لاستقبال الشخصيات السياسية البارزة، وتحول فى بعض الفترات إلى مستشفى عسكرى ومكان لتجمع ظباط الاحتلال الإنجليزى، حتى تغير نشاطه وتحولت بهجته وغرفه الضخمة وممراته العريقة إلى مكان مهجور بعد قرارات التأميم التى أعقبت الثورة والتى وضعت القصور الرئاسية تحت تصرف الدولة، وتحول إلى مقر لبعض الإدارات والوزارات الحكومية، حتى انتقل إلى مرحلة جديدة عام 1972 وصار مقرًا لاتحاد الجمهوريات العربية فى عهد السادات وهو السبب فى تسميته قصر الاتحادية، ولم يتحول إلى إحدى القصور الرئاسية سوى فى عصر مبارك فى فترة الثمانينات التى شهدت خطة ترميم وصيانة شاملة للقصر مع الاحتفاظ برموزه القديمة وتم إعلانه بعدها مقرًا للرئاسة، وعرف من وقتها بقصر الرئاسة الذى أقام المخلوع "حسنى مبارك" على مقربة منه فى قصر ملحق به، بينما استخدمه فى إدارة شئون البلاد.
فترة طويلة ظل طوالها قصر القبة مغلقًا، هى فترة حكم مبارك ومن بعده مرسى ثم عدلى منصور، وهى الفترة التى انتهت بفتحه منذ أيام ليشهد لحظة تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب "عبد الفتاح السيسى" الذى أعاد أسطورة القصر الرئاسى الأشهر فى تاريخ مصر، مشيرًا إلى نيته للإقامة به كقصر رئاسى يدير منه حكم البلاد، بعد أن شهد أدائه للقسم، ولحظة تنصيبه رئيسًا رسميًا أختار دومًا بدايات غير تقليدية بداية من إعلان ترشحه للرئاسة وحتى قراراته التى احتفظت بانفرادًا خاصًا، وحتى المقر الذى اختاره للحكم، معيدًا الرونق لقصر ظل شاهدًا على أكثر فترات مصر السياسية صخبًا، ولم تزل إقامة الرئيس عبد الفتاح السيسى غير محسومة بشكل كامل بعد بين القصور الرئاسية التى حوت بداخلها تفاصيل سنوات طويلة من حكم مصر.
حكم مصر من القلعة للقبة.. بدأ من الأولى فى عهد صلاح الدين الأيوبى وانتقل لقلب القاهرة فى عهد "إسماعيل".. الاتحادية تحول من أفخم "فنادق" العاصمة إلى مقر لحكم مبارك ومرسى ومنصور.. وقصر القبة يعود للحكم
الخميس، 12 يونيو 2014 06:45 م
قصر الاتحادية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة