-إلى نصير شمة -
أيتها الصحراء العربية
عرفتُكِ فى النبؤات
عرفتكِ فى الظمأ والقحط
وعرفتكِ فى قوافل الشعراء
ولكننى لم أعرفكِ إمّاً لغروبٍ كونى
ولا وحلاً لحكمةِ السماء
أيتها الصحراء
سأحملُ عودَ زرياب
وقيثاراتِ المغنين الجوالين فى غرناطة
ومقامات حلب وبغداد
وشدوَ مصر ولبنان
وأغانى المهد لكل الأمهات
وأنشدُ على أبوابك لحن القيامة
أيتها الصحراء
إننى ابْنُ القيثارة التى عزفت
فجرَ الإنسان فى سومر
تلك التى حملتها الملكة شبعاد
فى موكبها الجنائزى إلى قبرها
لتُنشدَ غروبَها
وتكونَ آخرَ ملاذٍ لها بوجهِ
رياح العدم
أيتها الصحراء
يا خِباءَ طرفة
يا خمرةَ امرئ القيس
وحصانَ عنتر
وغضبةَ بن كلثوم
ويا ليلَ النابغة
أنتِ يا أمّ اللغة العظيمة وحنجرةَ السماء
يا كاعبة الكثبان والهوادج
يا سيدة الجلال والأطلال
ربيبةَ الآلهة وبائعة الغيب
أنت
يا مئذنة محمد بن عبد الله
إن عودى المحطم فى يدى
حلّاجٌ يدمى على صليبه
حجرٌ أسود تطوف حوله الأغانى
وطنٌ غجرى لأقمارَ وليالٍ مشرّدة
طائرٌ مهاجرٌ ولا شطآنَ للوصول..
أيتها الصحراء
إننى أرفع بوجهِ رمالك عودى المكسور هذا
كهفاً موطوءةً لتجلّياتك
وهودجاً مهشماً لقوافلك
وعيناً مفقوءةً لأبديّتك
يا صحرائى..