بعد نفاذ دستور 2014 وسريانة من تاريخ موافقة الشعب عليه فى النصف الثانى من يناير لهذا العام، وانتهاء إحدى المؤسسات العامة المنتخبة، وهى الرئاسة بتولى الرئيس المنتخب مباشرة عمله من تاريخ أداء اليمين فى النصف الأول من يونيو لهذا العام، ينتظر الجميع إتمام المؤسسة العامة المنتخبة الأخيرة حسب نص الدستور، وهى مجلس النواب اتساقاً بما تم رسمه من خريطة الطريق التى اعترض عليها البعض تقديماً وتأخيراً ورفضها البعض جملة وتفصيلاً.
ويأتى إصدار قانونى مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية إيذاناً ببدء الإجراءات وانتظاراً لقانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذى تثير مسودته لغطاً كبيراً ما بين عودة إلى الماضى بالنسبة للدوائر الفردية، وقتل الطموحات الحزبية فى المستقبل بالنسبة لدوائر القوائم.
ومن البديهى أن الدستور هو الأساس فى سن وإقرار القوانين لأنها تستمد شرعيتها منه حتى لا تقع فى إشكالية الطعون الدستورية.
وبالنظر إلى الدستور نجد أنه وضع مدة زمنية دستورية لا يمكن تجاوزها لبدء إجراءات الانتخاب وهى خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور حسب نص المادة (230)، وينعقد مجلس النواب فى الخميس الأول من شهر أكتوبر 2014م حسب نص المادة (115) من الدستور.
وبحسب الدستور لايقل عدد مجلس النواب عن 450 عضوا حسب نص المادة 102 منه، ونسبة 5% من جملة الأعضاء يتم تعيينهم عن طريق رئيس الجمهورية.
والملاحظ أن الدستور أطلق يد المشرع القانونى فيما يخص السلطة التشريعية وكيفية تشكيلها وشروط الترشح ونظام الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية وخاصة فى مجلس النواب القادم بحسب إحالة المادة 229 الانتقالية للمادة 102 من الدستور مع مراعاة التمثيل العادل للسكان والمحافظات إلى آخر نص المادة.
وقيدت بعض مواد الدستور يد المشرع فى وجوب النص على تمثيل ملائم ومناسب لبعض الفئات فى أول مجلس للنواب ينتخب بعد الدستور حسب نص المادة 11 بالنسبة للمرأة ونص المادة 243 بالنسبة للعمال والفلاحين والمادة 244 بالنسبة للشباب والمسيحيين وذوى الإعاقة والمصريين المقيمين بالخارج حتى لايكون هناك مظنة لطعن دستورى على القانون الصادر بهذا الشأن.
ولعل تلك النصوص الدستورية هى التى تجعل مجلس النواب القادم أشبه بالبرلمان الانتقالى حسب نص المادة 229 فى الأحكام الانتقالية.
إضافه إلى الالتزام بدور تشريعى استثنائى حسب ما نص عليه الدستور فى عدد من المواد الأساسية والانتقالية، ومنها مواد 235 و236 و237 و239 و242 وغيرها.
وقد يأتى فى المستقبل وأثناء تكوين البرلمان أن يتقدم خمس أعضائه أو رئيس الجمهورية بطلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور حسب نص المادة 226 منه لعلها تساهم فى تغيير ما هو قائم علاجاً لحالة الاضطراب الدستورى والقانونى فى بعض النصوص التى تم بناؤها على عجل.
كما أن مبدأ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين الذى أقره الدستور فى المادة 53 قد يتعارض مع التمييز الإيجابى الذى استهدف بعض الفئات مما قد يؤثر على تكامل أحكام الدستور باعتباره وحدة عضوية متماسكة حسب المادة 227 منه، الأمر الذى يضع القبول به قبولاً بحالة انتقالية قد لا تستمر طويلاً دون إجراء تعديل عليها أو إلغاؤها ليستقيم البنيان دون إطالة أمد التجارب الديمقراطية.
لأنة إذا كان ثمة تمييز استهدف بعض الفئات ليكون لهم ثمثيل مناسب فى البرلمان القادم فإن الأسس الموضوعية التى يتم بها التمثيل العادل للسكان والمحافظات قد يقلل من فرص المناطق الحدودية كسيناء والنوبة ومطروح وحلايب وشلاتين فى أن يكون لها ممثلون نظراً لاتساع المساحة وندرة السكان الأمر الذى يستدعى معه البحث عن وسيلة لتحديد دوائر فردية أو مزدوجة لتلك المناطق دون انتقاص مما كان مكتسباً فى القوانين السابقة لتقسيم الدوائر.
إن البرلمان القادم يأتى دوره التشريعى فى المقدمة بل يكاد يستغرق الوقت كله ويتقلص الدور الرقابى والخدمى مما يضع على عاتقه مراجعة شاملة لتشريعات نشأت فى وقت مضطرب وأصابها انحراف تشريعى لأنها كانت وليدة اللحظة وغير مجردة ولم تكن مستقره تخدم حاجة المجتمع على المدى الطويل.
لعل البرلمان القادم يساهم فى المشاركة فى وضع الخطط الاقتصادية والاجتماعية ومراجعة الموازنة العامة للدولة ورسم السياسات حسب الدستور مع تحديد المسار المناسب لحكومة تعمل على تنفيذ تلك الخطط بالمشاركة مع رئيس الجمهورية لتبدأ اللبنة الأولى فى البناء الديمقراطى الذى يضع مصر فى مصاف البلاد المتقدمة.
سلامة الرقيعى يكتب: البرلمان القادم والدور التشريعى المطلوب
الأربعاء، 11 يونيو 2014 08:15 ص