منشغلون هذه الأيام بمن سيكون رئيس ديوان رئيس الجمهورية، ومدير مكتب الرئيس الجديد ومتحدثه الرسمى، وهل سيختار المشير عبدالفتاح السيسى نائبا له، وما شكل الهيئة الاستشارية للرئيس الجديد، ولم يقترب أحد من الفريضة الغائبة عن رئاسة الجمهورية منذ نهاية السبعينيات تقريبا وهى مستشار الأمن القومى التى نحتاجها اليوم أكثر من أى وقت مضى، خاصة فى ظل التداخل الكبير بين الداخل والخارج، وتعدد المهام الملقاة على عاتق الرئيس، مما يستدعى عودة هذا المنصب المهم إلى الدولة المصرية.
لماذا هو مهم الآن؟ لأنه مع تعقد الصراع وتشابك القضايا الداخلية والخارجية، خاصة بعد 30 يونيو، فإن التنسيق بين سياسات الدفاع والخارجية والمخابرات والأمن والاقتصاد أضحى ضرورة ملحة، مما يحتم وجود هذا المنصب المهم، لكن بشرط أن يكون له دور فاعل، وليس دورا شرفيا وأن تكون له صلاحيات حقيقية حتى لا يتحول لمنصب شرفى.
المنصب كان صناعة أمريكية فى الأساس، حينما لجأوا إليه مطلع الحرب الباردة عام 1947، وما زال المنصب من الأركان الأساسية للبيت الأبيض، ويكاد يكون المنصب الوحيد فى الإدارة الأمريكية التى يعينها الرئيس دون حاجة لإقرار من الكونجرس، وعلى النهج الأمريكى سارت دول أخرى، كانت من بينها بالطبع مصر التى عرفت المنصب خلال حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حينما لجأ إلى الأستاذ محمد حسنين هيكل ليكون مستشاره الخاص، لكنه لم يكن مستشارا رسميا، أى معينًا من جانب الدولة وله هيئة استشارية يستند إليها فى بناء تقديراته.
وحينما وصل السادات إلى الحكم، واشتد الصراع مع إسرائيل لجأ إلى منصب مستشار الأمن القومى وعين حافظ إسماعيل الذى سبق وكان رئيسا للمخابرات ووزير دولة للشؤون الخارجية، وحينما نعود إلى كتاب «شاهد على الحرب والسلام» وأحاديث وزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط، سنجد كيف استفاد السادات من المنصب والهيئة الاستشارية التى كونها إسماعيل حوله، فأبوالغيط الذى كان مديرا لمكتب حافظ إسماعيل قال:
إن مستشارية الأمن القومى تحولت إلى ما يشبه المصفاة للمعلومات والتوصيات القادمة إليها من كل وزارات ومؤسسات الدولة، وفى النهاية تقدم التوصية الأخيرة للرئيس وفق ما انتهت إليه، أعلم أن المشير عبدالفتاح السيسى شخصية عسكرية ومخابراتية قديرة ولديه قدرة على بناء تقديرات الموقف التى تحتاجها مصر، لكن وجود المنصب بمن حوله من مستشارين متخصصين سيساعدنا كثيرا، وينهى حالة التخبط التى تطرأ كثيرا بين مؤسسات الدولة حول بعض القضايا التى تحتاج لحسم وليس ارتباكا أو تخبطا.
السؤال الآن.. من يصلح لهذا المنصب فى الوقت الحالى؟ بالطبع هناك شخصيات كثيرة قد يكون بعضها غير ظاهر لنا، لكن فى النهاية أمامنا شخصيات لديها ما يؤهلها للقيام بهذا الدور لسابق خبرتها فى التعامل مع الملفات المعقدة داخليا وخارجيًا، وكون بعضها لديه علاقات وثيقة بين مؤسسات الدولة، بما سيرفع الحرج عن الرئيس حال اختيار أحدهم، مثل اللواء مراد موافى أو اللواء محمد فريد التهامى أو عمرو موسى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة