أحمد عبد القادر يكتب: خلط الكرة بالسياسة أم الاستفادة من الكرة سياسيًا؟

الثلاثاء، 10 يونيو 2014 08:03 م
أحمد عبد القادر يكتب: خلط الكرة بالسياسة أم الاستفادة من الكرة سياسيًا؟ سد النهضة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحيانًا تجد من يطلب من المشجعين الابتعاد عن السياسة داخل المستطيل الأخضر وأحيانًا تجد المشجعين وخصوصًا من مجموعات الألتراس على كل انتماءاتها إصرارًا على إدخال السياسة داخل المدرجات, ولكن المحايدون وغير المهتمين بكرة القدم قد يكون لهم رأى مختلف.

ولكن هناك من قد يقترح خلط السياسة بالكرة وليس العكس ومن هنا جاءت لي فكرة كتابة هذا المقال حين سافرت فى رحلة قصيرة لأمريكا قابلت بها العديد من الإثيوبيين فى خلال أسبوع واحد فقط.

لن أخوض فى تفاصيل كثيرة لأتحدث عن المشهد السياسى فى إثيوبيا أو القرارات الدولية الأخيرة التى أنصفت مصر ولكن سأتحدث عن العديد من المواطنين الإثيوبيين الذين قابلتهم فى رحلة قصيرة إلى الولايات المتحدة لم تستغرق سوى أسبوع.

أكثر ما أدهشني فى تلك الزيارة لم يكن الملاعب العملاقة المقامة وسط الأحياء السكنية التى تتيح الفرصة للشباب لكي يمارسوا لعبة قرة القدم التى أصبحت اللعبة الجماعية الأسرع انتشارًا فى المجتمع الأمريكى ولم يكن إن هناك قاعدة كبيرة من البنات والسيدات يمارسن هذه اللعبة على نطاق الدراسة المدرسية والجامعية ولكن ما أدهشنى هو الكم الهائل من الإثيوبيين المهاجرين بحثًا عن لقمة العيش الذين يعملون فى وظائف بسيطة ومتعددة.

أول سائق "تاكسي" قابلته كان من إثيوبيا ويدعى جورج من مدينة صغيرة تدعى هارارى فى شرق إثيوبيا, كان جورج متابعًا جيدًا للكرة الأفريقية وعلى دراية كبيرة بالدورى المصرى والفرق المصرية وخصوصا وادى دجلة الذى يلعب به نجم منتخبهم الأول صلاح الدين سعيد, وحينما علم أن الأهلى المصرى يفوض صلاح الدين فى صفقة انضمام حر أبلغنى كثيرا بسعادته أن صلاح الدين سيلعب بجوار عماد متعب وأبو تريكة, لم يدرك هذا السائق البسيط أن أبو تريكة قرر الاعتزال وأن متعب مصاب ولم أرد أن أفسد فرحته.

حينما اندمجنا فى الحديث عن الكرة فى مصر وعدم قدرة المنتخب المصرى على التأهل لكأس العالم تطرقت فى الحديث عن سد النهضة ورأيه الشخصى فى هذا المشروع الذى يروج له الإعلام الحكومى فى إثيوبيا إنه الحلم الذى طال انتظاره وعبر لى عن رفض الشارع الإثيوبى لإقامة هذا المشروع لأنه سيضر بعلاقة بلده بمصر التى ترتبط تاريخيًا ودينيًا بإثيوبيًا منذ العصر البيزنطى.

اصطحبنى جورج إلى مقهى إثيوبى فى مدينة نيويورك من أجل متابعة مباريات منتخب بلادهم والدورى المصرى وخصوصًا فرق وادى دجلة والأهلى والزمالك وحينها لم أصدق كم الترحاب الذى لقيته من رواد المقهى لمجرد أنني مصرى وتحدثوا معي عن البابا تواضروس ونهر النيل ومدى حبهم لمصر وشعبها ومتابعتهم للدورى المصرى ومنتخب مصر وحزنهم على عدم تأهل مصر إلى المونديال.

ربما تتذكر اللقاء السرى الذى عقده الرئيس السابق محمد مرسى حينما رأيته مذاعًا على الهواء وذكر رئيس الاتحاد السكندرى السابق عفت السادات أن كرة القدم قد تلعب دورًا فى حل مشكلة سد النهضة مع إثيوبيا وكيفية استغلال شعبية لاعبين مثل أبو تريكة ووائل جمعة فى العمل على تهيئة الرأى العام فى إثيوبيا لإلغاء مشروع سد النهضة.

لم أقابل عفت السادات قط ولا أتابع السياسة ولكن هذا كان أول ما خطر بذهنى حين جلست مع أصدقائى الجدد, إذا كان هذا هو موقفهم من مصر وإذا كان هذا هو مدى حبهم لكرة القدم المصرية فلماذا لا نستغل هذا الود الذى لا نعلم بوجوده من أجل خلق مصالح مشتركة بيننا وبين دول حوض النيل؟

لم لا؟ ولماذا لا نتذكر كيف استغلت الولايات المتحدة فرق البيسبول من اتحاد الـMLB لتحسين علاقاتها مع عدوها اللدود آنذاك وهى اليابان؟ لماذا لا نستفيد من تجربة ألمانيا وهولندا فى تجاوز أزمة الحرب العالمية الثانية من خلال كرة القدم؟

استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تجعل شعبًا بكامله تم ضربه بالقنابل الذرية لأول مرة فى التاريخ أن يصبح صديقًا لها من خلال لعبة لم تكن فى أصل لعبة شعبية فى اليابان حتى احترف أول لاعب يابانى فى الدورى الامريكى للبيسبول عام 1964 بفريق سان فرانسيسكو جيانتس ويدعى مسانورى موراكامى, وقد تستغرب أيضًا عندما تعلم أن أفضل رامى للكرة فى دورى الـMLB للموسم الحالى هو لاعب يابانى يدعى ايتشيرو الذى يلعب فى فريق نيويورك يانكيز والأكثر من ذلك أن هناك 11 لاعبا يابانيا محترفا يمارس هذه اللعبة فى الولايات المتحدة وأن هناك 41 لاعبا سابقا من اليابان كانوا يلعبون فى نفس الدورى.

قد نفعل المثل ونستفيد من زيارة ترويجية للدورى المصرى بقيادة نجوم مصر الكبار للدول المجاورة لنا من أجل زيادة الروابط مع جيراننا من الدول الأفريقية والعربية بل سنزيد أيضًا من فرص الدعاية للدورى المصرى من أجل زيادة عدد مشاهديه فى المنطقة ليصبح أكثر دورى تتم متابعته فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط! قد يصبح صلاح الدين سعيد مثل مسانورى ويمثل حلقة وصل بين شعبين تربطهما علاقات تاريخية.

"خلاصة الكلام" كما نقول فى مصر هو أن العلاقات بين الحكومات تختلف كثيرًا عن علاقة الشعوب ببعضها البعض وأن كرة القدم أداة سهلة وممتعة تقرب الشعوب وتقضى على الخلافات فى 90 دقيقة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة