"شريعة النوبة" تهدد بفشل الصلح بين الدابودية والهلالية.. الشباب يعلنون العصيان على الكبار فى شروط الصلح.. وأعضاء لجنة المصالحة: "زهقنا وقربنا نعلن الانسحاب"

الثلاثاء، 10 يونيو 2014 03:48 م
"شريعة النوبة" تهدد بفشل الصلح بين الدابودية والهلالية.. الشباب يعلنون العصيان على الكبار فى شروط الصلح.. وأعضاء لجنة المصالحة: "زهقنا وقربنا نعلن الانسحاب" اجتماع الشباب

أسوان - عبد الله صلاح
يضع أبناء محافظة أسوان، أيديهم على قلوبهم خوفاً من تجدد فتنة عائلتى الدابودية وبنى هلال التى راح ضحيتها نحو 26 قتيلاً وأصيب العشرات فى مشهد عنف دام وقع فى الرابع من أبريل الماضى بمناطق "الشعبية والسيل الريفى وخور عواضة" شرق مدينة أسوان.

السؤال الذى يدور فى أذهان عقول المصريين جميعاً، هل تمضى إجراءات الصلح بين الطرفين من خلال لجنة إتمام المصالحة التى شكلها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، فى طريقها نحو تحقيق أهدافها التى أسست من أجلها، أم أن هناك عواقب تعرقل هذه الإجراءات.

البداية، عندما عقد مجموعة من شباب عائلة الدابودية اجتماعاً مساء أمس الاثنين، لرفض ما يسمى بـ"القودة" وهى فى عرف القبائل العربية، مؤتمر صلح كبير، يحمل خلاله المتهم كفناً على يديه، ويقدمه لولى الدم فإذا قبله تم الصلح ويستكمل باقى إجراءات المصالحة.

جاء رفض شباب النوبة لـ"القودة" لعدة أسباب، أولها اعتبار هذا النوع من العرف غير متعارف عليه عند النوبيين وليس له أصل فى تاريخهم، والأمر الثانى – حسب ما أفصح عنه بعض هؤلاء الشباب الذين رفضوا ذكر أسمائهم – أن عائلة بنى هلال هى الأولى بتقديم أكفانهم على الرغم من زيادة أعداد قتلاهم، إلا أنهم بدأوا بالغدر فى الخلاف الواقع بين الطرفين، وبادروا بقتل 3 رجال وسيدة من عائلة الدابودية، وجاء الرد من الطرف الدابودى كثأر لهؤلاء القتلى، هذا غير متعارف عليه فى الخلاف بين عائلات الصعيد، مؤكدين أن شباب النوبة رفض هذا الإجراء المتبع فى الصلح نظراً لأنه اقتصر على إلزام أبناء الدابودية على حمل أكفانهم دون أن يحمل الطرف الأخر هو أيضاً بالرغم من قيامه بالقتل، وما يزيد الطين بلة – على حد وصفهم – هو مساواة الرجال بالسيدات فى الدم.

جاء اجتماع هؤلاء الشباب الذى عقد بديوان "دار الضيافة بمنطقة الشعبية" مساء أمس الاثنين، كنوع من السخط والعصيان الذى أعلنوه على كبار الدابودية، بعد موافقتهم التنازل لبنى هلال بتقديم الكفن، بعد أن تنازل بنى هلال أيضاً على شرطهم الذى طالبوا فيه "بقيام ستة أشخاص من أبناء الدابودية بحمل أكفانهم فوق عربة كارو ويطاف بهم فى شوارع منطقة الشعبية بدائرة قسم ثان أسوان، مثلما حدث بجثث بنى هلال قبل نقلهم إلى المشرحة بالكارو".

انتهى هؤلاء الشباب فى اجتماعهم ومشاوراتهم إلى الاحتكام إلى شرع الله ودفع الدية لأولى الدم، مؤكدين عدم افتعالهم أزمات تهدد إجراءات الصلح، ولكنهم يأملون بأن تتم بشىء من عدم الإهانة بعد سقوط قتلى من كلا الطرفين.

أعضاء لجنة المصالحات، التى شكلت بمباركة من شيخ الأزهر الشريف فور وصوله محافظة أسوان، فى الثانى عشر من أبريل الماضى، برفقة الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، لبدء النية فى إتمام إجراءات الصلح من خلال لجنة تم تشكيلها على الفور بحضور ممثلى العائلتين، يرون أن مثل هذه الشروط تعجيزية ولا يمكن أن يتم الصلح بها برضاء كلا الطرفين، فيحاول هؤلاء الممارسين فى مجال المصالحات بين المتخاصمين، وجود حل وسطى يرضى الطرفين.

ذهب بعض أعضاء اللجنة إلى القول لفظاً "إحنا زهقنا من مطالب الطرفين اللى زادت، ولو ما وصلناش لحل معاهم هنعلن للشيخ الأزهر الانسحاب".

من جانبه، قال الشيخ كمال تقادم المتحدث الإعلامى باسم لجنة المصالحات بأسوان، أن المفاوضات بين قبيلتى "الدابودية" و"الهلالية" ما زالت مستمرة، والكلام عن إعلان صلح خلال أيام ليس صحيحاً، مؤكداً حرص اللجنة إلى مواصلة الاستماع إلى طرفى النزاع وصولاً إلى المصالحة التامة المرتقبة.

وأكد الشيخ تقادم فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن "التزام" الطرفين بالتهدئة هو أفضل ما حققته اللجنة حتى الآن، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ليست بالأمر السهل الذى يمكن تحقيقه بعد أحداث دموية راح ضحيتها 26 قتيلاً وعشرات المصابين واحتراق عشرات المنازل.

وأضاف أن الحديث عن شروط جزائية أو دفع مبالغ مالية من الطرفين، ليس محله الآن، ومن الصعب الوصول إليه خلال هذه الفترة، لافتاً إلى أن الحديث عن مثل هذه الاتفاقات تكون فى الوثيقة النهائية للصلح.

وأكد المتحدث الرسمى باسم لجنة الصلح، أنه تم تشكيل لجنة مصغرة تضم ممثلين لأولياء الدم فى قبيلة بنى هلال، تمهيدا لمناقشة إجراءات إتمام الصلح فى جلسات مغلقة، وتضم هذه اللجنة 4 أو 5 أشخاص من ممثلى أولياء الدم الذين سقطوا فى الأحداث، لافتاً إلى أن لجنة الصلح فى انعقاد دائم يوميا، من أجل سرعة التوصل لحلول نهائية، تمهيدا لإبرام الصلح فى أقرب وقت، حيث تم الانتهاء من حصر جميع الخسائر المادية لدى جميع المتضررين، وجار حاليًا صرف التعويضات اللازمة لأصحاب 13 حنطورا من أبناء بنى هلال عقب تعرضها للحرق أثناء الاشتباكات، وجار أيضا تحديد قيمة الخسائر والتلفيات فى المحلات التجارية التى تعرضت للتلف لتعويض أصحابها.

وشدد الشيخ تقادم، على أن هناك أيادٍ خفية تلعب لتوسيع الفجوة فى التقارب بين وجهات نظر العائلتين، وتأخير إجراءات الصلح بينهما، مشيراً إلى أن أعضاء لجنة المصالحات بوجود اللواء مصطفى يسرى، محافظ أسوان، ومتابعة مستمرة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، تبذل مجهودًا كبيرًا لإنهاء الخصومة بين الطرفين.

وأضاف أن اللجنة حققت خطوات متقدمة فى إنهاء النزاع، وقربت وجهات النظر بين الطرفين، موضحًا أن هناك أطرافًا خارجية تسعى لبث سمومها فى أطراف من الجانبين، لافتًا إلى أن هذا اتضح عندما وصلت اللجنة إلى اتفاق متقارب بين العائلتين، لإنهاء هذه الخصومة خلال أسبوع واحد فقط، إلا أنهم فوجئوا بتوسيع فجوة التقارب وتقديم مزيد من المطالب للجنة الصلح.

وتابع أنه من المنتظر أن يكون هناك لقاء بين الدابودية والهلالية على مائدة واحدة بحضور الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لإنهاء إجراءات الصلح بين الطرفين، مؤكداً أن اللجنة تجتمع ليلًا ونهارًا مع كل طرف من العائلتين على حدة، وصولاً إلى الصلح المنتظر بين العائلتين، لافتًا إلى أن هذا الحدث قد أرق أبناء الشعب المصرى بأكمله، وأن الجميع ينتظر إنهاء الخصومة.

على الجانب الأخر، بدأت حدة الكلام حول شروط الصلح تزيد، فى الآونة الأخيرة، وهو ما أرجعه الشارع الأسوانى إلى توقف الحملات الأمنية التى تقوم بها الأجهزة الأمنية فى ضبط المتورطين والمخربين من الطرفين.

يذكر أن الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان، ألقت القبض على مجموعة كبيرة من المتورطين فى الأحداث الدامية بين بنى هلال والدابودية، وكان أخرها فى الرابع والعشرين من مايو الماضى، ليرتفع بذلك أعداد المتورطين المضبوطين على ذمة القضية إلى 65 متهمًا، منذ بدء الأحداث فى مطلع شهر أبريل الماضى، وأمرت نيابة أسوان حبس جميع المتهمين على ذمة التحقيقات.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة