منذ بدء الخليقة عاش الإنسان فى جماعة، فمن المحال أن يعيش منفرداً بمعزل عن الآخرين, هو فى حاجة إليهم, منهم يستمد قوته ويحقق انتماءه لتلك الجماعة والأهل والعشيرة أو انتمائه إلى مجتمع القبيلة , ولقد تطور الإنسان من الناحية الاجتماعية فاتسعت معارفه وعلاقاته بين الناس ولما زاد عدد السكان انتشر الناس فى طول الأرض وعرضها, كل منهم يسعى أن يكون له أرض مستقلة خاصة به ذات حدود ومعالم تفصله عن الجماعات الأخرى, تلك الأرض لها حدود ومعالم وعلم وحكومة وحاكم.
كل ذلك لم يمنعها من إقامة علاقات مع الجماعات الأخرى والتواصل معها وأن تتبادل معها العلاقات النجارية وغيرها, ونتيجة لحركة الانتقال بين تلك المجتمعات وبعضها نشأت علاقات مصاهرة ونسباً بين شعوب تلك الأقاليم, واستمر تطور الإنسان من الناحية السياسية والاجتماعية إلى أن نشأ ما يسمى بالدولة ذات السيادة والحدود والراية الدالة عليها ونظام الحكم فيها, وكما ظهرت الدول ظهرت الممالك والامبراطوريات أيضا وتبادل الجميع بناء السفارات التى تمثل مقار للبعثات الدبلوماسية التى ترعى مصالح الدولتين وتطوير العلاقة بينهما فى كافة المجالات ..
وكما تعاونت هذه الدول فى الخير تآمر بعضها من أجل الشر واشتعلت الحروب فى أكثر من مكان وإقليم ولم تنعم شعوب العالم بفترات سلام إلا قليلا وسرعان ما تندلع الحروب مرة أخرى, وفى كل الدول توجد عناصر التوافق وعوامل التنافر فأغلب الدول تتكون من أجناس وأعراق مختلفة إذا أظلتها العدالة وحرية التعبير وحرية الرأى واختيار الحاكم دامت واستقرت بل تقدمت وازدهرت وكذلك العالم بدوله الممتدة الحدود والمترامية الأطراف, قارات وشبه قارات تحملها الأرض وتظلها السماء, وقد تنشأ الصراعات ولكن علينا أن نحذر من انفراط عقد الدول وليكن العالم مثل شجرة الرمان.. كل ثمرة منها فيها كيانات متعددة كل كيان له حدود تجمعهم ثمرة الرمان فى وحدة واحدة لا فرق بين حبة وأخرى داخل الكيان الواحد تفصلهم غلالة رقيقة يعيشون داخلها فى سلام , شجرة الرمان طرحت عوالم مختلفة, كل حبة تضم عددا من الكيانات منفصلة متصلة بروح واحدة تسقى من ماء واحد, فهل يكون لنا فى شجرة الرمان أسوة حسنة ؟
صورة أرشيفية