"أنا كنت الكوتش بتاع الجمعية واللى بحرك كل الدنيا.. من الآخر كنت دراع محمد حسنين مالك الجمعية اليمين.. ولا كان يقدر أى عيل فيهم يكسرلى كلمة، وكل واحد بيسمع الكلام منهم كنت بجيبله شيكولاتة مكافأة منى"، كانت تلك كلمات "صلاح" الشهير بـ"الكوتش" داخل الجمعية، وهول يبلغ من العمر 14 سنة، من أبناء تل كبير بمحافظة الإسماعيلية، والذى يعتبر القائد لجميع أطفال جمعية "بلادى" الـ19 الآخرين، والتى تمكن رجال الشرطة من ضبط صاحبها ويدعى "محمد حسنين" وزوجته أمريكية الجنسية وتدعى "آية" وبداخلها 20 طفلا يقومان باستغلالهم فى التظاهرات ضد قوات الأمن.
الكوتش صلاح طفل طوله لا يتعدى متر وسنتيمترات قليلة، وملامحه تظهر عليها البراءة، ويرتدى تى شيرت النادى الأهلى وبنطال جينز، قليل الكلام عندما يجتمع مع الأطفال، لكن عندما يتحدث تشعر للوهلة الأولى أنك تتحدث مع رجل ناضج يبلغ من العمر فوق الثلاثين عاماً.
وفى هذا الحوار يسرد "الكوتش" تفاصيل قصته بداية من خروجه من منزله منذ عامين حتى دخوله حجز إدارة مباحث رعاية الأحداث بالقاهرة، وإليكم نص الحوار:
من أطلق عليك هذا الاسم "الكوتش صلاح" فى الجمعية؟
- أنا أول من دخلت الجمعية من أصل 20 طفلا تم ضبطهم داخلها وقت المداهمة من رجال الشرطة، وفيما بعد وصل باقى الأطفال الـ19 تباعاً من بعدى، وصاحب الجمعية "محمد حسنين" كان بيأتمنى على كل شىء، وكان يترك نقوده أمامى فى البداية لاختبارى، وكنت أجمعها من الأرض وأعطيها له، فقرر تنصيبى قائداً على المجموعة وأطلق على اسم "الكوتش صلاح".
متى بدأت قصتك وكيف وصلت القاهرة.. وهل لديك أسرة كباقى الأطفال؟
- والدى توفى عندما كنت فى تمام الحادية عشر من عمرى، وبدأت والدتى فى محاولات لإخراجى من المدرسة للعمل، عشان أجيب قرش فى البيت، وأنا طفل صغير وكنت بحب التعليم جداً، واشتغلت سمكرى فى البلد، وكنت أهرب من صاحب الورشة وأذهب للمدرسة، وكنت أخبى الكتب داخل شنطة العدة، وهربت من المنزل مع أبناء عمومتى وتوجهنا إلى الإسماعيلية وعملت فيها لشهور قلائل.
وعندما سمعت أطفالا يتحدثون عن القاهرة توجهت لمحطة القطار واستقليت قطار مصر، وعندما وصلت استقريت داخل ميدان رمسيس وبحث عن عمل، وتعرفت على شاب يبلغ من العمر 23 سنة يدعى "جمال حلاوة" يملك – غرزة شاى – داخل ميدان رمسيس، وطلبت منه العمل معه لأدبر أمورى، وكان يعاملنى بكل احترام وأدب.
كيف بدأت قصتك مع الجمعية.. ومن أحضرك لمقرها؟
- عقب عملى لمدة تزيد عن 7 شهور فى – غرزة الشاى – بميدان رمسيس، حضر إلى صاحب الجمعية وزوجته وطلبا من "جمال حلاوة" صاحب الغرزة أنه يتركنى أذهب معهما، وتحدثا معنا بكل ذوق واحترام مؤكدين أنه سيتم الاهتمام بى وتعليمى كى أصبح شخصية محترمة عندما أكبر، فوافق صاحب الغرزة لأنه كان يحبنى جداً.
- وطلب منهما معرفة تفاصيل أكتر عن الجمعية، فأخرجا لى أوراق المؤسسة وتوثيقاتها بالشهر العقارى، وقرأها "جمال حلاوة"، وأكد لى أن الأمر فى مصلحتى الشخصية، فتوجهت معهما بالفعل، وكنت أول طفل يرتاد تلك الجمعية، وكانا يعلمانى ويذاكران لى، وأحضرا فتاة تعمل بمجال الرسم، وعلمتنى كيف أرسم.
قولت إنك "الكوتش" على الأطفال.. ما مهمات القائد فى الجمعية وكيف كنت تتعامل مع باقى الأطفال؟
- كانت مهمتى أن أتابع كل الأطفال جيداً وأوجههم للمذاكرة والرسم، وأشرف عليهم إشرافا كاملا، وعندما يغادر صاحب الجمعية وزوجته المقر، كنت أقوم بتشغيل أفلام كارتون لهم على الكمبيوتر وأفلام أجنبية للتسلية فى وقت الفراغ.
وكان كل الأطفال متعاونين معى جيداً ويهابوننى، إلا 4 منهم كانوا يرفضون أوامرى، وكنت بضحك عليهم وأقول: "اللى هينفذ الكلام هيأخد حتة شيكولاتة، دول عيال صغيرين وعقولهم تافهة وأنا بعرف إزاى أضحك عليهم وأخليهم تحت جناحى".
وبعدين مهمة الكوتش كبيرة جوا الجمعية، الكوتش هوا اللى بيسيطر على باقى العيال وقت النوم، ولما بيكون فيه ضيوف عند أصحاب الجمعية أنا بتولى مهمة إنى أسكت العيال، وكنت بجمعهم للأكل وكل حاجه أنا اللى بعملها.
هل كانت تحدث وقائع اغتصاب أو اعتداء جنسى على الأطفال داخل الجمعية؟
- هؤلاء مجموعة من الأطفال تم جمعهم من الشوارع فمن الطبيعى أن يقوموا بمثل تلك الممارسات، وطفل يدعى "مازن" هو من كان يقود الصبية للقيام بتلك الأفعال، حيث إنه عندما يغادر صاحب الجمعية المقر، كان يقوم مازن بفتح أفلام جنسية على جهاز الكمبيوتر، ويشاهدها معه جميع الأطفال، لكن أنا محدش قدر فيهم يعمل معايا حاجه، وحاولوا مرتين وأنا نايم، حيث اقترب منى مازن وآخر يدعى "تيتو" وحاولا خلع بنطالى ظناً منهم أنى نائم، لكننى كالثعالب أنام وعيناى مفتوحتان، واستيقظت وتشاجرت معهما، وضربتهما رغم أن بنيتهما الجسدية أكبر منى، لكنهما يخافان لأنهما يفعلان الخطأ.
وكانوا بيعملوا كده مع باقى الأطفال وهما نايمين، ويخلعون سراويلهم ويتعدون عليهم جنسياً عقب مشاهدة المقاطع والأفلام الجنسية على جهاز الكمبيوتر، وأكثر من طفل تعرض للاغتصاب منهم واحد يبلغ من العمر 13 سنة ويدعى "مودى" لأنه ضعيف وجبان جداً، ولما غلبت منهم ومن تصرفاتهم قولت لصاحب الجمعية اللى اتخانق معاهم وطرد اتنين منهم، ورجعوا بعد فترة وأكدوا له أنهم لن يفعلوا تلك الأفعال ثانية.
أنتم متهمون بالمشاركة فى المظاهرات بتحريض من صاحب الجمعية.. هل شاركتم بالفعل فى المظاهرات؟
- أنا منزلتش مظاهرات غير مرة واحدة وكنت مع صاحب الجمعية، وساعتها كنا بنتمشى وجاله تليفون إن العيال اللى فى الجمعية نزلوا مظاهرات الاتحادية، فتوجهت معه لإخراجهم من تلك المنطقة نهائياً، لأنه كان خايف عليهم يحصلهم حاجه أو يتقبض عليهم.
وصاحب الجمعية مكانش بيتكلم فى السياسة أصلاً قدامنا، وأنا لما بقيت "الكوتش" على باقى العيال، أول طلب ليا كان "ممنوع الكلام فى السياسة".
بعد كل ما مررت به فى القاهرة.. هل تفكر فى العودة لأسرتك عقب خروجك؟
- لو طلعت من الحجز هرجع الجمعية تانى، أنا عمرى ما هلاقى حد يعاملنى باحترام وذوق زى محمد حسنين وأبلة "آية" أنا بحبهم جداً، وأنا اتصلت بأمى من تليفون القسم عشان تيجى وعمى وخالى ياخدونى من القسم، أمى ردت عليا "مش عاوزين نشوف خلقتك"، وقفلت السكة معاها وفضلت أبكى ساعة كاملة، أهلى باعونى وصاحب الجمعية اشترانى، مقدرش أعمل معاه حاجه وحشة نهائى.
هل سبق لك أن دخلت الحجز فى أى قسم شرطة من قبل؟
- طبعاً دخلت الحجز كتير قبل كده، لما كانت الشرطة بتقبض عليا فى رمسيس، وكان صاحب الجمعية محمد حسنين بيجى عشان يضمنى، وأول مرة دخلت الحجز كنا فى الإسماعيلية مع أبويا، وساعتها كان عندى 8 سنوات ومكانش ينفع أسيب أبويا لوحده فى الحجز.
وبعدين يابيه الحبس للجدعان وإحنا صغيرين فى السن طبعاً، واللى يشوف شكلى يقول دا عيل، لكن إحنا رجالة الحمد لله وبنجيب قرشنا بعرقنا وتعبنا ووقفتنا فى الشوارع، ولما بيتنا خرب صرفت على أمى فترة كبيرة لحد ما طفشت منها، بعد معاملتها السيئة معايا.
صلاح قائد أطفال جمعية بلادى:لقبت بـ"الكوتش" لأنى المحرك لكل شىء وكنت "بمشيهم على العجين ميلخبطهوش"..أنام كالثعالب عين مغلقة وأخرى مفتوحة خوفا من الاغتصاب..اتصلت بوالدتى فقالت لى "مش عاوزين نشوف خلقتك"
الجمعة، 09 مايو 2014 04:57 ص
أطفال جمعية بلادى