إذا علمنا أن بعض الإحصاءات قد قدرت أن عدد الشباب من الجنسين والذين تجاوزوا سن الثلاثين ولم يتزوجوا بعد بلغ قرابة خمسة عشر مليونا أو يزيد ؛ ألا يستدعى ذلك تدخلاً عاجلاً من الدولة المصرية لعلاج هذا المرض العضال الذى ينهش فى جسد مصر، ويكاد أن يجهز على ما تبقى من إرثها التليد.
إن السبب الرئيس فى تفاقم هذه المشكلة الخطيرة يعزى إلى تلك الفلسفة الخاطئة التى انتشرت بين الأسر المصرية انتشار النار فى الهشيم؛ ومن أسس تلك الفلسفة الممجوجة النظرة القاصرة للعروس فى اختيار شريك عمرها من جانب وتعسف أهل العروس مع من يتقدم للزواج من ابنتهم.
إن البنت المصرية تمر الآن بحالة من الاضطراب الفكرى نتيجة الضغوط الحياتية المعاشة حاليًا؛ فهى تريد أن تقترن بشاب وسيم مثل أبطال المسلسلات التركية وبجانب تلك الوسامة يجب أن يتمتع الشاب بالثراء الفاحش ويمتلك سيارة حديثة وفيلا أو شقة فاخرة فى أسوأ الأحوال؛ ويجب أن يكون رومانسيًا متفرغًا لها تمام التفرغ، ويقضى حياته فى سبيل سعادتها وإن لم يسعد هو وعليه أن يصطحبها فى رحلات مكوكية لباريس ولندن وبرلين، ويجب أن يكون لديه شاليه بالساحل الشمالى؛ وتظل فتاتنا المعاصرة تحلم بهذا العريس الافتراضى حتى تتخطى عامها الثلاثين، وبعد ذلك تجبرها الظروف المحيطة وضغوط الأهل والأصدقاء أن تقبل بأى عريس يتقدم لها، وفى غالب الأحوال يكون هذا العريس فى مستوى أقل من نظرائه والذين لم يلقوا منها سوى الرفض التام؛ نظراً لتمسك فتاتنا بضلالها القديم وأحلامها العبثية المجافية للواقع والمنطق؛ وتصاب فتاتنا جراء ذلك بحالة نفسية سيئة غالباً ما تنتهى بطلب الطلاق أو الخلع لعدم توافقها مع زوجها الذى لم يستطع أن يلبى أحلامها الخيالية وأراد منها أن تحيا على الأرض ؛ وبهذا يمكننا تفسير انتشار ظاهرتى تأخر سن الزواج والتزايد المطرد فى حالات الطلاق فى الوقت نفسه.
ومن ناحية أخرى، نلقى باللائمة على أهالى العرائس الذين يثقلون على الشباب الذين يبغون الزواج من بناتهن، حيث يتبع أهل العروس الأسلوب ذاته الذى يتبعه صاحب معرض السيارات مع من يريد شراء سيارة من معرضه فيحاول البيع بأبهظ الأثمان فيما يحاول المشترى أن يخفض السعر قليلاً قدر الإمكان؛ ومن هنا سادت فلسفة المغالاة فى المهور والمبالغة فى متطلبات الزوجية من أثاث وستائر ومفروشات وأطقم لا حاجة لمعظمها؛ وذلك بالرغم من أن رسولنا الحبيب عليه الصلاة والسلام، قد أخبرنا أن أقل الزوجات مهوراً أكثرهن بركةً وأخبرنا كذلك أن المعيار الرئيس الذى يجب التعويل عليه فى اختيار الزوج هو الدين والخلق الذى يتمتع به راغب الزواج، وليس بما لديه من أموال ومدخرات، وحبذ رسولنا الكريم أن تكون الزوجة من ذوات الدين؛ وحذرنا عليه الصلاة والسلام من أن مخالفة هذه الضوابط سينتج عنها انتشار الفتنة والفساد العريض، وهو ما نعانيه اليوم بالفعل ويتجلى ذلك للعيان فى انتشار جرائم الاغتصاب والتحرش وانتهاك براءة الأطفال كما حدث فى واقعة الطفلة زينة وغيرها ممن لقوا حتفهم على أيدى ذئاب بشرية لا تمت للإنسانية بأى صلة تذكر.
أيها السادة يجب أن تتضافر جهودنا جميعاً يداً بيد مع الدولة التى يجب عليها بدورها أن تعمل من خلال مؤسساتها الدينية كالأزهر الشريف والكنيسة ووزارة الأوقاف وكذا وزارات الإعلام والثقافة والتربية والتعليم وغيرها من الجهات المعنية على تغيير فلسفة الزواج المصرية، والتى أسهمت بقدر كبير فى تردى الأحوال حتى وصلنا لهذا القدر من الاضمحلال بداعى تلك الفلسفة المقيتة التى يجب أن تقبر تحت الثرى .
المستشار علاء الدين إبراهيم محمود يكتب: فلسفة الزواج المصرية
الجمعة، 09 مايو 2014 06:36 ص
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Yamine
كلام مكرر