غالبية إن لم يكن كل أهلى وأصدقائى بمحافظة المنيا خرجوا مؤيدين وداعمين لثورة 30 يونيو واسترداد مصر من حكم الإخوان، وظلوا على دعمهم للثورة إلى أن بدأ حماسهم للثورة يأخذ فى الفتور.. يؤيدون الثورة لكنهم يلعنون بعض الأفعال والتصرفات التى يعتبرونها نذير شؤم لمصر وللمصريين ويحذرون من استمرار هذه التصرفات، حينما خرجوا مؤيدين للثورة كانت هناك أسباب عدة دفعتهم لهذا الموقف، وحينما بدأ حماسهم يفتر فإن ذلك يعود لأسباب أخرى.. أسباب تأييد الثورة معروفة، لكن المفيد الآن أن نتعرف على ما يرونه منغصات للثورة ومخاطر تواجهها وتحيد بها عن المسار الصحيح الذى كانوا يأملونه، أربعة أسباب جعلت الكثير من شباب المنيا يفكرون فيما آلت إليه الأوضاع بعد الثورة وهذه الأسباب إما سمعتها مباشرة منهم وإما نقلا عن بعضهم، لكن إن أمعنت النظر إليها فستجدها بالفعل منغصات، وعلى الحكومة أو الفائز فى الانتخابات الرئاسية سواء كان عبدالفتاح السيسى أو حمدين صباحى أن يتعامل معها بجدية، حتى لا يتحول مسار هؤلاء الشباب ونراهم حانقين وغاضبين على سياسة بلدهم.
الأسباب الأربعة هى الحكمان الصادران من محكمة جنايات المنيا بإعدام أكثر من ألف إخوانى أو منتم للإخوان، فهذا الحكم أحدث قلقا لدى الكثيرين بالمنيا، فرغم تيقن هؤلاء الشباب من إرهاب الجماعة ووقوفهم أمام محاولات المنتمين لهذه الجماعة لتدمير البلد، فإن الطريقة التى خرج بها الحكم دون أن تستمع المحكمة لدفوع المتهمين أثار الريبة والشك فى قلوب أصدقائى حول مستقبل القضاء المصرى.
أما السبب الثانى فيرتبط بالقضية الأزلية التى يعانى منها الصعيد كله وليس محافظة المنيا فقط وهى بقاء ذات الوجوه الشرطية التى لا تتمتع بقبول شعبى فى أماكنهم منذ عهد مبارك وحتى الآن، ويمارسون ذات الممارسات المسيئة للشرطة أولا ولمصر كلها، دون أن تتجرأ وزارة الداخلية على تغيير هذه القيادات وتعمل على تغيير سياسات ضباط المباحث التى لا تمت لحقوق الإنسان بأى صلة، لأنهم يتعاملون على أن الصعيد بعيد تمام عن أى رقابة، أما السببين الثالث والرابع مرتبطان ببعضهما البعض، فهما يتمثلان فى الانقطاع المتكرر للكهرباء وقلة المعروض من البنزين والسولار، فعلى مدى يومين قضيتهما بالمنيا وتحديدا قريتى «الشيخ زياد» كان التيار الكهربائى دائم الانقطاع ما بين ثلاث إلى أربع مرات كل يوم، وفى كل مرة يمتد الانقطاع لأكثر من ساعتين، ويختار القائمون على قطاع الكهرباء فى هذه المحافظة توقيتات غريبة للقطع، فدائما ما تنقطع الكهرباء بعد الثانية عشرة ظهرا، فى ظل حرارة جو مرتفعة تصل إلى 40 درجة فى الظل، وحكى لى أحد أصدقائى كم تأثر حينما رأى عشرات المصطفين فى الحر القارص الأحد الماضى أمام ماكينة صرف أموال المعاشات المعطلة بسبب انقطاع الكهرباء ولا يحميهم من الحرارة سوى صبرهم وحاجتهم للفلوس.
السبب الرابع المرتبط بالثالث يتمثل فى تواصل ارتفاع الأسعار دون رقيب يحمى المواطنين من جشع التجار وسماسرة البيع والشراء، فأسعار اللحوم والدواجن والخضروات فى ارتفاع مستمر، ومسؤولونا لا يعنيهم الأمر فى شىء، أربعة أسباب كانت كفيلة لكى يحول بعض الشباب آراءهم من الثورة، من مؤيدين إلى متشككين، ولن يزول هذا الشك إلا حينما يرون الدولة تقوم بدورها فى حماية مواطنيها، وتطبق ما تقوله كل يوم عن حقوق الإنسان، فالصعايدة جزء أصيل من الدولة المصرية.. هذه أسباب أراها خطيرة وتنذر بوضع ومستقبل أشد خطورة على مصر إن لم تنتبه الدولة ومرشحا الرئاسة لها ويعملوا على تصحيحهما، وإلا فالعواقب ستكون سيئة ولن أقول وخيمة.