بل الموت يختار ببراعة، يختار الأفضل والأنبل والأشجع، أحمد خالد توفيق.
ما قاله أحمد خالد توفيق ينطبق على زميلى وصديقى باسم صبرى الذى رحل عن عالمنا منذ أيام ولكنه باقٍ بعمله وبقلمه وبكلماته وبسيرته العطرة وبابتسامته الهادئة التى كانت أكثر ما يميزه.
باسم صبرى هو نموذج الشاب الذى كنت دوما أقصده وأحيانا أبحث عنه فى معظم مقالاتى السابقة، الذى يختلف ويحترم، يحلل فلا يرفض ذلك جملةً ولا يوافق على ذلك جملةً، له موقف مختلف دوماً، محترم ثورى خلوق يناضل بالكلمة والحكمة فى زمن ضاعت فيه الحكمة وتاه فيه العقل. كلماته ومقالاته وتغريداته تملأ صفحات الإنترنت والصحف المصرية والعالمية وتعاد وتكرر هذه الأيام لعل وعسى تكون درساً نتعلمه وتكون وفاته المفاجئة عظة تجعلنا نفوق ونصحو من غفوتنا، وتعلمنا كيف أجمع عليه الجميع كيف ترحم عليه وودعه إلى مثواه الأخير من يعرفه شخصيا ومن سمع عنه ومن فقط قرأ تغريداته ومن لا يعرفه ولكن عرفه فقط من حزن الناس عليه.
لست بحاجة أن أعيد نص كلمات باسم التى يرددها الآن الجميع سواء كانت عن كيف يختار الموت ويصطفى النبلاء أو كيف أننا نضيع الوقت فى خناقات تافهة ولا نسعى لبناء البلد ولكنى بحاجة أن ننتهز هذه الفرصة ونحاول أن نحول كلامه ومناشداته إلى واقع نعيشه يجوز بذلك نكون قد حققنا ما كان يهدف أن يراه فى حياته أكيد سيشفع ذلك له عند المولى عزوجل وأكيد أننا لن نخسر فكلامه بمثابة طاقة نور فى هذه الأيام التى التبس فيها الحق بالباطل وضاع الحق بيننا.
ومن أروع وأصدق ما قيل عن باسم صبرى من الدكتور أيمن الصياد إنه (واحد من الشباب كنا نراهن على نجاحه فى أن يحفظ ضميره من حالة الجنون التى تأكل الوطن).
وزميلتى وفاء صبرى كتبت تتساءل (هل انتقاكم الله ليقيكم مرارة الإحساس بالغبن حين رأيتم الظلم ينهال عليكم والاتهامات تكال لكم ليس فقط ممن ثرتم ضدهم بل من ملايين الكادحين البسطاء الذين ثرتم وضحيتم من أجلهم؟).
هل تعلم يا باسم أن هناك من قرر رفع الحظر على موقع التواصل الاجتماعى (تويتر) من على الأصدقاء المشتركين بينك وبينهم حتى يبدأوا معهم فتح صفحة جديدة بعد أن سمعوا خبر وفاتك!!! ابتسم يا باسم فأنت معنا.
هل تعلم يا باسم أن هناك من اعتذر لكل الأصدقاء والمعارف وطلب منهم السماح والمغفرة حتى يتركوا ذكرى حسنة وعطرة مثلك عندما يأتى أجلهم فالموت هو الحقيقة الوحيدة فى حياتنا، ابتسم يا باسم فأنت لم تمت.
هل تعلم يا باسم أن هذه التغريدة كتبت بعد جنازتك (لو كان حد حلفلى بكل أيمانات أهل الأرض إن فى ضابط من الداخلية هيحضر جنازة ناشط سياسى من سنتين مكنش ممكن أصدق بس حصلت يمكن فى أمل) ضابط لا يعرفك شخصياً ولكن يعرفك من الأصدقاء المشتركين بينكما.
هل تعلم يا باسم أن هناك العديد من الشخصيات كتبت عنك بعد رحيلك (أنا مكنتش أعرفه بس من كلام الناس عنه أتمنيت لو كنت عرفته من زمان الله يرحمه ويغفره) وشاركت فى هاشتاج (بعض أفكار باسم صبرى الذى كنت أجهله) وهى نادمة على جهلها بك.
هل تعلم أن أصدقاءك فى مختلف دول العالم وضعوا الورود فى الميادين العامة لتوديعك.
هل تعلم يا باسم أنه رغم كل اختلافاتنا الفترة الآخيرة التى وصلت فى بعض المواقف إلى خلاف مش مجرد اختلاف اتقابلنا واحنا بنودعك وبكى البعض على أكتاف البعض الآخر دون أن يتذكر لحظة خلاف واحدة فالموت علينا حق هل تعلم يا باسم أننى كتبت فى وقت وداعك (اختلفوا مهما تختلفوا لكن من غير ما تتخنقوا وتغلطوا فى بعض وتخونوا بعض وتتهموا بعض وافتكروا اللحظة اللى إحنا فيها دلوقتى غصب عننا اتجمعنا ولم نجد غير أحضاننا لنبكى وندفن رؤوسنا فيها حزنا على فراقك).
هل تعلم يا باسم أننا رغم حزننا الكبير على فراقك وأننا نشعر بالآسى على فقدانك إلا أن هذا الشعور مختلط بالفرح من أجلك فأننا واثقون أنك فى مكان أفضل وأجل مما نحن فيه الآن.
رحمك الله ورحم كل شباب مصر النبلاء الذين رحلوا عننا فهم أجمل ما فينا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة