أحمد محمد نعمان يكتب: التَّحَرُّرُ مِنْ الخَوْف

الجمعة، 09 مايو 2014 02:11 ص
أحمد محمد نعمان يكتب: التَّحَرُّرُ مِنْ الخَوْف صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإنسان بين أمرين اثنين (الأول) أن يعيش حرًا عزيزًا كريمًا شجاعًا مهابًا لايخاف فى الله لومة لائم، مستشعرًا لقوله تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)، و(الثانى) أن يعيش مهانًا ذليلًا خائفًا جبانًا يصْدُق فى حقه قول الشاعر
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
والإنسان هو من يحدد مصيره، ويختار لنفسه أحد الأمرين فالنفس الحرة الكريمة لا تقبل الضيم، ولا تفعل المنكر، ولا تقترب من الدنايا بل تفعل كل جميل، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال الشاعر:
من يفعل الخير لايحرم جوازيه
لايذهب العرف عند الله والناس
والتحرر من الخوف أمر ضرورى ولازم، وعلينا أن نفرق بين نوعين منهما أحدهما محمود، والآخر مذموم، فأما المحمود فهو الخوف من الله، ويتمثل ذلك بإتيان ما أمر به والابتعاد عما نهى عنه فيكون جزائه ما ورد فى قوله تعالى (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) أما الخوف المذموم، فهو الخوف من البشر وهذا الخوف مذموم، لأنه يكون حائلا بين الإنسان وبين قول الحق وبين الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وبين أداء ما فى ذمتك من شهادة، خوفا من هذا المتنفذ أو ذاك المسئول المتعجرف فهذا الخوف لا يكون مذموما فحسب، بل محرما قال تعالى (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه)، والخوف من الناس داء فتاك يذل صاحبه ويضر به، ويقضى على القيم والمروءة لديه، ويجعله جبانا بل إن المجتمع الذى لا يتحرر من الخوف من الناس لا يرتقى إلى العلياء، ولا يكون صالحًا وناجحًا فى أمور حياتيه الدنيا والآخرة، بل إن حقوق الضعفاء فيه تضيع وأموالهم تهدر، وأعراضهم تنتهك، بسبب ضعف الوازع الدينى، الذى يثمر الخوف من البشر أكثر من الخوف من الله، وما واقعنا الذى نعيش فيه ببعيد عن هذا البلاء والداء فكم من حقوق للضعفاء والمساكين تضيع، وأموال تنهب جهارا نهارا على مرأى ومسمع من الناس، لكن هذا الضعيف وذاك المسكين لا يجد من ينصره ويشد أزره، ويشهد معه بالحق أمام القضاء، بسبب الخوف من المتنفذين والظلمة المعتدين فيقوم الضعيف بالاستنصار والاستشهاد بمن كان حاضرا وقت الواقعة، فلا يجد رجلا حرًا يخاف الله، وقد تجد شاهدًا يقدم اعتذاره ويبدى كذبا عدم علمه بالواقعة، إن لم يختفى عند طلبه والشريعة على الظاهر، فالتحرر من الخوف أمر لازم وضرورى والناس أمام الشرع والقانون سواسية فى جميع الحقوق والواجبات فالخالق والرازق والنافع والضار والمحاسب والمعاقب ومن بيده الجنة والنار هو الله، وحده لا شريك له، وهو الذى يجب الخوف منه، وقد أُبتليت أمتنا بالضعف الدينى وتمجيد الزعامات وتعظيمهم والخوف عنهم، ونتيجة ذلك فقد سلطهم الله عليها فاستعبدوها وداسوا كرامتها، ولم تجرؤ شعوبهم على معارضتهم أو الوقوف ضدهم أو مخالفتهم وصدق الله القائل (نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ)، ولابد من اليقضة والتحرر من الخوف المذموم إلى الخوف المحمود والواجب، وهو الخوف من الله الذى بيده مقاليد السموات والأرض وهو على كل شىء قدير.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة