منذ اندلاع الثورة فى الخامس والعشرين من يناير والحرائق مشتعلة فى كل مكان تقريبا, أدرك أن الثورة نور يضيئ لنا الطريق نحو غد أفضل، ونارًا تحرق ماضينا اللعين بكل سلبياته، وليست نارًا تحرق قلوبنا, لقد قام الشعب بثورتين وتلك حقيقة، لكننا حتى الآن لم نحقق أهداف أى منهما, فلا عدالة اجتماعية ولا عيش ولا حرية والوضع كما نرى لا يخفى على أحد بل ازداد الأمر سوءًا فالحكومة حريصة على رفع الأسعار بدعوى أن هذا الإجراء يصب فى النهاية فى مصلحة المواطن البسيط محدود الدخل, هكذا كتب عليه أن يكون كذلك منذ الخلق الأول! ولأنه كذلك فقد رأت الحكومة أن ترفع أسعار كل ما يمس حياته من كهرباء وغاز، وهى سلع أساسية تمس حياة الشعب بأسره, وما يترتب على تحريك أسعارها أمر غير مأمون العواقب بالمرة، فارتفاع أسعار الكهرباء والغاز والبنزين والسولار، سينتج عنه ارتفاع باقى أسعار السلع من أول رغيف الخبز حتى الخضروات ووسائل النقل والمواصلات, تلك السلع يجب إعادة النظر فى رفع أسعارها، فى أقرب وقت لارتباطها الوثيق بحياة الناس، على أن نضع فى الاعتبار أسباب قيام الثورات والاحتجاجات من أول ثورة يناير رجوعًا إلى أول ثورة قام بها الإنسان, افتقاد العدالة فى حياة المواطن وإحساسه بالظلم, وعدم المساواة بينه وبين من يعيشون حوله من أبناء وطنه, إحساس يترك فى القلب مرارة وفى النفس لوعة وحرمان يتحول إلى دخان يملأ الصدور إيذانًا باشتعال النيران، وتصاعد أعمدة الدخان فى أعمدة ومرافق النظم الحاكمة, إن ارتفاع الأسعار بدلاً من البحث عن موارد جديدة نحسن بها مستوى المعيشة، سيؤدى حتمًا إلى اشتعال الحرائق فى كل مكان وبيت وحارة وطريق, سترتفع أسعار السلع تباعًا, فالكل مرتبط بالكل والمركب واحدة, سيضج الناس أكثر وتكثر الوقفات الاحتجاجية رغم قانون تنظيم التظاهر ويعيش الناس فى كرب عظيم أكثر مما يعيشون الآن, العدالة هى أن نحدث التوازن فى مستوى المعيشة بين الأفراد, وكما حددنا خارطة الطريق يمكن أن نضع تصورًا زمنيًا لتحقيق ذلك, لكننا للأسف نخشى من أنفسنا, وأصحاب المصالح متربصين بالحكومة والحكومة متربصة بالمواطن والشعب نصفه تحت خط الفقر، دعنا من الدين ومن السياسة ولنتبنى نظامًا وسطًا, نظامًاعادلاً فى ظله يجد المواطن قوت يومه بكرامة، بعيدًا عن صناديق القمامة.. بالأمس القريب كان مسجد الفتح بميدان رمسيس يقوم بدور كبير فى التكافل الاجتماعى, منظر يُفرحك ويُحزنك فى آن واحد, طوابير من البشر اصطفت فى انتظار وجبة طعام كل يوم ساعة العصارى, تحسبهم أغنياء من التعفف, من الدين أن تحفظ للإنسان كرامته، ومن السياسة أيضا أن نعدل بين الناس ففى ذلك إحياء للقيم التى نادت بها الأديان السماوية والوضعية وكل الفلسفات والمذاهب.
اشتعال الأسعار ماض ويمضى معه اندلاع الحرائق فى كل محافظة من محافظات مصر, ترى هل هناك علاقة بين ارتفاع الأسعار وارتفاع ألسنة اللهب ؟
محمود السيد يكتب: ارتفاع الأسعار واشتعال الحرائق
الخميس، 08 مايو 2014 10:08 م