هكذا بدأنى صديقى فى اتصاله التليفونى، وما لفت انتباهى كمية الأسى والحزن فى نبرات صوته، فقد بدا صوته مجهدًا كأنه مل من الشكوى، ولم يعد عنده ما يقوله.
حاولت أحتوى غضبه وحزنه، وقلت له أعرف عن سيناء الكثير،
فسيناء هى من تجلى عليها رب الأرباب، وسيناء هى ممر الأنبياء، وسيناء هى التى ذكرها رب العالمين أكثر من مرة فى كتابه العظيم، فمكانة سيناء الدينية معروفة، أم إنك يا صديقى تقصد بسيناء الثروات الطبيعية ؟ فهى لا مثيل لها ففى سيناء أيضًا الكنوز من الثروات التى لو تم استغلالها لكان لها التأثير المباشر على اقتصاد مصر عامة.
أم إنك تطمح يا صديقى أن أشرح لك قيمة سيناء السياحية وشهرتها فى هذا المجال، التى جابت الآفاق، ففيها من الشواطئ ما يعجز اللسان عن وصفه.
فرد عليا صديقى بكلمات كانت صادمة بالنسبة لى فقد قال..
كل ما ذكرته جميل يا عزيزى، تاريخ دينى ووطنى مشرف هذه حقيقة وكذلك ثروات طبيعية منحة من رب العالمين لسيناء ومصر كلهاز
ولا أنكر عليك أيضًا ذكرك للسياحة وشهرتها، ولكن يا صديقى لقد نسيت أهم شىء.
لقد نسيت يا صديقى الإنسان فى سيناء، أين هو من حديثك الشيق عن سيناء ؟
هل سيناء فقط هى تلك الجبال والرمال والشواطئ؟
أم أن البشر فى سيناء مستبعد من الخريطة الحياتية لهذا الجزء العزيز على كل مصرى ؟
قلت لصديقى معك حق، ولكنى أرجوك أن تخفف عن نفسك وتصارحنى بآمالك وأحلامك التى تتمناها أن تحدث فى سيناء
فقال لى ( قبل أن أذهب إلى الآمال لابد أن نجد حلا للآلام)، فقد تم تشويه أبناء سيناء من خلال حملة شرسة لم تفرق بين الإرهابى الدخيل والذى اثبتت الأيام والأحداث أن معظمهم ليسوا مصريين بالأساس، وإن كان منهم مصريون فهم من جميع المحافظات الأخرى وليس أبناء سيناء فقط. فكيف يوصمون أبناء سيناء بالإرهاب؟
سألت صديقى وما الأسباب التى جعلتك تؤكد هذه الفكرة ؟
قال.. يكفى أن تحمل سيارتك أرقام سيناء حتى تحل عليك لعنة الإرهاب، فعليك أن تتحمل كل ما يحدث لك فى كل كمين سوف تتوقف عنده ليس فى سيناء فقط بل فى جميع أنحاء الجمهورية.
واستطرد صديقى قائلا: "أتذكر أيام الإرهاب فى صعيد مصر كان للأسف نفس التصرفات فكل صعيدى يأتى من الصعيد هو فى دائرة الاتهام حتى يثبت هو العكس وكأن التاريخ يعيد نفسه
فما عليك أيضًا إلا أن تحمل بطاقة مدون بها أنك تقطن سيناء وسوف تتعرض أيضًا لتلك المضايقات فلا فرق بين الصالح والطالح".
وتناسى الجميع ما يقوم به أبناء سيناء من مجهودات مشهودة لمكافحة الإرهاب، يشهد بها القيادات الأمنية والعسكرية وهى صاحبة الاختصاص الأصيل فى دحر الإرهاب.
وتساءل صديقى "ألم يتذكر هؤلاء دور أبناء سيناء فى دفع الاحتلال الإسرائيلى والبطولات التى آثروا بها التاريخ العسكرى المصرى؟"
"ولماذا لا يسود القانون ويطبق على الجميع ؟" فمن يسىء يعاقب أياً كان مركزه، وكذلك من يحسن يثاب حتى يحس بالعدالة الاجتماعية التى طمح إليها الجميع.
قلت لصديقى هدئ من روعك، فما أعرفه عنك أنك شخص مثقف وعاشق لتراب هذا الوطن الكبير، وأنت تعلم ما تمر به مصر فى الفترة الحالية من هجمة شرسة من إرهاب أعمى لا يفرق بين كبير وصغير، وأنا أعلم أن هناك بعض التجاوزات ليس فى نطاق سيناء فقط بل التجاوز موجود فى جميع المحافظات، ولكنك أيضًا تشاهد كمية الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل أمن المواطن من رجال الشرطة والقوات المسلحة.
وتأكد يا صديقى أن مصر مقبلة على دولة القانون، وما أرجوه منك ومن كل مصرى شريف محب لوطنه غيور عليه، أن يتحمل تلك الفترة العصيبة على الجميع.
ولكنك يا صديقى لم تقل لى شيئًا عن آمالك وطموحاتك، فقد الهتك السلبيات.
قال صديقى. . لن أطيل عليك فى هذا الصدد، فالتنمية ولا شىء غير التنمية، فبالتنمية نقضى على الإرهاب كما حدث فى صعيد مصر.
وبالتنمية تفتح سيناء ذراعيها مستقبلةً أهل الوادى الضيق الذين ضاقت عليهم سبل المعيشة بسبب انحسار الرقعة الزراعية وقلة الأرزاق، وبالتنمية يزيد عدد سكان سيناء ليكونوا حائط الصد الأول فى وجه كل من تسول له نفسه التفكير فى إعادة كرة الغدر طمعًا فى سيناء الفارغة من السكان.
صديقى العزيز طمعًا فى كرم رب العالمين على مصر، سوف تتغير الأحوال إلى الأفضل بمشيئة الله، وسوف يرتفع سقف أحلامك وطموحاتك فى غد مشرق (وإذا كان صدر هذا اليوم ولَى.... فإن غدًا لناظره قريب) .
