الحفاظ على الأرض الزراعية قضية "أمن قومى"..محمد فودة يكتب :على مدار 3 سنوات تعرضت الرقعة الزراعية لأكبر انفلات أمنى ..وفوضى البناء المخالف بعيد عن رقابة الدولة يهدد بكارثة

الأربعاء، 07 مايو 2014 07:22 م
الحفاظ على الأرض الزراعية قضية "أمن قومى"..محمد فودة يكتب :على مدار 3 سنوات تعرضت الرقعة الزراعية لأكبر انفلات أمنى ..وفوضى البناء المخالف بعيد عن رقابة الدولة يهدد بكارثة الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة
بقلم محمد فودة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعيش مصر الآن أزمة حقيقية ومشكلة تصل إلى حجم الكارثة، تلك المشكلة تتمثل فى هذا الكم الهائل من التعديات التى تعرضت لها الأرض الزراعية على مدى أكثر من 3 سنوات، بالتحديد بعد ثورة 25 يناير وما تلاها من انفلات أمنى وفوضى لم يكن لها مثيل من قبل، فقد ترتب عن هذا الانفلات الأمنى الكثير والكثير من حالات التعدى على الأرض الزراعية والقيام بالبناء عليها فى غفلة من القانون وبعيداً عن رقابة الدولة، وشيئا فشيئا تحولت المشكلة إلى «كارثة» من الحجم الثقيل.

وقد تابعت عن كثب ما تقوم به وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى من حملات مكثفة وإجراءات صارمة من أجل إزالة التعديات التى تعرضت والتى ما تزال تتعرض لها الرقعة الزراعية فى مختلف محافظات مصر، والحق يقال إن ما تقوم به وزارة الزراعة لم يأت من فراغ أو مجرد إجراء تحكمه الظروف، وإنما جاء انعكاساً طبيعياً للفكر الذى يؤمن به ويسير على نهجه الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، والذى كان سبباً فى الدفع بالمشكلة داخل دائرة الضوء.

ولأننى أرى أن ما يحدث الآن يمثل تهديداً صريحاً لمستقبل الأمة فإننى أطالب بإطلاق حملة قومية تستكمل ما بدأه وزير الزراعة وذلك لتوعية وتثقيف الناس بخطورة المشكلة، وضرورة التصدى لها ومنع أى تعديات جديدة بل والقيام أيضا بإزالة تلك التعديات التى يتعامل من ارتكبوها وكأنها أمر واقع وهى فى حقيقة الأمر مشكلة غاية فى التعقيد وأراها لا تقل فى خطورتها عن قضية «تجريف الأرض الزراعية» التى شهدتها مصر من قبل خلال فترة السبعينيات حينما تعرضت أرض مصر الزراعية لهجمة شرسة من أصحاب مصانع الطوب الذين سعوا للحصول على الطمى باعتباره أحد مستلزمات إنتاج الطوب، وقيامهم بانتزاع الطبقة السطحية من الأرض الزراعية، مما ترتب عليه انخفاض ملحوظ فى الإنتاج الزراعى طوال السنوات الأخيرة، وقتها والحق يقال فإن الدولة تصدت بكل حزم وشدة وضربت بيد من حديد هؤلاء الذين أجرموا فى حق الرقعة الزراعية بل صدرت قرارات شديدة الحسم تصل فى قوتها إلى قوة القانون وإحقاقاً للحق فإن نجاح الدولة فى التصدى لأزمة تجريف الأرض الزراعية لم يكن آنذاك عملاً فردياً أو مسؤولية جهة معينة، بكل شاركت فيه جميع الأجهزة المعنية فجاءت النتائج إيجابية، وتم اجتثاث المشكلة من جذورها على الرغم من أنها كانت تبدو فى أول الأمر وكأنها مشكلة مستعصية الحل.

ولن أكون مبالغاً إن قلت، إن هذه الحملة القومية للتوعية من خلالها وتثقيف الناس بخطورة التعدى على الأرض الزراعية يجب على الرئيس الذى ستنتخبه الملايين خلال الأيام المقبلة ليحكم مصر أن يضعها فى مقدمة أولوياته، وأن تكون ضمن برنامجه الانتخابى وذلك من أجل حماية حقوق الأجيال القادمة، فالرقعة الزراعية تمثل قيمة عالية جداً فى وجدان الشعب المصرى، حيث قدسها القدماء المصريون فكانت مصر أول دولة فى التاريخ تقوم بتنظيم مواعيد للزراعة، كما أن المصريين القدماء قدموا للعالم وللحضارة الإنسانية أول تقويم علمى للزراعة.

والحق يقال، إن الدكتور أيمن فريد أبو حديد منذ توليه منصب وزير الزراعة وهو لا يهدأ عن العمل، بل ويصر على متابعة كل خطوة تتم فى هذا الأمر، حتى إنه يشارك بنفسه على رأس حملات إزالة التعديات على الأراضى الزراعية، وذلك على الرغم من كل تلك المخاطر التى تحيط هذا النشاط فهو لم يتردد لحظة فى المضى قدماً فى تنفيذ أكبر حملة لإزالة التعديات على الأراضى الزراعية لأنه على يقين بأنه يخاطر بنفسه من أجل المصلحة العليا لمصر، حيث قامت الوزارة بتنظيم حملات يومية للإزالة بالمحافظات المختلفة، بالتنسيق مع العديد من الأجهزة المعنية من الحكم المحلى بالمحافظات وقوات الأمن وجهاز تحسين الأراضى، وذلك بغرض تأهيل الأراضى من جديد وزراعتها للاستفادة منها، وبالفعل نجحت هذه الحملات فى إزالة 123 ألفا و404 حالات على مساحة 7 آلاف و186 فدانا فى مختلف المحافظات.

ولأن تنفيذ أى حملة قومية من الصعب جداً أن يتم بشكل كامل اعتماداً على إمكانات وزارة بعينها فإننى أرى ضرورة مشاركة جميع فئات المجتمع فيها للوقوف جنباً إلى جنب وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى لذا أرى ضرورة مشاركة نخبة من الكتاب والمثقفين والإعلاميين ونجوم الفن والرياضة والشخصيات العامة التى تحظى بجماهيرية تؤهلها لمخاطبة المجتمع بضرورة التصدى لظاهرة الاعتداء على الأرض الزراعية والعمل على تثقيف الناس وتوجيه رسائل غير مباشرة إلى الشباب والنشء الذين يمثلون الآن نصف الحاضر، بينما هم فى حقيقة الأمر سيصبحون كل المستقبل.

وحتى تأتى هذه الحملة بالنتائج الإيجابية وتحقق الأهداف المرجوة منها أقترح أن تتضمن عدة عناصر مهمة، تتمثل فى إنتاج فيلم تسجيلى يجسد المشكلة ويوضح كيف أن التعدى على الأرض الزراعية يهدد حاضر ومستقبل مصر، كما يجب أن تتضمن أيضا أغنية يكتبها أحد كبار الشعراء وتكون هذه الأغنية ذات كلمات مستوحاة من بيئة الفلاح المصرى البسيط حتى يستطيع أن يرددها الناس بكل سهولة ويسهر، ومن بين تلك العناصر التى أراها ضرورة من أجل ظهور هذه الحملة فى أفضل صورة أنه يجب أن تشارك فيها مؤسسات المجتمع المدنى وعلى وجه الخصوص تلك المؤسسات المشهود لها بالكفاءة فى العمل التطوعى وقدرتها على تقديم مشروعات وحملات خدمية وتثقيفية تستهدف فى المقام الأول تقديم كل ما هو فيه الخير لمصر.

الأمر ليس سهلاً بل هو فى منتهى الخطورة ويتطلب تحركا قويا من الدولة يعيد لها هيبتها التى سلبها اللصوص، ويقطع الطريق أمام العصابات التى احترفت السطو على أراضى الدولة واغتصاب الأرض الزراعية و«تبويرها» والقيام بالبناء عليها.

نعم الأمر لا يحتمل التعامل بالطبطبة مع هؤلاء اللصوص الذين تخص صوا فى الاستيلاء على أراضى الدولة الخاصة بشباب الخريجين وإعادة تقسيمها من جديد وتحويلها إلى مناطق سكنية مما يهدد وبشكل كبير بتآكل الرقعة الزراعية وزيادة حصة الاستيراد الغذائى من الخارج، وهو ما قد يتسبب فى نقص الغذاء وتهديد الأمن الغذائى فى مصر.

أعتقد أن حملة قومية كتلك التى أطالب بإطلاقها كفيلة بإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعى، ومن شأنها خلق حالة من الرفض العام لظاهرة الاعتداء على الأرض الزراعية طالما تكاتفت فيها الجهود المخلصة وطالما كانت نابعة من القلب وخالصة لوجه الله والوطن.










مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة